02-02-2023 | 00:00 المصدر: “النهار”

جولة داخل سوبرماركت (نبيل اسماعيل).
ما قاله الزعيم الاشتراكي #وليد جنبلاط في قائد الجيش العماد #جوزف عون، وكذلك ما قاله نجله النائب تيمور حول الجنرال في يوم واحد، أغفل ميزة جديرة بأن تؤخذ في الاعتبار من الآن فصاعداً، وهي ضرورة الإتيان برئيس جديد للجمهورية يستطيع فورا توفير حصص غذائية لمعظم اللبنانيين الذين شارفوا المجاعة.
في 25 كانون الثاني الفائت، أعلنت سفارة الولايات المتحدة الاميركية في بيروت وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) عن إطلاق “برنامج دعم عناصر #الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي LAF/ ISF Livelihood Support Program “، يوفر 72 مليون دولار على شكل دعم مالي موقّت لعناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي. وستوفّر هذه المساعدة المالية 100 دولار شهريا لكل العناصر المستحقين وذلك بموجب قانون الولايات المتحدة لمدة ستة أشهر.
وقبل ذلك، وبفضل مساعدات تلقّاها الجيش، صار بإمكان أفراد المؤسسة العسكرية الحصول على حصص غذائية كل شهر تضاف الى ما يتلقونه من راتب ودعم إضافي على غرار الـ 100 دولار شهريا التي قررت الولايات المتحدة تقديمها.
إذاً، عندما تطرح الزعامة الجنبلاطية إسم قائد الجيش ضمن لائحة المرشحين لتبوؤ منصب رئيس الجمهورية، فهي من حيث تعلم أو لا تعلم، تطرح مَن لديه رصيد الآن هو حماية مؤسسة تعيل مئات الآلاف من اللبنانيين من العوز وضيق ذات اليد، فضلا عن توفيرها الطبابة المجانية مهما بلغت كلفتها.
في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، دخل الى المعترك العام رجل الاعمال اللبناني الذي صار رئيسا للوزراء في بلده هو رفيق الحريري الذي تحلّ الذكرى السنوية لاغتياله في 14 الجاري. وقد أرفق الحريري دخوله بورشة خدمات لا سابق لها في تاريخ لبنان ابرزها تقديم عشرات الآلاف من المنح لمواطنيه لتلقّي العِلم في الجامعات في لبنان وخارجه. كما أوصلت الحصص الغذائية الى كل دار في لبنان.
لماذا هذا الكلام اليوم؟ تجيب على ذلك تغريدة رئيس المجلس التنفيذي لـ”مشروع وطن الانسان” النائب نعمة افرام من واشنطن قائلا إنه مع زميله النائب ياسين ياسين التقيا المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي WFP ديفيد بيزلي “الذي شكرناه باسم الشعب اللبناني على 750 ألف حصة غذائية توزع شهريا على اللبنانيين، وسيرتفع العدد الى مليون ومئة حصة في الشهرين المقبلين. كما يتم البحث حاليا في إمكان تأمين أدوية السرطان”.
وفق ما غرّد به النائب افرام، هناك مليون و100 ألف لبناني على جدول الحصص الغذائية التي سيقدمها البرنامج العالمي، أي ما يعادل ربع سكان هذا البلد. ولا بد من الوصول الى إحصائية دقيقة حول عدد الذين لن يحصلوا على هذه الحصص وهم بأمسّ الحاجة اليها.
بالعودة الى ملف الرئاسة الأولى الذي يتصدر الاهتمامات، سيكون صادما لو جرى استفتاء شامل في كل لبنان لمعرفة ما هي أولويات اللبنانيين. فوفقاً لكل المؤشرات، ستكون اولويتهم الوصول الى لقمة العيش في زمن انهيار القدرة الشرائية للعملة الوطنية، إضافة الى الحصول على الدواء وتوفير فرص التعليم. وفي مطابقة هذه الأولوية مع أولويات اللاعبين الرئيسيين في الاستحقاق الرئاسي، وعلى رأسهم “حزب الله”، سيتبيّن حجم الهوة وكم هي واسعة بين اللبنانيين واللاعبين الذين هم غرباء عن البلد الذي نزلوا فيه.
في الأول من شباط الجاري، أي يوم امس، كان لبنان على موعد مع دفن سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي والذي كان اكثر من 1500 ليرة بقليل ليتضاعف 10 مرات ويصبح 15 ألف ليرة. أما الفقيد الذي وُوري الثرى فقد عاش 30 عاما. وأما ولادته فكانت يوم وصل الحريري الى رئاسة الحكومة وصار على مدى نحو 3 عقود رمزا للاستقرار النقدي بما له وبما عليه، وهنا يطول الحديث الذي ستكون له مناسبة أخرى. ويمكن الاكتفاء الآن بالتقرير الذي أعدته “رويترز” عشية رفع السعر الرسمي لصرف الدولار إذ جاء فيه: “ان التحول من السعر القديم البالغ 1507 إلى 15 ألفا لا يزال بعيدا عن السوق الموازية، حيث كان التداول بالليرة عند حوالى 57 ألفاً للدولار يوم الثلثاء الماضي. ويتوقع المحللون أن يكون لهذا التحول تأثير أقل على الاقتصاد الأوسع الذي يزداد اعتمادا على الدولار، وحيث تتم معظم التداولات وفقا لسعر السوق الموازية. وقد فقدت الليرة نحو 97٪ من قيمتها منذ أن بدأت الانفصال عن معدل 1,507 عام 2019”.
وقال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لـ”رويترز” إن البنوك التجارية في البلاد “ستشهد انخفاضا في جزء من أسهمها بالليرة بمجرد ترجمتها إلى 15000 للدولار بدلا من 1500”.
وأضاف انه من أجل تخفيف تأثير هذا التحول، سيتم منح البنوك خمس سنوات “لإعادة تعويض الخسائر الناجمة عن تخفيض قيمة العملة”. في المقابل، قال مايك عازار، أحد المحللين، إن فترة الخمس سنوات لإعادة تعويض الخسائر لا تتفق مع وجهة نظر صندوق النقد الدولي بأنه يجب التعامل مع الخسائر بسرعة.
ويخلص تقرير “رويترز” الى القول: “من غير المتوقع أن يخفف التغيّر في سعر الصرف أحد أكثر جوانب الأزمة إضعافا بالنسبة للبنانيين العاديين، وهو عدم القدرة على الوصول بحرية إلى مدخراتهم بالدولار”.
ربما يصحّ اللجوء الى عبارة “لحس المبرد” كما يقول احد الخبراء. ولو جرى التأمل في فترة السنوات الخمس التي أشار اليها حاكم المركزي، سيتبيّن ان كثيرين في لبنان سينحدرون الى هاوية فقر تعيد الى الاذهان المجاعة الكبرى التي شهدها لبنان في العقد الثاني من القرن العشرين.
على غرار قائد الجيش الذي وفّر مساعدات في مؤسسة عابرة للطوائف، وكما فعل سابقا الحريري في لبنان بكل طوائفه، التفكير يجب ان يتركز على رئيس جديد للجمهورية يستبق تحوّل لبنان قريبا الى بلد حيث “نيّال من له فيه حصة غذائية”، بدلاً مما كان يقال “نيّال من له فيه مرقد عنزة”.
ahmadayyash@yahoo.com