اخبار عاجلة
الرئيسية / home slide / لبنان: رفض عون التمديد ليس ناتجاً عن زهد بل عن استحالة سياسية وشعبية

لبنان: رفض عون التمديد ليس ناتجاً عن زهد بل عن استحالة سياسية وشعبية

سعد الياس
القدس العربي
31012021

أطراف سياسية مناهضة للعهد لم تستبعد التوجّه لبقاء الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته سواء بطلب تعديل دستوري للمادة 49 أو من خلال أي خيار آخر.

بيروت-“القدس العربي”: في توقيت خاطئ في غمرة الأزمات التي يتخبّط بها لبنان وعلى رأسها احتجاجات طرابلس، برزت الضجّة التي نشأت إثر موقف عضو “تكتل لبنان القوي” النائب ماريو عون الداعي إلى التمديد لرئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا. وبعد هذه الضجّة لفت حرص دوائر القصر الجمهوري على سحب هذا الملف من التداول واعتباره غير مطروح على الإطلاق وخارج إطار البحث. ووصل الأمر إلى حد نفي عون شخصياً أي تفكير بتمديد ولايته أو القبول به أياً تكن الجهة التي تنادي به.

ولا يعبّر موقف عون ولا موقف دوائر القصر الجمهوري عن زهد بالتمديد بقدر ما يعبّر عن إدراك وعن استحالة سياسية وشعبية للسير بمثل هذا الخيار. فردود الفعل الأولّية على طرح هذا الخيار من قبل النائب عون جاءت قاسية وغير مرحّبة، وسألت هل يكون تمديداً لعهد الفشل والقهر والانهيار؟. لذلك كان لا بدّ للفريق الرئاسي من إدراج ردود الفعل ضمن حملة تستهدف رئيس الجمهورية وعهده وإلى الكشف عن أن عون الرئيس استوضح عون النائب عن سبب إطلاق هذا الموقف، ليأتي التبرير أنه أتى جواباً على مطالبة نائب في “كتلة الجمهورية القوية” بتقصير ولاية رئيس الجمهورية.

وكان بعض خصوم العهد نظروا إلى موضوع تمديد الولاية الرئاسية على أنه مزحة جاءت على لسان نائب طبيب يدرك أن الرئيس ميشال عون البالغ من العمر 88 عاماً يبقى له أقل من سنتين في الحكم، وعند إنتهاء الولاية سيكون قد بلغ التسعين من العمر، فعن أي تمديد يتحدّثون علماً أن الأعمار تبقى بيد الله؟.

غير أن أطرافاً سياسية أخرى مناهضة للعهد لم تستغرب أو تستبعد الكلام عن أي توجّه لبقاء الرئيس اللبناني ميشال عون في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته سواء بطلب تعديل دستوري للمادة 49 من الدستور أو من خلال أي خيار آخر إلى حين توافر الظروف الملائمة لانتخاب صهره رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، وهذا أمر ليس متاحاً حالياً ولا في المستقبل القريب إذا بقيت الاصطفافات السياسية على ما هي عليه وفوقها العقوبات الأمريكية على شخص رئيس التيار.

أما كيف السبيل لبقاء عون في قصر بعبدا فهو عبر أحد خيارين:

أولاً: البناء على الأسباب الموجبة لأي تمديد محتمل لولاية مجلس النواب التي تنتهي في ايار/مايو 2022 في حال عدم إجراء هذه الانتخابات، وهذا أمر محتمل خصوصاً إذا تمّ افتعال اشكالات حول قانون الانتخاب وتمّـت المطالبة بتغيير القانون الحالي، أو إذا حدثت إضطرابات وأعمال فوضى كالاحتجاجات التي تجري في طرابلس. الأمر الذي يؤدي إلى عدم إجراء انتخابات نيابية جديدة، وهكذا يُبنى على هذه الأسباب الموجبة لطلب تمديد ولاية عون بهدف عدم إحداث شغور في رئاسة الجمهورية يترك تداعياته على الأوضاع العامة في البلاد.

ثانياً: تمديد ولاية رئيس الجمهورية بشكل قانوني ودستوري من خلال تعديل المادة 49 من الدستور التي تحدّد ولاية الرئيس بـ 6 سنوات. لكن هذا الأمر يتطلّب موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب أي 86 نائباً، وهناك استحالة لنيل موافقة كتل على مثل هذا التمديد وخصوصاً من قبل كتل “المستقبل” و”اللقاء الديمقراطي” و”الجمهورية القوية” و”الوسط المستقبل” وحتى “التنمية والتحرير” ما يحول دون تأمين أغلبية الثلثين. وحتى إذا تمّ إحتساب النصاب على أساس 80 نائباً بعد استقالة النواب الثمانية فمن الصعب تأمين هذا العدد من النواب.

ثالثاً: الاستناد إلى دراسة قانونية يعدّها ويشرف عليها مستشار الرئيس عون الوزير السابق سليم جريصاتي تحت عنوان مقتضيات الوفاق الوطني والميثاقية وعدم جواز حصول فراغ في رئاسة الجمهورية، والاستناد إلى أن الحكومة عند استقالتها تبقى في وضع تصريف الأعمال وهذا ما يجب أن ينطبق على رئاسة الجمهورية إلى حين انتخاب رئيس جديد وعدم تكرار سوابق الفراغ.

غير أن مثل هذه الدراسة تبقى ركيكة قانونياً، ويمكن الطعن بها استناداً إلى المادة 62 من الدستور التي بعد تعديلها أصبحت تحول دون تكليف رئيس الجهورية المنتهية ولايته حكومة انتقالية كالحالة التي حصلت مع عون نفسه لدى انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل عام 1988. وباتت المادة 62 تنصّ على ما يلي “في حال خلوّ سدّة الرئاسة لأيّ علّة كانت تُناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالةً بمجلس الوزراء”. وعبارة “أيّ علّة كانت” تشمل حالة إنتهاء ولاية الرئيس وعدم التمكن من انتخاب الخلف.

وبما أنّ ولاية الرئيس محدّدة بموجب المادة 49 من الدستور بست سنوات وليس أكثر، فإنه وعلى ضوء أحكام المادتين 49 و62 يقتضي على الرئيس ترك سدّة الرئاسة عند انتهاء ولايته. وعدا ذلك تذهب الأمور في منحى مغاير وتتحقّق توقّعات رئيس الجمهورية عن خصومه الذين كما قال عنهم “يعتمدون على كوابيسهم ولا يتوخّون سوى استغلال موضوع التمديد ونحن لا نزال في الثلث الثالث من الولاية”

 سعد الياس