الرئيسية / home slide / كيف يرد “حزب الله” على شروط شريكه للمضي في التفاهم؟

كيف يرد “حزب الله” على شروط شريكه للمضي في التفاهم؟

09-02-2021 | 00:37 المصدر: النهار

ابراهيم بيرم

عناصر لـ”حزب الله” في البقاع (أ ف ب).

التيار الوطني الحر” ان يطلق موقفا فيه الكثير من عناصر الاثارة صدر عن احدى مؤسسات القرار الاساسية  في التيار  برئاسة النائب جبران باسيل، وتجلى في بيان تحدث ربما  للمرة الاولى بلهجة جريئة عندما ورد فيه ما مضمونه ” ان لاحاجة لاستمرار هذا التفاهم، الذي كان له شأنه لحظة الافصاح عنه ووضعه موضع التداول، ما لم يسع الموقعون عليه جديا الى الاصلاح واقامة دولة المواطنة المنشودة”.موقف التيار البرتقالي الاتي بلغة تنطوي على نقد مباشر للذات وللشريك، ويقر استتباعا باخفاقات في بلوغ اهداف اساسية من بنود التفاهم، انما يندرج في سياق خطاب دائم شرع التيار في اطلاقه وتعميمه منذ فترة غير قصيرة وتحديدا في اعقاب سريان الحراك الشعبي في الشارع بعد 17 تشرين الاول من العام الماضي وما تداعى عنه من تطورات واحداث دراماتيكية صبت كلها في خانة تكريس قناعة مفادها ان النظام السياسي قد دخل لتوه في شرنقة ازمة وجودية خانقة ستأاخذ مداها الزمني. وكان بديهيا ان من مظاهر هذه الازمة وتداعياتها ان المشاركين في هذا النظام او المعدودين من حراس هيكله عليهم ان يتحملوا القسط الاكبر من المسؤولية وان بنسب متفاوتة بالنتائج والمآلات.لم يعد خافيا ان التيار وضعه البعض في دائرة انه اكثر المكونات السياسية تضررا من تلك التطورات وتفاعلاتها لاسيما بعد استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري الثالثة، وتاليا شروعه في التخفف من المسؤولية والعمل على الظهور بمظهر مختلف عبر التحلل من تفاهمه المسبق مع التيار البرتقالي والمعروف بـ “التفاهم الرئاسي” عبر افتعال خطوط تماس ومواجهة معه واعتماد اداء سياسي انطوى على نوع من التندم على تفاهم معه افضى الى تجربة شراكة ساسية كاملة المواصفات معه استمرت مفاعيلها فترة من الزمن. فضلا عن ذلك كان جليا ان التيار، بما هو حاضنة العهد السياسية، قد عانى ايضا من اثار الحملات “الشرسة” التي استهدفت العهد ورئيسه كون الانهيار المالي غير المسبوق وما نجم عنه قد حصل تحت مظلته وارتد عليه سلبا  لاسيما وان سيد العهد اتى الى قصر بعبداعلى صهوة الوعد باصلاحات جذرية تخلص البلاد من تركيبة سياسية  اقتصادية سادت منذ مطلع التسعينات.وعليه وجد التيار بعدما استفاق من اثار الضربة القوية  التي نجمت عن نجاح مروحة الخصوم والاعداء في تحميله تبعة الاخفاق والانهيار، ان عليه الاقدام على “هجوم وقائي مرتد” يستعيد عبره زمام المبادرة ويسترد ما خسره وهو ليس بالقليل. وكان من ضمن بنود خطة الهجوم اياها تصدير ازمته من خلال النيل بشكل او بآخر من التفاهم مع الحزب على نحو يخدم 3 اهداف مضمرة ابرزها: تحميل الحزب مسؤولية التلكؤ في المضي معه الى بلوغ “هدف الاصلاح ” الذي وضع عنوانا عريضا في اولويات التفاهم. ولاحقا تعمد التيار تعزيز فكرة ان الحزب سلك هذا السلوك المتراجع خوفا من احتمال المواجهة مع حليفه التاريخي الرئيس بري. تدرجت مضبطة اتهام التيار للحزب نحو اتهامه بالثبات على موقف اتخذه سابقا بناء على مخاوف وهواجس يقضي باعادة الحريري الى سدة الرئاسة الثالثة وقطع الطريق امام اي بحث جدي عن بديل.- وفي الاونة الاخيرة اعطت قيادة التيار لرموزها الاذن باطلاق “حملة” صريحة عنوانها الدعوة الى تطوير عاجل للتفاهم ليواكب التطورات لان صيغته الاولى باتت عديمة الجدوى بعد التطورات على صفحة المشهد السياسي. ولاريب ان “ذروة الضوء” (التعبير للمفكر العربي  ادونيس) في السياق اياه تجلى في الموقف النقدي البالغ  الجرأة  الذي اطلقه التيار قبل 3 ايام مختارا الذكرى السنوية لاستيلاد التفاهم في بقعة جغرافية موحية اختيرت بعناية فائقة، وهو ينطوي على “شرطية قاطعة” فحواها ان لاقيمة مضافة لهذا التفاهم ما لم يقد الى المبتغى الاصل اي الاصلاح الجذري.ولاريب ان الراصدين لابعاد الموقف اياه يستنتجون بان التيار يوحي لمن يعنيهم الامر انه يمنح “فرصة اخيرة” لشريكه في التفاهم قبل ان يتخذ القرار النهائي بالتخلي عنه. وازاء ذلك  يبقى  السؤال المطروح هو بأي منطق  يتعاطى الحزب مع هذه ” الرسالة العونية ” والتي هي بمثابة انذار اخير  موجه اليه؟.بكل برودة اعصاب وهدوء لدرجة ان مقربين منه يعتبرون ان الرسالة الواردة اليه للتو لاتحتاج الى رد فعل ولا الى التعامل معها بقلق انطلاقا من اعتبارات عدة  ابرزها :انها (الرسالة) لا تعبر عن حقيقة جوهرية يبنى عليها، لاسيما وان الجهات المعنية المولجة بامر العلاقة مع التيار تعي تماماً طبيعة العلاقة الحالية والمستقبلية وعمقها سواء مع قيادة التيار او مع الرئاسة الاولى.ان الحزب يقرّ ضمنا بان تفاهمه مع التيار هو “تفاهم الضرورة” لكن ذلك ليس ثغرة بل هو حال كل التفاهمات السياسية بين طرفين يفصل  بينهما الكثير من التطلعات المتناقضة والاختلافات في المنشأ والمنبت. والى الان لايجد الحزب مصلحة له في انهاء عمر هذا التفاهم ويقيم في المقابل على اعتقاد بان ثمة حاجة ومصلحة للشريك في ادامته.- سبق للحزب ان تجاوب مع الرسائل السابقة التي وردت الى بريده من التيار بضرورة تطوير التفاهم وتحديثه وبدأ بحوار معمق مع المعنيين به في قيادة التيار بلوغا لنسخة جديدة تجيب على كل التساؤلات والهواجس.- يقدر الحزب ضمنا حاجة شريكه الى اعتماد خطاب مختلف يوحي في لحظة شديدة التعقيد ان عنده ( التيار)هامشا واسعا من الاستقلالية وحرية التحرك والتصرف وانه تاليا ليس مستتتبعا وانه استطرادا يتعين عليه العودة الى شعاره الاصل اي “الاصلاح والتغيير”. ولكن الحزب لايريد، في مقابل تفهمه لحاجات شريكه الى خطاب من طبيعة “شعبوية “ان يصار الى التعمية على مسألة جوهرية وهي ان السبيل الى الاصلاح المنشود ليس معبدا ويسيرا ولاتستقيم الدعوة اياها الى تحميل جهة واحدة دون سواها تبعة الغرق في مستنقع الفساد فذلك منطق ينطوي على ظلم وربما كيدية لانه يحمل في طياته تضييعا للمسؤولية اذ من اليسير حمل شعار الاصلاح ورفعه عاليا ولكن الامر يحتاج الى نضال متراكم وجهد استثنائي والى نظرة شمولية واسعة اكثر عمقا واستطرادا اكثر نزاهة وموضوعية.الكلمات الدالة