19-04-2021 | 00:02 المصدر: النهار


لا بدّ للعهد من تحديد خسائره
تمت لملمة تداعيات الفضيحة القضائية التي شكلت مسرحا استعراضيا بامتياز على مدى يومين بصعوبة ولكن باصرار يستبق اجتماع مرتقب ل#مجلس القضاء الأعلى لانقاذ ما تبقى من هيبة القضاء. واذا كان التيار العوني يقدم اوراق اعتماده للخارج عن مكافحته للفساد كما يقول بالاسلوب الذي انتهجته القاضية غادة عون، فمن المؤكد انه اطلق النار على نفسه باعتبار انه قدم نموذجا عن كيفية تطلعه المستقبلي الى ممارسة مهامه الرئاسية التي يطمح اليها رئيسه جبران #باسيل. فحتى لو تم التسليم جدلا بان القضية محقة، فان المقاربة التي اعتمدتها القاضية عون بتغطية صريحة من مرجعيتها السياسية اظهرت للبنانيين والخارج على حد سواء تدميرها السلطة القضائية كسلطة اخيرة لا تزال قائمة هيكليا وعملانيا ما ينحي باللائمة الكبرى عليه في تفكيك مؤسسات الدولة بدلا من استمرار تحميل هذه المسؤولية للاخرين، فيما ان هذه السلطة القضائية التي هي مرجع لكل المتخاصمين على كل الصعد وفي ابسط التفاصيل يفترض انها مرجع في التحقيق الجنائي الذي يرفعه الرئيس #ميشال عون كعنوان لما تبقى من عهده يتقدم على تأليف حكومة جديدة. يترجم ذلك وضعا صعبا جدا غدا عليه وضع التيار بكليته في ظل مجموعة اعتبارات من بينها : ان ثمة عزلة سياسية قاسية ومربكة يواجهها رئيس التيار على ضوء اداء افقده اي تواصل مع افرقاء الداخل ومع الدول عربية كانت او غربية وفي ظل عدم قدرته على ايجاد صدى ايجابي لعرقلته تأليف الحكومة العتيدة الذي يرمي كرته في خانة رئيس الحكومة. فحتى اشعار اخر يبقى التيار في واجهة العرقلة على رغم ان هناك اسبابا اخرى وبات يعاني فعليا وشعبيا في ضوء التطورات من تأخير تأليف الحكومة وما يواجهه اللبنانيون من انهيار. يشكو التيار من تلكوء رئيس الحكومة في تأليف الحكومة فيما ان امكان حشر الرئيس سعد الحريري ممكن ولا يزال في يد رئيس الجمهورية لجهة اعلان قبوله بالتشكيلة الوزارية التي قدمها الاخير ربما مع بعض التعديلات التي ادخلت اليها فيفضح بذلك تلكوء الحريري اذا صح ذلك او محاولته الحصول على رضى المملكة السعودية قبل ذلك وفقا للاتهامات التي تطلق في هذا الاطار. فالتطورات الاخيرة التي تمثلت في ما رافق السعي الى تعديل المرسوم المتعلق بالحدود البحرية مع اسرائيل وتلك التي رافقت اداء القاضية غادة عون يترجم تخبطا سياسيا كبيرا في محيط رئيس الجمهورية وفريقه في السعي الى توظيف مسائل اساسية وحساسة ينعكس المزيد من انهيار البلد وليس فقط انهيار العهد وانتهائه. وهذه النقطة الاخيرة يقدمها الفريق العوني على طبق من فضة لخصومه لكن يعني كثر الا ينتهي البلد بمسؤولية يتصدرها فريق مسيحي ايا كانت اخطاؤه وعثراته باعتبار انه ولو ان مسؤولية العرقلة اكان في الحكومة او في سائر الملفات يتشارك فيها مع كل الافرقاء الاخرين، فان الاداء الاخير بالنسبة الى ملف باهمية حدود لبنان وتأكيد سيادته وما جرى فيه من محاولة بيعه من الاميركيين في ظل تصفية حسابات داخلية اوطموحات رئاسية بالنسبة الى انهاء السلطة القضائية تكاد تضع توليد الازمات لدى الفريق العوني دون سواه او اكثر من سواه. ثمة حاجة الى مراجعة ضرورية وسريعة واستدراك لما يعتقد كثر ان المحيطين برئيس الجمهورية يرتكبونه او يقدمون استشارات له في شأنه. فاذا كانت الحكومة في يده فعلا فيما يتم تسريب فشل مسؤول في ” #حزب الله” في اقناع رئيس التيار بالافراج عن الحكومة علما ان مسؤولين كثر يعتبرون ان العهد وتياره واجهة فقط للعرقلة الفعلية التي يختبىء اصحابها وراء ذلك ويستفيدون منها، فانه قد يتعين على الاخير التقاط الفرص لتحديد الخسائر الجسيمة التي قد يكون بدأ بتلمسها بقوة. فالعد العكسي لعهد عون لا يلعب في مصلحته وكذلك المزيد من الانهيار فيما الانباء عن استعدادات حليفه لتحصين مناطقه ضد الجوع والفقر وامكان حلوله اكثر فاكثر مكان الدولة يلعب ضده بقوة في المناطق المسيحية التي يعتبر نفسه قويا فيها. وفيما تمت الاستفادة بقوة من عرقلة الحكومات السابقة وابقائها معلقة حتى تحقيق مكاسب معينة سواء لاعتبارات خاصة او لاعتبارات اقليمية تتصل بتحالفاته، فقد غدا مسيئا جدا لا بل قاتلا للعهد وفريقه ان ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر انتهاء ولايته وتحصين انفسهم والصمود في انتظار ذلك فقط كما لو انه مسؤول وحده عن كل الانهيار الحاصل فيما لا يساعد اداء فريقه في نفي ذلك او دحضه بل على العكس. فهناك عاملان مهمان في السياق السياسي غير واقع الانهيار المتسارع المهدد للبلد وهما : اولا ان العين الخارجية مفتوحة على الواقع اللبناني بحيث ان محاولة الاستثمار شعبويا في اي امر داخلي لا تعكس المردود الخارجي نفسه والمؤثر راهنا اكثر من اي وقت مضى. فما قام به الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب من ممارسات في الايام الاخيرة من ولايته من اجل منع تسلم الادارة الجديدة ادت الى محاولة اقتحام الكونغرس الاميركي ما اطاح بصمت غالبية دول العالم عن التطورات الاميركية المربكة لانها بدت غير مقبولة بالنسبة الى اي ديموقراطية منتخبة. وحتى اذا كان ما حصل سيناريو تجريبي عبر القضاء لما يمكن ان يحصل لاحقا فان الامر يغدو خطيرا على مستويات عدة تقارب الخيارات الانتحارية بكل معنى الكلمة. ثانيا ان الواقع المسيحي الذي يعليه فريق رئيس الجمهورية كمبرر اساسي لمواقفه يجد صدى الى حد ما في بعض الاوساط الديبلوماسية لان ما يجري من انهيار يخشى ان يصيب المسيحيين اكثر من سواهم في ظل ما حصل من تدمير للمؤسسات والقطاعات الاساسية التي كانوا هم اركانها فيما تدحض الكنيسة المارونية الممثلة ببكركي هذا المنطق نتيجة تحسسها الخسائر الجسيمة في ظل مكاسب ستكون هزيلة في حال تحققت وهي لن تتحقق.
rosana.boumonsef@annahar.com.lb