10-04-2021 | 00:27 المصدر: النهار


مزارع شبعا.
ما كشفه الديبلوماسي الاميركي السابق والموفد الى سوريا ولبنان فريدريك هوف عن اعتراف للرئيس السوري بشار الاسد في لقاء معه في 28 شباط 2011 اي قبل 11 يوما من انطلاق الانتفاضة السورية ضده من ان ” مزارع شبعا سورية رغم ادعاء ” حزب الله” انها لبنانية للحفاظ على صفة ” المقاومة” يكتسب اهمية كبيرة اولا : على خلفية الصدقية التي تمتع بها ذاك الوسيط الاميركي. وثانيا: في توقيت بالغ الاهمية يدفع الى التساؤل حول اعداد راهن او اخير لتثبيت رفع لبنان شروطه ومطالبه في الحدود البحرية مع اسرائيل على نحو مناقض كليا لما تم العمل على اساسه خلال اكثر من عشر سنوات، فيرتبط المرسوم الجديد بالذهاب الى مزارع شبعا بحرية بديلة من مزارع شبعا البرية التي استنفدت اهدافها. ما كشفه هوف في الواقع يرقى الى نقض رئاسي سوري لمزاعم سورية سابقة بلبنانية مزارع شبعا من دون تسليم لبنان الاوراق والوثائق التي تسمح له باثبات ذلك امام الامم المتحدة انما حصل في العام 2000 في حمأة ارتباك سوري على اثر وفاة الرئيس حافظ الاسد وانسحاب اسرائيلي قرره يهودا باراك من لبنان. عايش اللبنانيون تلك المرحلة واختراع ذريعة مزارع شبعا ليس لان المزارع ليست لبنانية انما لان لبنان صمت على احتلال اسرائيل لها مع احتلالها الجولان في العام 1976 من دون ان ينبث ببنت شفة. حين خرج مسؤولون واعلاميون لبنانيون في العام 2000 يتحدثون عن المزارع التي نبتت فجأة كذريعة لابقاء سلاح ” حزب الله” على قاعدة ان المزارع تخضع للقرار 242 وليس للقرار 425 بمعنى ان تحريرها مرتبط بتحرير الجولان ولا علاقة للبنانيين بذلك، تم سوق اتهامات فورية من حلفاء النظام لهؤلاء بالعمالة لاسرائيل او خدمتها فيما كشف بشار الاسد هذا السيناريو امام الديبلوماسي الاميركي في 2011 . يروي هوف انه حين كان يحاول” لعب دور الوساطة لعقد اتفاق سلام بين سوريا وإسرائيل منذ عشر سنوات، لا يمكنني أن أنسى ما قاله الرئيس السوري بشار الأسد عندما شرح لي السبب الذي يجعل تبرير “حزب الله” للتمسك بسلاحه بعد أيار 2000 خاطئاً. يزعم الحزب أن إسرائيل لا تزال تحتل أرضاً لبنانية، وهي مزارع شبعا وتلال كفر شوبا. لكن كان موقف الأسد واضحاً وصريحاً: تلك الأرض سورية”. كان الامر حينذاك من اجل سوريا وليس فقط من اجل ” حزب الله” وحده فقد كان لبنان تحت السيطرة السورية المباشرة حتى العام 2005 وكان لبنان ورقة لخدمة سوريا ويمنع على لبنان استعادة اراضيه كاملة او الاقرار بذلك قبل ان تستعيد سوريا الجولان فيما كانت تبقي لبنان ساحة مناوشاتها ورسائلها لغايات واهداف متعددة . وتسلم الحزب من النظام السوري الراية مكملا سياسته بالالاصالة عن نفسه وعن ايران وبالنيابة عن النظام السوري. نقطتان لافتان في ما كشفه هوف في مقاله في نيوزلاين ماغازين والذي يشكل جزءا من كتاب مرتقب له . الاولى ان النظام السوري استخدم لبنان بذريعة توظيف موضوع مزارع شبعا من اجل ابقاء سلاح ” حزب الله” ورهن لبنان لهذا المنطق على نحو مستمر حتى الان . وهذا يكشف الحزب ايضا الذي استفاد من هذه اللعبة السياسية من اجل الابقاء على سلاحه الذي ساعده في نهاية الامر للسيطرة على لبنان لمطامع واهداف غير لبنانية وفي غير مصلحة لبنان. بقي لبنان اسيرا ولا يزال لهذا المنطق فيما ان النظام السوري الذي يعتبر مزارع شبعا له لن يقر بها للبنان فيما تتعمق ازمة الدولة خارج الدولة او فوقها على خلفية هذا المنطق. والنقطة الاخرى هي الاستعداد الذي ابداه الاسد للسلام مع اسرائيل لقاء استعادة الاراضي السورية المحتلة على قاعدة استعداده” لقطع الروابط العسكرية السورية مع إيران وإجبار لبنان على عقد السلام مع إسرائيل مقابل إبرام معاهدة سلام تضمن أن تسترجع سوريا جميع الأراضي التي استولت عليها إسرائيل خلال حرب حزيران 1967، ما يعني إخراج “حزب الله” من عباءة “المقاومة” نهائياً “. وهذا يدعو لاثارة تساؤلات عن مسؤولية انزلاق الاسد في الحرب الدموية ضد شعبه بعد اقل من اسابيع قليلة من ابداء هذه الاستعدادات امام هوف واستهانته برد فعل ايران والحزب على هذا التوجه الذي ينوي سلوكه فيما هو رمى المسؤولية على الدول الغربية واميركا فيما ان هذا التوجه كان ليكون ضد مصلحة حلفه مع ايران والحزب وقد اصبح رهينتهما بعد انطلاث الثورة ويدين لهما ببقائه في السلطة فيما سارعا على عجل لانقاذه. اليس مستغربا او غريبا ان تنقلب الامور من رغبة لدى الاسد للتخلص من تحالفه الاستراتيجي مع ايران والحزب الى تحوله مدينا لهما الى جانب روسيا في بقائه . لعله اخطأ جدا في تقدير مدى قدرته على ذلك. الاتجاه الذي اخذه اعادة لبنان ربط المفاوضات البحرية مع اسرائيل حديثا بنقاط جديدة يعتبر البعض انه محق في شأنها باعتبار انه يحق للبنان اعادة النظر في احداثيات لم تكن واضحة امامه يراه اخرون تكرارا لتجربة مزارع شبعا انما بحرية وليست برية. ذلك لان لبنان تنبه لموضوع المزارع بعد الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب العام 2000 وكان صمت عقودا على احتلالها فيما انه راهنا وبعد عشر سنوات يعيد النظر في كل ما عملت عليه الحكومات السابقة وارسلته الى الامم المتحدة. وهذا الاتجاه ينطوي على اعتبارات سياسية تبدأ من ابقاء لبنان مرتبطا بسوريا وعدم اتاحة المجال امامه لاي حل قبل الموضوع السوري الى جعل النقاط المختلف عليها مع اسرائيل مزارع شبعا بحرية تهدف الى ابقاء الذرائع قائمة من اجل ضمان استمرارية الذرائع لسلاح الحزب الى ما شاء الله وصولا الى الاعتبارات الخاصة برئيس الجمهورية الذي يستمر في تقديم التغطية الرسمية للحزب وسلاحه لقاء ترك الهامش امامه للمعارك الداخلية .
rosana.boumonsef@annahar.com.lb