
غادة السمان
Apr 14, 2018
القدس العربي
رئيس الجمهورية الذي أتحدث عنه هو سيد «البيت الأبيض» في البلد الأقوى في العالم: U.S.A.. إنه السيد دونالد ترامب والفضيحة التي أحب قراءتها لأنها قد تطيح به تتعلق بجميلتين قيل أنهما من نجمات الأفلام الجنسية (البورنو) وحوار إحداهن كاري ماغدوغال مع صحافي أمريكي شهير هو أندرسن كوبر الذي شاهد برنامجه الحواري مع ماغدوغال 26 مليون متفرج حول علاقتها الجنسية مع السيد ترامب (وكان متزوجا يومئذ) وتحدثت بصراحة مطلقة عن التفاصيل (الدقيقة) في العلاقة منها أن السيد ترامب لم يكن يستعمل واقيا ذكريا.. ولا أستطيع ذكر المزيد مما شاهدته على شاشة التلفزيون الفرنسي منقولا عن تلفزيونات أمريكية، هذا ناهيك عما باحت به الممثلة الإباحية الجميلة الأخرى ستورمي دانيلز. كثيرون وجدوا في الأفعال الجنسية للمستر ترامب ما يشينه بل وأدهشهم حرصه على توقيع (عقد صمت) مع العشيقتين وهما ستورمي دانيلز والأخرى ماكدوغال لكي لا يتم استدعاؤه إلى المحكمة للمحاكمة بتهمة الكذب إذا أنكر ما قيل من حيث إرساله رجلا يهدد (الواشية الجنسية) بالقتل إذا قالت شيئا عن علاقتهما وبالتالي عزله وبالأحرى إمكانية اضطراره للإستقالة من رئاسة الجمهورية الأمريكية.. وتفاصيل المعركة بين المحامين لترامب وللعشيقتين والمبالغ التي دفعها ترامب ثمنا لسكوتهما لا تعنينا! ولا ادعاء ترامب ان المحامي دفع المال إلى ماغدوغال من دون علم منه!
أجل الفضائح لا تعنينا حقا كعرب
الفضائح (الجنسية) والمالية للمستر ترامب رئيس جمهورية U.S.A. لا تعنينا كعرب من قريب أو بعيد وتخص شعبه وزوجته بالذات. ما يعنينا حقا فضيحة كبيرة تطال كل فلسطيني وعربي اقترفها مستر ترامب في حقنا. إنها جريمة اغتصاب يدعمها بل ويشارك فيها ولها صلة «بجسد الأرض» فلسطين حين أعلن أنه سينقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس وأنه سيكرسها عاصمة لإسرائيل! ومتى؟ في 14 أيار/مايو الآتي، أي في الذكرى السبعينية لقيام الكيان الصهيوني ويوم النكبة عندنا. هذا هو الإغتصاب الأكثر بشاعة من فضائحة الجنسية كلها: إغتصاب الأرض. إغتصاب حياة الفلسطيني وحقوقه في وطنه وكنا أمام وعد بلفور واليوم، وعد ترامب!! وبالذات في يوم النكبة عندنا.
من يبالي بالضحية الفلسطينية؟
قبل قليل شاهدت على شاشة التلفزيون الفرنسي مصرع ثمانية عشر مواطنا فلسطينيا من غزة بالرصاص الإسرائيلي المدعوم بأمثال المستر ترامب.. ناهيك عن جرح المئات سواهم.. الفضيحة هي أن السيد ترامب لم يعلّق على المذبحة بكلمة وهو شبه المسؤول عنها وسواها حين (رفع المعنويات الإسرائيلية) في حقل قتل الفلسطينيين.. ولماذا يبالي بهم وهو الذي لم يبال بسقوط عشرات القتلى في مدرسة أمريكية تحت رصاص مختل (كم أخافني أن يكون القاتل عربيا مسلما ولم يكن كذلك لحسن حظنا هذه المرة) فلماذا يهمه أمر قتلانا الفلسطينيين في غزة لأنهم مارسوا حق الإحتجاج على حصارهم وتجويعهم؟ وعلام يبالي المستر ترامب وهو الذي لم يهزه مصرع الطلاب الصغار الأمريكيين في المدرسة؟ ولماذا يهتم بسقوط قتلانا الفلسطينيين إذا كان حتى لحظة هذه السطور لم تهتز شعرة واحدة (برتقالية في تمشيطة شعره المحنطة) حزنا على قتلى تلك المدرسة الأمريكية الذين ذهبوا ضحية للامبالاة المستر ترامب في مواجهة التظاهرات نصف المليونية التي خرجت مطالبة بحظر بيع السلاح بحرية مطلقة في الولايات المتحدة؟
«البغاء» السياسي والعهر الديبلوماسي
لست مواطنة أمريكية، ولن أخوض في حكاياته مع نجمات الأفلام الجنسية ولا مع لامبالاته بالمطالبة عنده بتحريم إباحة بيع السلاح لمن شاء، ولا صمته عن مجزرة الطلاب في المدرسة الأمريكية لهوس قاتل ما لكنني معنية بنقله لسفارة بلده إلى القدس وتكريسها (من وجهة نظره) عاصمة لإسرائيل.. وغضه النظر عن قتل الفلسطينيين وسرقة أرضهم وإذلالهم في وطنهم وقهرهم..
الدعاية الصهيونية التي تدعم الاغتصاب!
ربما حان الوقت لولادة الدعاية الفلسطينية العربية في الغرب، على يد جيل إعلامي جديد شاب من أبناء الوطن والمغتربين الذين يتقنون أسلوب مخاطبة الغرب في أعمال فنية مشوقة. فالسيد ترامب ليس وحيدا في ساحة دعم إسرائيل في توحشها ضد الفلسطيني فهي مدعومة بنهر (تجيير) الشفقة على اليهود أيام توحش هتلر نحوها.. ولكن ما ذنب الفلسطيني؟ لا ينقضي أسبوع إلا وأشاهد وثائقيا حول (أوشويتز) المعتقل الهتلري لتصفية اليهود وضحايا «الغستابو» و«الهولوكوست» و«الشوا» والأخطر من الوثائقيات الأفلام حول ذلك.. وأعني الأفلام الجميلة فنيا الجذابة إبداعيا التي تدور حول (قهر) اليهودي أيام النازية.. ولكن لماذا على الفلسطيني أن (يسدد الفاتورة)؟..
ثمة أكثر من فيلم مسل جذاب ينجح في تقريب المتفرج بصورة اليهودي المضطهد ولكن أين تلك الصورة للفلسطيني الضحية في أرضه؟
وما من فيلم عربي عالمي واحــــد أو غــــربي يعري معاناة الفلسطيني من المضطهد الهتلري الجديد أي الإسرائيلي الذي يدعمه مستر ترامب..
الفضيحة الحقيقية للمستر ترامب
أكرر: فضائح ترامب كلها لا تخصنا كعرب.. لكن فضيحته الكبرى عندنا هي في تبرعه بالقدس عاصمة لإسرائيل ناقلا سفارته إليها وتكتمل الفضيحة إذا تجرأ على الحضور للإحتفال بذلك في يوم حدده هو يوم إعلان الدولة الإسرائيلية أي (يوم النكبة) عندنا كعرب.. متحديا بذلك مرتين مشاعر ملايين العرب والفلسطينيين.
فهل يمكن أن يصحو ضمير ترامب ذات يوم أم أنه سينقل السفارة وسيقوم بزيارته الموعودة إلى إسرائيل في يوم النكبة كمن يدير سكينه في طعنة للقلب الفلسطيني خاصة والعربي عامة؟
غادة السمان