اخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار الاقتصاد / لبنان المتفرج اقتصادياً على إيران وتركيا!

لبنان المتفرج اقتصادياً على إيران وتركيا!


روزانا  بو  منصف
النهار
15082018

على رغم ان الانهيار الكبير للعملة الايرانية وكذلك للعملة التركية ازاء الدولار الاميركي منذ بداية السنة يرتبط بمجموعة عوامل داخلية خاصة بكل من ايران وتركيا اضيف اليها في كلا البلدين عقوبات او اجراءات اميركية ساهمت في صب الزيت على النار، فان مؤشرات ما ينبغي التنبه اليه في لبنان بالنسبة الى مصادر سياسية يتصل بواقع ان هذا الاخير يعاني وضعا صعبا جدا على الصعيد الاقتصادي في ظل غياب الاصلاحات وازدياد الفساد ولا يساعد الوضع السياسي فيه في تحسينه فيما ينام بعض سياسييه على حرير ان الضغوط الخارجية لن تسمح بانهيار اقتصادي فيه. فما حصل في تركيا من حيث موقعها واهميتها التي تفوق اهمية لبنان باشواط يمكن ان يشكل درسا وانذارا الى مسار محتمل للامور بما يعنيه من انه قد لا يكون هناك مظلة فوق رأس لبنان اقله ليس بالمقدار الذي كانت موجودة في الاعوام القليلة الماضية مع تزايد اشتعال الحرب السورية. وهناك من يرسم علامة استفهام اذا كان يمكن ان يبرز اتجاه سياسي يتلطى بما حصل في ايران وتركيا من اجل تبرير امر مماثل في لبنان والتخفيف من وطأة ما يمكن ان يحصل خصوصا متى امكن القاء اللوم على عقوبات او اجراءات خارجية كما هي حال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي يرمي بتبعة ما حصل على الولايات المتحدة، وذلك فيما ينتظر لبنان مراقبة متشددة للعقوبات المفروضة على ” حزب الله” او ردود فعل محتملة غير مريحة على الحكومة العتيدة اذا كانت تقوم على خلل جسيم في توازناتها او يمكن ان يتأثر بما يجري تماما كما استدرج ما سمي ” الربيع العربي” سلسلة متدحرجة من التطورات في عدد من الدول على غرار تدحرج احجار الدومينو بغض النظر عن كيفية انتهائها.

وسواء انطوت هذه الخشية على مبالغة ام لا، فان الترف السياسي الذي تمارسه الطبقة السياسية في عملية تأليف الحكومة يوحي بان هناك اولا استهانة على حافة الهاوية في ما خص الوضع الاقتصادي ما لم تكن هناك نيات خفية او مضمرة لدفع الامور في اتجاهات معينة علما انه ينبغي على اهل السلطة توخي الحذر متى كان لبنان يتأثر بادنى التطورات في المنطقة فيما يوحي ما يجري فيه راهنا انه يعيش في عالم خاص منعزل عن التطورات المحيطة به فيما هو لا يفعل. وهناك ثانيا مقدار كبير من الخفة ازاء التعاطي مع مرحلة خطيرة في المنطقة بحيث تدار الامور في لبنان بمستوى اقل بكثير مما يفترض بالمسؤولين مواكبتها على خلفية رهانات مبنية على رؤية ما يحصل في الجوار. وهذا ما يسري بالنسبة الى استباق طبيعة الحل السياسي في سوريا مثلا حيث يذهب بعض الافرقاء الى الدفع بالاطمئنان الى منطق غلبة على خلفية استمرار بشار الاسد في السلطة في حين يذهب افرقاء اخرون في المقابل الى الرهان على منطق غلبة مبني على واقع العقوبات الاميركية المتجددة على طهران وما تشهده ايران من تطورات يمكن ان تؤدي الى تحولات ما في سلوكها في المنطقة وتأثيرها. والواقع ان لا الحرب في سوريا انتهت بعد وان كانت روسيا تبذل جهودا من اجل اعادة ” شرعنة” وجود الاسد وهناك حديث مستمر عن معركة ادلب العالقة واستمرار وجود لداعش يستحضر حين الحاجة. ولا ايران ذاهبة غدا الى الخضوع للضغوط الاميركية وفتح حوار مع الادارة الاميركية وفق ما قال مرشد الجمهورية الاسلامية في معرض طمأنته ان لا حرب ولا تفاوض مباشر مع الاميركيين! لكن في حالي كل من سوريا وايران وكذلك احوال المنطقة التي تغلي على وقع متغيرات كبيرة غير واضحة بعد، فان هذه المسائل قد تستغرق سنوات ان من اجل انهاء الحرب السورية بحل سياسي لا يرى فيه خبراء كثر وجودا للرئيس السوري بشار الاسد مستعيدا قدرته على بسط سلطته وادارة بلاده في ظل وجود روسيا وايران وتركيا واميركا في سوريا او من اجل الوصول الى اتفاق بين الولايات المتحدة وايران مجددا في حال بقيت الامور تسير وفق المسار الحالي للامور. ولا بد من الاقرار بان افرقاء الداخل اللبناني يتموضعون على خلفية السعي الى الافادة من تطورات المنطقة من اجل تعزيز المواقع والاوراق والمصالح وفق ما جرى في الاعوام القليلة الماضية واستحقاقاتها الاخيرة من رئاسة الجمهورية الى الانتخابات النيابية فتأليف الحكومة العتيدة، لكن لن يكون امرا مبالغا فيه الى حد كبير القول ان لا عودة فعلية محتملة للدولة في لبنان ولا لحكم القانون ولا لابسط المقومات التي تجعل البلد متمكنا وقادرا على ادارة شؤون وفق ما يفترض ان يقوم به خصوصا في ظل العناوين الكبيرة التي رفعت. فما ساهمت عملية تأليف الحكومة في كشفه هو ان الكباش ان لم يكن الصراع مستمراً ويترجم الكثير من الكباش الاقليمي ايضا فيما يخشى سياسيون ان يدفع لبنان ثمن اي تسويات محتملة تماما كما حصل ابان توقيع الاتفاق النووي حين تم التسليم لايران بحرية الحركة في سوريا وتاليا في لبنان علما ان هناك الكثير على المحك في هذا الاطار في ما يتصل بسلاح الحزب او تمدد نفوذه وتسلمه حقائب يتبين انه اكثر حاجة اليها في هذه المرحلة من اي مرحلة مضت فيما يتهيأ او يشيع لدوراساسي في اصلاح فساد الدولة كما في الوضع الاقتصادي. وهو ما يعتقد انه يقوم بالتحضير للمرحلة المقبلة سواء بالانخراط الكلي في الدولة او الاستقلال المالي نسبيا عن ايران.

rosana.boumonsef@annahar.com.lb

اضف رد