شربل نجار
هنا لبنان
09022018
إن الحدث الأبرز في لبنان اليوم ليس ما صدر عن مجلس الوزراء من مقرّرات وليس ما جاء لمعالجته ساترفيلد على أهمية مهمته ومهمة وزير خارجيته. إن الحدث الأبرز اليوم هو ما صاح به ديك النهار.
و ما قامت به نايلة تويني البارحة من دعوة بعض أهل الفكر والمعرفة والإقتصاد لكتابة مقال يكون جزءا من “قفزة كبرى الى لبنان” هي دعوة تشير الى الهم الذي تحمله تلك السيدة الوريثة لجريدة النهار والتي تدافع عن استمراريتها كقيمة مضافة للبنان وأكثر. فنهار خمسينيات القرن العشرين علامة من علامات نهضوية لبنانية ميّزت هذا البلد الصغير عن جواره حتى شبّه لنا في سبعينيات القرن ذاته ان بيروت هي بحق القاطرة التي تسير ب”واغونات” أنظمة العالم العربي الى شيء من الإرتقاء.
ولأن الأمر لم يكن كذلك بالتّمام سقطت بيروت ثم لبنان بأسره تحت وابل من الأخطاء والخطايا بينما استمرّت النهار تحكي عبر ناسها وتكتب عبر صحفييها لغة لم تعد تُفهم او المطلوب ألا تُفهم فحاولوا اسكاتها .
إن استشهاد سمير قصير الصحفي المعارض عبر النهار لهذيان السياسة السورية وأزلامها المنتفعين في لبنان كما استشهاد جبران تويني الصحافي المؤمن بفرادة وطنه ومحاولة اغتيال مروان حمادة قبل الإستشهادين شكّلوا معا ثلاثية جرم إلغاء النهار الصوت العالي المتشبث ب”لبنان العظيم” البارحة واليوم وغدا في إطار “السيادة والحرية والإستقلال”
إن جريدة النهار في انتصارها الدائم على ذاتها استطاعت أن تواجه السوري و الفلسطيني والإسرائيلي وميليشيات الداخل ففشلت جميعها في “تجليخ” النبرة النهارية وتدوير زواياها . هكذا عاد ديك النهار ولو مذبوحا لينتفض ويجمع ويحضن سائلا الجمع الفاعل “كيف القفز الى لبنان”؟
لقد صدرت النهار في 8 شباط 2018 بعنوان كبير “القفزة الكبرى الى لبنان” وبمضمون مُلفت إذ عبّر ناجحون وناجحات لا سيما في القطاع الخاص عن توقهم الى لبنان الناجح الذي تميزه الحرية ركيزة كل ارتقاء.
وقد تجلّى ذلك في مقالات وإن أوجعت بدت عصارة تجارب فذّة آه لو تلتزم بها الدولة أو هكذا يجب لإصلاح مؤسسات وإدارات القطاع العام.
ومن الأمثلة على تلك المقالات ما كتبته لميا المبيض بساط عن بناء الدولة القادرة عبر الكفايات وما عنوت به مقالتها رنا شميطلّي: “التربية ودورها في بناء المجتمع” وغالية فياض مديرة برنامج غرينبيس في العالم العربي التي حدّدت في مقالها دور “العمل البيئي في بناء السلام وتحقيق التنمية المستدامة.” وفي نفس السياق كتبت زويا روحانا رئيسة منظمة كفى عنف واستغلال ، كتبت أن صناعة الوطن هي ألا يحصل كل ما حصل في لبنان.
وإن لم أذكر إلا أقلاماً نسائية فذلك مردّه الى أن النساء في لبنان أصدق من الرجال في الحُنُوّ لا بل الحدب على الوطن وتحسس أوجاعه والمبادرة السريعة الى تقديم العلاج الشافي بحزم وبلا مواربات.
وهذا لا يعني ان الثمانين صفحة التي صدرت بها نهار اليوم لم تتضمن ثراء فكريا في الإجابة على “كيف نقفز الى لبنان” . إلا ان ما راعني هو أن بعض من شارك في انهيار لبنان تصدر الصفحات الأولى مرشدا يا للعجب ! فكيف لهذا أو ذاك القفز الى لبنان وقد تخطىوا سنّ القفز من زمان. وللإنصاف هناك سياسي واحد استطاع في مقالته ان يضع نفسه في موضع الملامة ويصرخ ” ما هكذا تبنى الأوطان” .
إن ديك النهار اليوم سطع كالشمس بأفكار رياديين في شتى الميادين وبمثل هؤلاء نقفر الى لبنان .
إنها محاولة أولى في شق الحجاب عن ضمائرنا والبصائر كم نرجو ان تستمر