كثر الكلام في الآونة الاخيرة عن القوة حتى “لِعيت” نفوسنا.
القوة؟
لأي شيء وعلى مَن؟
هل أتتنا القوة بالخير والحق والجمال؟
هل أضاءت منازلنا ونوّرت منا العقول والجوارح؟
هل أزالت النفايات من الطرق والأنهر وعن الشطآن؟
هل حلّت أزمة سلسلة الرتب والرواتب أو اكتفت بإجراء شعبوي أطاح توازن المدارس بأساتذتها وإداراتها وطلابها وأهاليهم؟
هل حصّنت منعة الحدود الخارجية، أو، أهم من ذلك، زادت منعتنا الداخلية وتماسكنا كمجتمع واحد؟ خسئتم، بات الأخ الشقيق يناصب ذوي رَحَمِه العداء والبغضاء وانقسمنا شيعاً متناحرة وقبائل متنافرة وبطوناً وأفخاذاً جاهلية…
ما زالت القوةُ لم تستخرج نقطة نفط واحدة ولا أخالها ستنجح في ذلك قريباً… فالقوة تقابلها قوة، والقوات قاطبة فارغة بطونها فاغرة أفواهها…
ما زالت القوة تموء على ابواب طواغيت الغرب وسلاطين الشرق لتتزود وتستفتي،
أبهرتنا القوة بانجازاتها: من تعيين مأموري أحراج (ومنع غيرهم من غير الموالين من أن يتعيّنوا) وشرطة بلدية موالية،
أدهشتنا القوة بنجاحها منذ مدة واستمرار نجاحها حتى يومنا هذا في منع مستوصف من الحصول على أدوية مجانية تأديباً للقيمين عليه على عدم الولاء،
أذهلتنا القوة كم “كسّرت” بالفعل رؤوس ذوي الارحام، فهم عدو الداخل، وأتخمتنا بانتصارات بالقول والخُطَب على الأبعدين…
فَضَحَتكم القوة، بل فضحتنا، كشفتنا. كشفت عُريَنا وعوراتكم.
هذا التباهي بالقوة بات مغثياً ومقيتاً.
ثم القوة على مَن؟
على أخيك الأقرب ام على شريكك في الوطن؟
القوة ليست قيمة في حدّ ذاتها لدى الشعوب المتحضرة من رواد القرن الحادي والعشرين ايها الفاشيست المتوقفة ساعاتكم عند فرانكو والدوتشي وبينوشيه، والمنصوبة خيامكم في الجاهلية.
القوة غير المقدرة،
القوة دون المقدرة على إتيان أي فعل وإتمام أي انجاز تبقى مجرد استمناء وعواء في الصحراء،
تنبهرون بالثنائيات الأخرى لأنها عنوان القوة وتحسدونها، وتشتهونها في السر (وفي العلن، مات الحياء) فما هذا “التعتير” أن تحسبوا القوة متأتية من الثنائية وتنسوا، أو تتناسوا، السلاح والأربعين ألف مقاتل والستين ألف صاروخ!
آه! صحيح، اعذروني، لم تنسوا واإما نظمتم سيمفونية الاستراتيجية الدفاعية وأسكركم “التمرجح” على أنغامها…
تبنون عليها وتتسترون بها وبها تقودون القطعان الوديعة المطواعة برعاية القديسين والأولياء الصالحين.
تشتهون الثنائية وتعتقدون انها مصدرُ القوة… نسيتم الوصايا؟
لا تشتَهِ ثنائية غيرك!
