شربل نجار
هنا لبنان
09032017
الذاكرة تأخذني كل يوم لا بل كل ساعة الى ما حصل عام 2006 من تدمير رهيب للبنان وما تلا ذلك من افلاس مقصود لقلب المدينة في تلك الغزوة التي استمرت أحد
عشر شهرا. وكان للناس ولا يزال السنة طويلة ولكنها لا تحكي بل تردّد ما يقال لها كمثل ” حسبي الله ونعم الوكيل” .
وفي أي حال كانت الأمور تسير ولا تزال تسير بحسب مشيئة الله.
يومها كان رئيس حزب التيار يتكلم في الجموع ورئيس حزب الله يعبّئ الحشود واصحاب المحلات والشركات يتهاوون الشركة تلو الشركة والمحل على ظهر المحل . ويشدّني الحزن الى ذلك اليوم الذي رأيت فيه شاحنات تُفْرِغ ترابا على الطرقات فتقطعها وتفرغ رجالا سودا في الشوارع فتروّع الناس وتفرغ “زِلما” مسلحين هنا وهناك وحول وسائل إعلام أحرقها اشرف الناس.كان ذلك اليوم، يوم السابع من أيار المجيد. وتلحق بي الذاكرة معوّضة هذه المرّة، معزيّة، لتقول ان رأي الناس كان في اكثريّته عكس ما حصل وها هي انتخابات 2009 النيابية تأتي بأكثرية من صنف الذين لم يدّعوا ولم يتوهّموا أن الهزائم إنتصارات.
لم تصل فرحة الرابحين الى قرعتهم إثر فوزهم بالإنتخابات. لقد بُتِرَتْ سلطة الأكثرية يوم كان ممثّلها يمد يده مصافحا رئيس الولايات المتحدة الأميركية. ومن بترها لم يكن همّه الوطن ولا الدولة ولا الناس. وتمّ البتر بالقمصان السود التي فرّخت في الزواريب والأزقة ولهول مظهرها خاف كثيرون وخضع كثيرون وتفهّم كثيرون.
لقد انهارت تلك الأكثرية التي اختارها الشعب بعد سنة على قيامها ليتوضّح للناس كل الناس ولمرّة أخيرة أن من يملك السلاح يملك السلطة.
والسلطة الفعلية سلطة الأرض لم تستأذن سلطات متصدّعة مشرورة هنا وهناك بين وسط المدينة ومقر المقام الأول وآخر مخفر في جرود بريتال . الرئيس الفعلي صار في مكان آخر شريكا في لعبة دوليّة لم تنته فصولها بعد.
ها قد صار الضحك على الناس مكشوفاً . مهزلة تلو مهزلة . اكثر من سنتين ونصف السنة تركوا الناس يتلهون بجنس الملائكة وهم مستمرون.
وها ان اصحاب السلطة الفعلية يضعون امام اصحاب المناصب لعبة جديدة ويقولون لهم العبوا ووصل الغباء بالمناصب الى حدّ الجد في اللعب. وحتى أصحاب الرأي وأصحاب القانون وحملة الأقلام يجدّون .
المارد القيّم او من في يده السلاح يضحك على الذين يلعبون او يجدّون . كل القوانين تشبه بعضها وهي حتما ألعن من الستين ، لأن السلاح الإلهي سابق لأي دستور أي قانون لأنه إلهي ولأنه مقدس ولأن شبعا بمزارعها ومزايداتها صارت قدس الأقداس. رحم الله ياسر عرفات