اخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / لبنان في نيويورك : ما له وما عليه

لبنان في نيويورك : ما له وما عليه

روزانا  بو منصف
النهار
23092017

عبّرت الكلمة التي القاها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امام الجمعية العمومية للامم المتحدة عن اجماع اللبنانيين، كما كان الخطاب الذي القاه بعد انتخابه رئيساً
قبل سنة تقريبا، انطلاقا من انها بُنيت على نقاط يتفق عليها اللبنانيون ويظهر الرئيس من خلالها انه يمثل الجميع من دون استثناء، على اختلاف مواقفهم السياسية، وان ردود الفعل التي استبقت خطابه على خلفية تضخيم او تفسير موقف الرئيس الاميركي دونالد ترامب من موضوع النازحين قد ساهمت في اعطاء زخم للموقف الرسمي الذي عبّر عنه. فالكلمة تناولت في محورها الاساسي موضوع النازحين السوريين التي يلتقي كل اللبنانيين على ضرورة عودتهم الى بلادهم في اقرب فرصة ممكنة ايا تكن المقاربات المعتمدة من الافرقاء السياسيين او اختلاف هذه المقاربات، حتى بالنسبة الى البعض ممن يعتبر ان اثارة هذا الموضوع من اعلى منبر دولي لن تحصد في الداخل سوى مكسب سياسي باعتباره الحصان الرابح في هذه المرحلة جنبا الى جنب محاربة الارهاب، واختيار الموضوع هو نقطة موفقة وذكية، علما ان لبنان يرفعه في كل المحافل، والرئيس عون جسّد ما يتفق عليه اللبنانيون في هذا الخطاب ليس إلا، وذلك على عكس ما تضمّنه حديثه الصحافي الوحيد الذي ادلى به، وعلى عكس اللقاء الذي عقده وزير الخارجية جبران باسيل مع نظيره السوري وليد المعلم. ومع ان المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية اصدر توضيحا للحديث الصحافي قال فيه ان الكلام المنسوب الى رئيس الجمهورية غير دقيق، فان البيان لم يوضح النقاط غير الدقيقة وإن كان فُهم انها تتعلق بالكلام على دور “حزب الله”، وذلك على رغم اتصالات حصلت بين نيويورك وبيروت تحدثت عن اللقاءات التي عقدها رئيس الجمهورية مع الجالية اللبنانية في نيويورك، اذ نقل في هذه الاتصالات ان ما قاله الرئيس عون في موضوع الحزب وما يؤمن به على هذا الصعيد، او على الاقل ما نُسب اليه قوله امامهم في هذا الموضوع، لم يختلف اطلاقا عما نُسب اليه قوله في هذا الشأن في الحديث الصحافي. وينبغي القول ان احدا من السياسيين لم يتوقف كثيرا عند طبيعة الوفد الرئاسي على رغم انتقادات كثيرة في هذا المجال باعتبار انه لم يكن شاملا ومعبّرا عن الافرقاء اللبنانيين، لكن ما تم التوقف عنده في شكل اساسي امران: اولا، عدم مشاركة رئيس الجمهورية في العشاء الذي اقامه الرئيس ترامب، وهو ما يعتبر ديبلوماسيا امرا غير مناسب لان أي عبارة او كلمة يمكن ان يقولها الرئيس عون للرئيس الاميركي لدى مصافحته تعد فرصة تم تفويتها انطلاقا من ان اي تواصل من اي نوع كان افضل من مقاطعة العشاء، علما ان مكتب الرئاسة لم يوضح اسباب المقاطعة وترك المجال للتكهنات على وقع محاولة توظيف انزعاج من كلام الرئيس الاميركي عن النازحين، او من اشارته الى “حزب الله” ومساواته بـ” القاعدة”. ويشير اصحاب هذا الرأي الديبلوماسي الى ان هذه الذريعة في حال وجدت، علما انه لم يُشر اليها اطلاقا من جانب فريق رئيس الجمهورية، لا معنى لها لان الوفد الايراني كان حريصا على التواجد بقوة، ووزير الخارجية الايراني التقى نظيره الاميركي. وثانيا هو ان اللقاءات التي تعقد عادة على هامش اعمال الجمعية العمومية والخطابات التي تلقى امامها تعد اهم بكثير من اي محطة اخرى فيها، وهي كانت مناسبة لتثبيت حضور لبنان واعادته الى الواجهة عبر موقعه الرئاسي، فيما كادت تغيب اللقاءات الجانبية للرئيس اللبناني الى حد بدا واضحا ان الغاية من المشاركة هي القاء كلمة لبنان ليس إلا. في حين انه كان محبذا ديبلوماسيا تنظيم او عقد لقاءات مع مسؤولين اميركيين ومسؤولين من دول اخرى من اجل توضيح موقف لبنان ونقل هواجسه.

الجانب الايجابي الداخلي الذي خلّفته كلمة رئيس الجمهورية سرعان ما طغى عليه اللقاء الذي عقده وزير الخارجية مع نظيره السوري، وقد نقل إعلام تياره (الوطني الحر) انه هو الذي طلب اللقاء. والدلالة الفورية البارزة هي انه فيما يتحدث رئيس الجمهورية عن وحدة اللبنانيين في خطابه فان اللقاء يدحضها انطلاقا من ان لا اتفاق لبنانيا ورسميا على الانفتاح على النظام وتطبيع العلاقات معه. فالمشهد تبعا لذلك واكثر من اي وقت مضى هو ان كلاً من الافرقاء السياسيين “فاتح على حسابه” ويطبق سياسة خارجية خاصة به من دون حد ادنى من امكان الاجتماع للحوار ووضع الموضوع على الطاولة من اجل البحث في سبل ايجاد تسوية او اتفاق حول ما يجب اعتماده إن في موضوع النازحين او في موضوع العلاقة مع النظام السوري. فهل السياسة الخارجية يضعها وزير الخارجية ام تضعها الحكومة مجتمعة ؟ وهل لوجود حكومة واحدة او تضامن وزاري اي معنى، وما الذي يتعين على الخارج ان يتعامل معه مع لبنان في هذا الاطار، موقف رئيس الحكومة الرافض للتطبيع ام موقف وزير الخارجية ومعه وزراء “حزب الله” ؟ واي موقف يغطي رئيس الجمهورية، موقف رئيس الحكومة، وقد قيل لدى تبنّي ترشيح العماد عون للرئاسة ان هناك توافقا على هذا الموضوع ام موقف صهره وزير الخارجية ؟ ثم لماذا على لبنان ان يأتي في مستوى اقل من النظام السوري الذي يتعين عليه ان يسعى الى تلمس اي ايجابية من لبنان وليس العكس؟ في اي حال ان هذا اللقاء توج مجموعة الانتقادات الكثيرة للمكوكية الانتخابية التي يقوم بها باسيل في انحاء الولايات الاميركية ومضمون الخطابات التي يلقيها ايضا.

اضف رد