اخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / “لن نشنّ حرباً شاملة على إيران كُرمى لعيون العرب”!

“لن نشنّ حرباً شاملة على إيران كُرمى لعيون العرب”!


سركيس نعوم
النهار
28052018

علّقت على اعتبار المسؤول الأميركي الكبير السابق نفسه، الذي تخلّى عن موقعه قبل سنوات بسبب اختلافات مع الرئيس الذي كان يعمل معه، أن الاعتماد في العربية السعوديّة كان على الأمير متعب بن عبدالله وعلى وليّ العهد السابق الأمير محمد بن نايف، وعلى تساؤله عن الشخصيّة التي يمكن الاعتماد عليها الآن في المملكة، قلتُ: اعتمدت السعوديّة دائماً على الحماية الأميركيّة. أسّست “حرساً وطنيّاً” من زمان طويل على يد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز لكن مُهمّته كانت توفير الحماية له ولدوره مستقبلاً وللنظام الملكي. طبعاً للمملكة جيش، لكنّه لم يَنَلْ العناية الكافية من أهل النظام ومن زمان خوفاً من أن تُراود بعض ضبّاطه فكرة الانقلاب على النظام. وكانت هذه الفكرة سائدة في حينه داخل معظم الجيوش في المنطقة. ولذلك يبقى ضعيفاً إذا جاز التعبير على هذا النحو. وكان هناك الأمن (الشرطة وغيرها) بقيادة بن نايف ووالده قبله وكانت مهمّتها مكافحة الإرهاب وممارسته في المملكة بعد استشرائه في المنطقة وتهديده لها. وقد قامت بها بنجاح لافت لاقى استحسان أميركا ودول كبرى عدّة. لكنّها لم تحمِ “صاحبها” عندما “بايع” ابن عمّه الأمير محمّد بن سلمان وليّاً للعهد في ظروف معلومة تحدّثت عنها وسائل الإعلام في العالم كلّه.

سأل: هل تضرب أميركا إيران وهل تضرب إسرائيل لبنان و”حزب الله” فيه؟ أجبتُ: الاحتمال قائم. لكن إسرائيل قد تتريّث في الأمرين إلّا إذا فرضت التطوّرات عليها ذلك. لكن خسائرها ستكون كبيرة. إذ أن صواريخ “الحزب” بالآلاف ومتنوّعة بمجالاتها، كما أنه أصبح قوّة إقليميّة بعد الدور الأساسي الذي قام به في حرب سوريا ولا يزال. وستكون الخسائر أكبر وأكثر إذا شنّت حربّاً شاملة أي بريّة وجويّة وبحريّة وصاروخيّة على الصعيدين العمراني داخلها والبشري مدنيّاً وعسكريّاً. علماً أن حرباً كهذه ستُصيب لبنان بدمار كبير وربّما شامل، وعلماً أيضاً أن “الحزب” كشعب ومؤيّدين ومقاتلين قد يخرج منها سالماً في صورة من الصور. علّق متناولاً موضوع سوريا، قال: “لا إعمار لسوريا قريباً ولا عودة للنظام الحاكمها منذ 1970، وحربها لم تنتهِ ولا تزال طويلة، وقد تكون دخلت مرحلة جديدة مختلفة عن المراحل السابقة. وربّما تكون الفيديراليّة نظامها بعد انتهاء الحرب في موعد يستحيل التكهّن به الآن. ماذا عن الأردن؟ سأل. أجبت: في شرقي الأردن تنام للحالة الأصوليّة الإسلاميّة سواء بين أفراد الشعب أو في أوساط أبناء العائلات الداخلة في الحكم والسلطة في شكل أو في آخر. هذا ما تسمعه من جهات تتابع بدقّة أوضاعه. وفيه أيضاً “الاخوان المسلمون”. والحالتان موجودتان أيضاً عند فلسطينيّي الضفّة الغربيّة الذين نزحوا إلى شرقي الأردن بعد حربي 1948 و1967. صحيح أن “الاخوان” ليسوا مثل “داعش” كما يقول الأميركيّون، لكنّهم خطر وقد يصبحون مثله. والخطير هو التواصل بل التعاون الذي قام بين أصوليّي الضفّتين و”إخوانهما”. لكن لا خوف على الأردن اليوم. أوّلاً لأن عنده جيش قوي وأجهزة أمنيّة محترفة ولأن لا خلافات داخليّة تُهدّد بحروب أهليّة فيه، ولأنّه في حال سلام تعاقدي مع إسرائيل المجاورة جغرافيّاً له والحريصة على حمايته وحماية نظامه، ولأنّه حليف مُزمن للولايات المتحدة ولأن حمايته هي قرار ثابت عندها من زمان.

سألني أخيراً عن لبنان فأجبته بما يعرفه اللبنانيّون عن أوضاعه وزعاماته وطوائفه وأحزابه والخارج المتنوّع الذي يتقاسم شعبه الذي أسمّيه شعوباً.

ماذا في جعبة ديبلوماسي أمضى سنوات وسنوات في “مكافحة الإرهاب” ثم انتقل إلى موقع غير ديبلوماسي له علاقة بالتواصل مع الناس ويتابع من خلاله هذه المكافحة؟

بدأ اللقاء بالحديث عن ترامب وما يُواجهه من تحقيقات ومشكلات، قال: “في الموضوع الداخلي أنا متأكّد ومن خلال اتصالاتي الدائمة مع “مجموعة الرئاسة” والـ”إن إس سي” أي مجلس الأمن القومي وغيرهما أن لا شيء على ترامب. ليست له أي علاقة بروسيا، وليست هناك تهمة موجّهة إليه يصعب التخلّص منها. طبعاً هناك أمور ومشكلات مثل “النساء والمغامرات”. هذه سلبيّة لكنّها لا تستحقّ الكثير من الذي يجري في شأنها سواء إعلاميّاً أو قانوناً. الرئيس ترامب كان يريد أن يتعاون مع روسيا وخصوصاً في الشرق الأوسط وفي موضوعي سوريا وإيران. لكن الأمور والتطوّرات جعلت ذلك صعباً عليه وفي الوقت نفسه على الرئيس بوتين. وهو يعرف كما الآخرون أن حلّ المشكلة مع إيران أكثر سهولة إذا تم التعاون مع روسيا. لكن كيف والتحقيقات مستمرّة في علاقته بها والشكوك مُتعاظمة والحملات متبادلة ومحاولات الإمساك به (أي ترامب) لا تنتهي”.

ماذا عن سوريا والعراق وإيران ولبنان؟ سألتُ. أجاب: “هذه الموضوعات كلّها هي كابوس  لترامب ولإدارته. طبعاً عند الدول المذكورة والأطراف أصدقاء وأميركا لها مصالح. لكنّنا لا نريد التورّط فيها كثيراً أو الانحدار أو الانجرار إلى حرب مكلفة، فحرب أفغانستان مع السوفيات لا تزال أمامنا. طبعاً لها حلفاء وعرب يكرهون إيران ونحن نساعدهم. وهناك إيران المُعادية لنا. نحن قد نكسر لها يدها، لكنّنا لن نشنّ حرباً شاملة عليها كرمى لعيون العرب، السعودية وغيرها، أو أي جهة أخرى. ايران دولة مؤسّسات. الدول العربيّة ليست كذلك. يظنّون أنّهم يستطيعون شراء كل شيء بالمال”. ماذا عن مصير “الاتفاق النووي” مع إيران في ظل إصرار الرئيس ترامب على الانسحاب منه؟ سألتُ، بماذا أجاب؟

sarkis.naoum@annahar.com.lb

اضف رد