الرئيسية / مقالات / لبنان بين “لن” و”ربَّما”

لبنان بين “لن” و”ربَّما”

روني ألفا

9 كانون الأول 2019 | 00:03
النهار
https://newspaper.annahar.com/

تقرأون ها هُنا نصّاً مَكتوباً وفقَ قاعِدَتَي التّزامُنِ والإحتِمال. تزامُنُ قِراءَتِه مَع زمنِ الإستشارات النيابيَة الملزِمَة مِن جِهة، واحتمالُ تأجيلِها مِن جِهةٍ أخرَى. وأنتم توشِكون على الإنتِهاء مِن قراءَةِ السَّطرَين الأولّين مِن هذه المقالَة، ستكونون شُركاء في الإستشارات النيابيَّة الملزِمَة. البعض سيتابِعها من المنزِل إذا حصلت. البعض الآخَر مِن مركَز عملِه إذا كانَ ذلكَ مُتاحاً.

إلى الإستشارات دُرْ. ثلاثَة “لن” متوقَّعَةٌ بدقَّةٍ تُضاهي دِقَّةَ رصدِ سرعَةِ الرّياح والزّلازِل مِن مَرصَد بحنِّس. “لن” يَقوى أيُّ رئيسِ حكومَة مكلَّف عَلى تشكيل وَزارَةٍ تِكنو- سياسيَّة مِن دونِ أن تسقِطَه الأرض بسرعَةٍ قياسيَّة. “لن” تكون هناك حكومَة إختِصاصيين مستقلّين تِكنوقراط برئاسَة أي مُكلَّف كائِناً مَن كان. “لن” يصِلَ التّكليفُ أصلاً إلى خَواتيمِ التّأليف عَلى ضَوءِ ما تقدَّم.

في أفضَل الأحوال، سَنَكونُ أمامَ رئيس حكومَة مكلَّف غير قادِر على التأليف. في المقابِل رئيس حكومَة تَصريف أعمال غير قادِر عَلى الإصلاح. بينَ العجزِ عن التأليف واستِحالَةِ الإصلاح ستبدو “الثورَةُ” في أفضَلِ أحوالِها. ستُعطيها السلطَة وقوداً إضافيّاً لتفرِضَ شرعيَّتَها. شرعيَّتان ستتنافسان عَلى جثمانِ النّظام اللبناني. شرعيَّة الدّولَة التي تكمُنُ لَها أي مادَّة مِن موادّ الدّستور فتعطبها، وشرعيَّة “الثّورَة” التي تكمُنُ للدولَة بمتفجّراتٍ مصنوعَة مِن ثاني أوكسيد الغَضَب ومِن مولوتوف الأحلامِ المجهَضَة. شعبٌ يتمرَّدُ عَلى طغمَة.

سَمير الخَطيب. سَعد الحَريري. فؤاد مَخزومي أو أي شخصيَّة أخرَى. متابَعَة مَشاهِد التّكليف مملَّة. شاشَات التّلفزة مَشطورَة في البيوت. شطرٌ سَمِج ورَتيب. شطرٌ مثير. إستشاراتٌ تشبِهُ كهولَة آرنولد شوارزينغر. “ثورَةٌ” تشبِهُ طوم كروز. واحِدَة متجّهِمَة. واحِدَة تبتَسِم. بينَ الأولى والثانيَة تَطغَى نبوءة وَزير الإقتصاد في حكومَة تَصريف

“الأقوال” منصور بطَيش بأن لبنان ذاهِبٌ لامحالَة إلى الإفلاس. إذا صَدَقتِ النبوءة ستُمحَى الرّواِتبُ مِن قاموس الماليَّة العامَّة. حَوالى أربعمئة ألف موظّف مِن القِطاع العام سَيكونون في الشارِع في غُضون أيام. لا ننسَى عائلاتِهم. مِن هذا المَنظور سَتكونُ “ثَورَة” السابِع عَشَر مِن تِشرين الأوَّل “بروفا” للثورَةِ الحَقيقيَّة.

لا سمير الخَطيب ولا سعد الحَريري ولا أي شخصيَّة منقِذَة مِن الضّلال سَيكونُ بِمَقدورِها والحالَة هذه إيقاف “التسونامي”. “الثورَة” الحاليَّة بأعدادِها الغَفيرَة ستتحوّل إلى فَوج كشّافَة. عِندَها يصحّ التّعبيرُ العاميُّ “كلّفنا خاطِركُم”. سيسبِقُ السّيفُ العَذل. إنتشارات قَد تَتلو الإستشارات. إنتشارٌ هنا. إنتشارٌ هناك. ثَقافَة الأمن الذاتي. حَواجِز طيارَة. جَوعَى يقتحِمون في وضحِ النّهار إستِقرارَنا. مَوتٌ مَجّاني في حقولِ حياتِنا اليوميَّة.

سيناريو بِهذا القبح سيكون عَصيّاً على المؤسساتِ الأمنيَّة. “كَركَسَةْ” لبنان. كراكاس الفنزويليَّة سَتكونُ العاصِمَة المِثال. مِن سويسرا الشَّرق نَتحوَّل إلى كَراكاس الشَّرق. لسنا في زمن استشارات. ما نتابِعهُ اليوم هوَ زَمنُ شراء أسابيع بعملَةِ الترقّب. كيفَ ستَكونُ الوَفاة. سريريَة؟ “ضَرَبتَني قَتلتَني”؟ َأم سَرطان في مراحِلِه الأخيرَة؟ الدولَة ووجوهِها القَديمَة على ما يبدو ليسَت في مرحلَة التِقاط أنفاس. نحنُ في مرحَلَة لَفظ أنفاس.

نوافِذ مُتاحَة عَلى شكلِ “ربَّما”. ربَّما تَلويحُ رئيس الجمهوريَّة بالإستِقالَة. رَجاءً. رَجاءً مُكَرَّرَة. فلنَخرُج مِن مَعزوفَة الخَط الأحمَر. مِن مَندبَة الموقِع الذي لا يُمَسّ. إستِقالَة الرئيس يُمكِن أن تَكون أكبَر عَمَل بُطولي قد يشهده تاريخ لبنان. يمكن الإستِقالَة أن تتحوّل أحياناً إلى واجِب وَطَني. لقَد تمَّ سلب كلّ شيء تَقريباً مِن الرئيس عون. قدرَتُهُ عَلى إنجابِ المستحيل لا يمكِنُ سلبها منه. “ربَّما”. يتحوّل مجلِس النواب فوراً إلى هيئَة ناخِبَة. رئيس جَديد. سلطَة جَديدَة. ورَجاء جَديد. نخرج من “الثورَة”. ندخُل إلى الدّولَة. أما الرئيس عون فسيتحوَّل من رئيس دولَة سابِق إلى صانِع وَطَن للمستقبل. ربَّما…

اضف رد