الرئيسية / home slide / لماذا تصدر وقف الكبتاغون تعويم النظام؟

لماذا تصدر وقف الكبتاغون تعويم النظام؟

17-05-2023 | 00:25 المصدر: “النهار”

روزانا بومنصف

روزانا بومنصف

حبوب الكبتاغون (أ ف ب).

حبوب الكبتاغون (أ ف ب).

لا يزال عصيا على فهم كثر الاولوية التي احتلها وقف تصنيع #الكبتاغون وتصديره من #سوريا على شروط للحل السياسي في الانفتاح العربي (غير المشروط ) على النظام السوري واعادته الى مقعده في الجامعة العربية. اذ وفيما الدول المجاورة والمتحمسة لهذا الانفتاح تحدثت عن قرار من النظام بالتعاون في ملف الكبتاغون ، فانها اغفلت الاشارة الى اي تعهد بتوجه النظام الى الحل السياسي وفق القرار 2254 الصادر عن مجلس الامن، وان ذكره بيان وزراء خارجية بعض الدول العربية الذين اجتمعوا في العاصمة الاردنية في مطلع هذا الشهر ، او من خارجه.

لا يمكن بالنسبة الى مصادر ديبلوماسية مراقبة عدم ملاحظة تسارع الخطوات في اتجاه اعادة تعويم النظام السوري واستيعابه على نحو حاسم بدا في اجتماع وزراء الخارجية العرب بموقف حاسم للمملكة العربية السعودية من اجل تجاوز الاعتراضات والشروط تحت عناوين ابرزها وقف تهريب الكبتاغون وضبط الحدود. وقد يكون لقانون محاربة الكبتاغون الذي وقعه الرئيس الاميركي جو بايدن ويستهدف مواجهة النظام السوري أثره وفق الية تنفيذية يفترض ان تبدأ في حزيران المقبل . والمؤشر الابرز على ذلك الغارة التي قيل ان الاردن قام بها ضد معقل احد ابرز المهربين الموجودين قرب الحدود السورية الاردنية والتي تعتبرها هذه المصادر نموذجا لما هو متوقع من الالية التنفيذية للقانون الاميركي الذي كان سيستند الى تعاون الدول الحليفة في المنطقة ولا سيما تلك المتضررة من تهريب الكبتاغون اليها لا سيما الاردن والمملكة السعودية والدول الخليجية . فالقانون يُفوّض الجهات الأميركية المختصة للاستفادة من إمكاناتها وخبراتها في سبيل الوصول إلى استراتيجية لاستهداف وتعطيل وتحطيم البنية التحتية للمخدرات وتفكيك الشبكات القائمة عليها، وذلك في مدة زمنية لا تتجاوز ستة أشهر ما يجعل من حزيران المقبل الموعد المبدئي لانطلاقها . ويدعو القانون إلى تقديم الدعم للحلفاء من النواحي الدبلوماسية والاستخباراتية والتقنية، وإقامة برامج تدريبية لبناء وتطوير قدرات البلدان التي تقع ضمن خريطة تجارة المخدرات الصادرة من سوريا. كما يحض على توظيف الديبلوماسية من اجل ممارسة ضغوط اقتصادية على النظام السوري واعادة تفعيل نظام العقوبات بما فيها قانون قيصر . بدء العمل بالقانون كان سيضع النظام في وضع اكثر صعوبة مما هو فيه ان على صعيد احتمال استهدافه عسكريا بذريعة ضرب بنية تصنيع المخدرات التي حددتها الولايات المتحدة الاميركية وكذلك بريطانيا بمليارات الدولارات فيما قد يزعزع ذلك من سيطرته على المناطق التي استعادها بمساعدة ايرانية وروسية ويعيده الى الوراء او اقتصاديا كذلك فيما ان الانهيار يتزايد على نحو سيشكل عليه ضغوطا اضافية تدفعه للتنازل اكثر مما يتعين عليه ان يفعل راهنا . والاهم في هذا الاطار هو ما سيقود اليه ذلك من خرق للنظام ومحيطه المباشر فيما ان العقوبات طاولت اشخاصا من عائلة الرئيس السوري على علاقة مباشرة بصناعة الكبتاغون وادارته وتصديره . وهي أبرزت “هيمنة عائلة الأسد على الاتجار غير المشروع بالكبتاغون وتمويل عمليات القمع في البلاد”، وقد شملت القائمة سامر كمال الأسد، ووسيم بديع الأسد، وخالد قدور الشخصية الواجهة لشقيق رئيس النظام، ماهر الأسد. ما يعني ان بشار الاسد اصبح في عين العاصفة وسيفتح تورط مخابراته العسكرية واجهزته الامنية بذلك باستدراج نظرائها في المنطقة وخارجها للتصدي لها مع ما يعنيه ذلك من احتمال تهديد للبيئة المباشرة التي يتفاعل من ضمنها النظام .ويفتح المجال أمام الأعمال الاستخبارية والتجسسية بهدف السيطرة على تجارة وصناعة المخدرات تماما على غرار العمليات التي تديرها الولايات المتحدة في دول في اميركا الجنوبية ، وخاصة في ظل الاتهام الأميركي أن العملية تديرها الأجهزة الأمنية والعسكرية السورية . وكانت بريطانيا قدرت ب57 مليار دولار ما يعود للنظام السوري من تجارة الكبتاغون وان شقيق الرئيس السوري ماهر الاسد يشرف على انتاجها . وهو رقم اعتبره بعض المراقبين مبالغا فيه فيما انه شكل مؤشرا الى ان هذا الرقم اكان حقيقيا او مضخما فانه يعني ان الامور لا يمكن ان تترك على ما هي عليه . وتاليا كان لافتا ابراز بيان عمان الذي صدر عن اجتماع وزراء خارجية خمس دول عربية تمهيدا للقمة العربية ان سوريا ” وافقت على العمل مع الأردن والعراق الشهر المقبل للمساعدة في تحديد مصادر إنتاج المخدرات وتهريبها عبر حدودها “.

كان سيصعب بدء تنفيد قانون مكافحة الكبتاغون في حزيران عودة سوريا الى محيطها العربي كما الانفتاح العربي عليها فيما تختنق الدول المجاورة من المخاطر التي بات يعممها النظام وتهديده لها .

وقد تحدثت بعض الدول العربية المعنية مباشرة بهذا الموضوع اخيرا عن ابداء تعاون من جانب النظام في موضوع القضاء على صناعة الكبتاغون ووقف تصديرها وفق التعهدات التي قدمها ان للدول الخليجية والعربية التي انفتحت عليه او حتى للدول الوسيطة على غرار ما افادت به معلومات عن مفاوضات تقودها عمان بين سوريا والولايات المتحدة من اجل اطلاق الصحافي الاميركي اوستن تايس الذي يحتجزه النظام السوري منذ 2012 كما كشف وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن في اليوم العالمي لحرية الصحافة في 3 ايار الجاري وقوله ” إن الإدارة تتابع عددا من القنوات لاطلاق تايس ونتواصل مع سوريا ودولة ثالثة ونبحث عن طرق لجلبه إلى الوطن”. فيما ان النظام يبحث عن الاثمان التي يستطيع تحصيلها في مقابل ذلك مستندا الى تجربة طويلة على هذا الصعيد بمقايضة الاميركيين لا سيما فيما كان لا يزال يتحكم بلبنان والذي يتحضر لاستعادة حضوره فيه .

وايا تكن هذه الاعتبارات علما انها ليست وحدها وراء اعادة استيعاب النظام السوري، فان هناك امرين يبرزان : احدهما الايحاء بان ثمة مدا تغييريا كبيرا في المنطقة يحدث معه تغيرات كبيرة من بينها ما يحصل مع النظام ومن بينها انهاء الاستحقاقات الدستورية في لبنان قريبا . والاخر هو عدم القدرة على لجم الانطباعات باتجاهات ترجح توزيعا اقليميا لدول المنطقة لا يسنده شيء ولكن لا ينقضه شيء ايضا .


rosana.boumonsef@annahar.com.lb


الكلمات الدالة

الكبتاغون سوريا