الرئيسية / home slide / لبنان: «حزب الله» وجبراناته والانهيار

لبنان: «حزب الله» وجبراناته والانهيار

 إيلي عبدو
القدس العربي
24062021

لا يبدو أن الغطاء المسيحي، الذي حرص “حزب الله” على امتلاكه لتبرير سلاحه، عبر ورقة التفاهم المبرمة مع “التيار الوطني الحر” عام 2006، ما زال يعمل بالفاعلية ذاتها والديناميات نفسها، إذ إن المعادلات التي على إثرها، تم تأمين ذلك الغطاء، تغيرت كثيراً، فالتيار العوني الذي كان يشكل غالبية في الوسط المسيحي تُرجمت انتخابياً، تراجع شعبياً على وقع انفجار المرفأ، والانهيار الاقتصادي المتواصل، عدا عن أن الانهيار جعل أولوية الحزب، الاهتمام ببيئته التي يجندها لصالح إيران، أكثر من شرعنة السلاح، خصوصاً أن الأخير، قد طبّعت معه معظم القوى السياسية، باستثناء اعتراضات، يصعب بلورتها، كحالة شعبية.
وخضوع الطبقة السياسية، للحزب، خوفا منه، أو طمعاً بتسويات للمشاركة في السلطة، جعل الغطاء المسيحي واحداً من غطاءات سياسية مختلفة، بينها الغطاء السني، وكذلك الدرزي. صحيح أن التبريرات تختلف، في أدبيات هذه القوى، لكن النتيجة واحدة، القبول بسلاح الحزب كمرجعية وحكم في اللعبة السياسية.

جبران هو النتيجة، أو الترجمة السياسية لتهافت السردية الكلاسيكية حول دور المسيحيين التأسيسي في لبنان وأبوتهم للكيان

من هنا، فإن محاولة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل إحراج زعيم تنظيم “حزب الله” حسن نصر الله، بشكل علني، والطلب منه التدخل لاستعادة “حقوق المسيحيين” في مسألة تشكيل الحكومة، والحقوق تعني طبعاً، حصة باسيل وتياره في المحاصصة الطائفية، ليست سوى استثمار فاشل من قبل باسيل في الغطاء المسيحي ـ العوني، الذي لم يعد حاجة ماسة بالنسبة للحزب، فباسيل الذي اعتاد على ابتزاز الحزب، بمسألة تغطية السلاح، عبر الحصول على مغانم في السلطة، يظن أن هذه المعادلة فاعلة بفعالية 2006 ذاتها، مغفلا أن في الطوائف الثانية بات هناك جبرانات أيضا، تعرض على الحزب تغطية سلاحه مقابل مغانم وحصص. وكما أن، جبران هو النتيجة، أو الترجمة السياسية لتهافت السردية الكلاسيكية حول دور المسيحيين التأسيسي في لبنان، وأبوتهم للكيان، كذلك الحال، فإن سعد الحريري هو النتيجة لتهافت السردية الكلاسيكية للحريرية السياسية، و”نجاحاتها” في الاقتصاد والعمران، وقد لا يكون وليد جنبلاط بعيداً عن كونه نتيجة أيضاً لتهافت سردية موقع الدروز في الكيان، لاسيما في عهد الإمارة. هكذا، انحدرت الطوائف أو انهارت سردياتها المبالغ بها أصلاً، حول لبنان، لتتلخص في جبرانات، تعرض على الميليشيا تشريع السلاح. ولأن “حزب الله” ليس نتيجة لعلاقة الشيعة في الكيان، بل هو انقطاع لهذه العلاقة التي كانت مشوبة أصلاً بالغبن والمظلومية، فإن استثماره لانهيار سرديات الطوائف وأساطيرها حول نفسها بدلالة لبنان، سيكون بلا خسائر تقريباً.
وعليه، “الحزب” سيحتار خلال الأيام المقبلة، كيف يصنع التوافق بين الغطاءات المعروضة عليه من جبرانات الطوائف، في ما الانهيار سيتواصل، خلال البحث عن تسوية جديدة لتوزيع المغانم، يديرها الحزب طبعاً بين جبراناته. وإن كان باسيل، أي الجبران الأصلي، يظن أن الحزب سيتخلى عن بقية الجبرانات من أجله، فهذا وهم، الاستيقاظ منه يستلزم مراجعة شاملة، توضح كيف أن فهم البلد بدلالة سرديات أحادية انتهت مفاعيلها، تصنع زعماء انتهازيين، وتؤدي للاستسلام أمام ميليشيا غير شرعية، تشرف على الانهيار، من دون أن يتأثر نشاطها لصالح إيران.

*كاتب سوري من أسرة «القدس العربي»