19-06-2021 | 00:06 المصدر: النهار


لقاء بوتين وبايدن في جنيف (أ ف ب).
على رغم ان لا الرئيس الاميركي جو بايدن تحدث في مؤتمره الصحافي بعد القمة مع نظيره الروسي في جنيف في الملف السوري وكذلك لم يفعل الرئيس فلاديمير بوتين في مؤتمره الصحافي ، فان الموضوع السوري تم بحثه فيما لا تزال المواقف من الانتخابات الرئاسية التي اعادت بشار الاسد لولاية رابعة حديثة جدا وقد اعتبرتها واشنطن انتخابات ” غير شرعية” نتيجة مطالبتها مع الدول الغربية بوجوب ان تندرج تحت موجبات القرار 2254 على عكس روسيا التي اعتبرت الانتخابات منسجة مع الدستور السوري. اشار الاميركيون الى ان اختبارا للتعاون ابدت موسكو استعدادها له في مواضيع سوريا وافغانستان وايران منتظر قبل 10 تموز المقبل، وهو الموعد المرتقب لتحديد ما اذا كانت روسيا ستوافق على توسيع الممرات الانسانية فيما كانت عارضت ذلك سابقا حصرا لمرور كل المساعدات عبر النظام السوري وعلى سبيل اعادة الاعتراف بشرعيته في اثناء مناقشة القرار 2533 .
وقال الرئيس الاميركي انه قال لنظيره الروسي ” انه لا يمكن الوثوق بالرئيس السوري”. وفي ذلك اشارة الى تجربة استخدام الاخير السلاح الكيماوي ضد شعبه وتعهده لروسيا في اثناء ولاية الرئيس باراك اوباما بتسليم اسلحته الكيماوية في حين اخل بهذه التعهدات وتقارير الامم المتحدة تشير الى استخدامه هذه الاسلحة تكرارا بعد ذلك وفق ما تم عرض ذلك في مناقشات خاصة حول الاسلحة الكيماوية في سوريا في 3 حزيران الجاري في مجلس الامن. ويشكل الملف السوري الحاحا كبيرا لدى روسيا التي جهدت في الاشهر الاخيرة من اجل اعادة استيعاب النظام مجددا من ضمن الجامعة العربية ومن الدول الخليجية وانخراط هذه الاخيرة مجددا في سوريا والمساهمة في اعادة اعمارها وكذلك اهتمت بالسعي الى لملمة الوضع اللبناني خشية انعكاس المزيد من الانهيار اللبناني على النظام ، وذلك على عكس ما تراه الولايات المتحدة من ادارة “جيدة ” للازمة من جانب روسيا بحيث لم يعد الوضع مقلقا من الناحية العسكرية وتاليا لم يعد ملحا لبحثه راهنا في ظل اولويات اخرى لدى الادارة الاميركية.
يضاف الى ذلك ان الامر يعني نقض واشنطن والدول الغربية راهنا ما ذهبت اليه افراديا او جماعيا عبر مجموعة السبع من موقف يؤكد شروطا معينة قبل الانتخابات السورية لم يتم التزامها من النظام او رعاته. فالالحاح روسي في الدرجة الاولى فيما ان هناك قضايا عدة للتفاوض بين موسكو وواشنطن والدول الغربية وتاليا للمقايضة.
المتابعة لما يتصل بالملف السوري في القمة التي جمعت بين بايدن وبوتين كانت استشفافا لتداعيات ذلك على لبنان من باب ارتباطه وتأثره بما يجري في المنطقة وفي جواره لا سيما ان نقطة الثقل المعول عليها من البعض استندت الى ” تثبيت” شرعية الاسد وفق ما ذهب هؤلاء ما يدعم اكثر المحور الايراني في المنطقة وتاليا يزخمه في لبنان بما يحقق انتصارات معينة معطوفة على الانفتاح الاميركي على العودة الى الاتفاق النووي والعمل به مجددا وتاليا رفع العقوبات عن ايران. فلبنان كان دوما بالنسبة الى بعض الدول المؤثرة يتم التعامل معه من زاوية التعامل مع الموضوع السوري وقد تم احياء ذلك بعد انفراد لبنان بالاهتمام في 2005 وما بعده ليعود ربطه مجددا به قسرا.
ولا يخطر في الاذهان ان تثبيت هذه الشرعية، اذا وردت في المدى المنظور، قد تنهي زمن ما يسمى “بحلف الاقليات ” خصوصا ان ما تم تعميمه عن انفتاح سعودي قريب على النظام دحضه الى حد كبير في حديث صحافي مندوب المملكة السعودية لدى المنظمة الدولية في نيويورك عبدالله المعلمي اذ تحدث عن شروط وخطوات مطلوبة من النظام السوري قبل الوصول الى ذلك. فسياسيون كثر يرون انه تم ربط لبنان بقوة بسوريا اكثر من السابق الى درجة محاولة تحويل اقتصاد لبنان بعد تدميره الى ما يشبه الاقتصاد السوري وكذلك في الضيق الاجتماعي والمعيشي والانهيار المالي على رغم اختلاف الاسباب . والدعم العملاني للجيش اللبناني من الخارج انما تم على خلفية الحؤول دون انحلال اخر المؤسسات اللبنانية التي لا تزال صامدة في ظل انهيار كل المؤسسات الاخرى لا سيما ان تجربة العراق لا تزال ماثلة في الاذهان حين حل الاميركيون الجيش العراقي فكانت النتيجة وخيمة على كل المستويات بالنسبة الى العراق كما بالنسبة الى المنطقة ودول العالم.
اذ يمنع الدعم سقوط لبنان كليا في ايدي ” حزب الله” المتفرج على تفاعلات الازمة الحكومية وتداعياتها محيدا نفسه ظاهريا عن الانخراط فيها ومقترحا حلولا من وراء البحار لازماته الاقتصادية اما بالتوجه شرقا او باستيراد المحروقات من ايران بدلا من التركيز على ضرورة حل الازمة الحكومية التي تحل باقي الازمات ، وذلك نتيجة الانتظارات المفترضة لكل من ملف ايران وتاليا سوريا قبل البت في موضوع لبنان. وهذا لا ينفي الشق الداخلي من الازمة المتمرسة وراء الرغبة في تعديل اتفاق الطائف بالممارسة وفق لبيانات رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي او المتمرسة وراء طموحات رئاسية ترغب في اعادة استحضار تجربة 2016 ، لكن لفت السياسيون المعنيون الى ما قاله قائد الجيش جوزف عون في مداخلته في مؤتمر دعم الجيش ” يبدو واضحا انعدام فرص الحلول في وقت قريب “. فهذا يعرفه اهل السلطة جميعهم ويلهون الناس بمحاولاتهم او بمبادراتهم تقطيعا للوقت او شراء له من اجل اظهار استمرار وجود سلطة بين ايديهم تسمح لهم بذلك في حين ان لا سلطة ولا اموال يتحكمون بها كما في السابق ، فتزداد خلافاتهم على ما تبقى منها في انتظار ما تؤدي اليه الاجتماعات الدولية او المباحثات الاقليمية ليس الا.
rosana.boumonsef@annahar.com.lbالكلمات الدالة