بيل بومنصف
النهار
10012018
أ
يتعين على ذوي العقول المفتوحة من فريقي رئاستي الجمهورية ومجلس النواب، ولو نفرا من تعبير “الفريق” الذي هو اكثر من واقعي وحقيقي، ان يدركا بلا اي شك ان ما يسمى ازمة المراسيم المتحولة صاعقا مفجرا لواقع صدام شخصي مستدام بين الرئيس العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري لا تمس من الناس أي نبض اهتمام او انشغال او اولوية. هذه قضية موضعية تعني الضباط الذين يشملهم المرسوم المنازع عليه ولا شيء أكثر ولا يقلل ذلك اهمية معالجة هذه القضية ولكنه لا يبيح وضعها في مرتبة قضية دستورية او سياسية ميثاقية من هذا الحجم المضخم المعملق الذي صارت عليه بفعل النفخ المبالغ فيه الى ذروات غير مقبولة. اذاً يبدأ مسار اعادة هذه القضية الى حجمها وواقعها، متى اريد لها ان تنتهي بالتي هي أحسن، من الاقرار بان البلد كان آخر ما يحتاج اليه راهنا هذا “الترف” المنتفخ من أزمات تبدأ غالبا بخطأ عرضي او حتى مقصود ولكن محدود الجوانب ومن ثم تتسع وتكبر لتبلغ حدود “شرف ” الموقع ومهابته ومن ثم موقع الطائفة برمتها. وتبعا لهذه القاعدة المشينة في “الاصول” الطائفية اللبنانية لا يبقى قيمة لأي كلام على اصول دستورية ما دام انتهاك الدستور مسألة لا ترف لها الجفون عندنا منذ اعتدنا، او دفعونا قسرا للاعتياد، على جعل الدستور نفسه وجهة نظر ظرفية. مع ذلك لا يمكن تمرير هذه الجولة المتحولة بسرعة الى موسم شعبوي وطائفي، شاء من شاء الاعتراف بذلك ام ابى من ابى، من دون التنبيه بسرعة مماثلة الى ان “قماشة” القضية المطروحة للتوظيف ليست من النوع الذي يستهوي الناس نظرا الى محدودية حجمها بما يستتبع تاليا وتلقائيا اشعال نار التوظيف الرديف في اطراف هذه القضية على النحو الذي بدأ يحصل في فصول سجالاتها الاخيرة. تخيلوا ضحالة الغرق في قضية لا تحمل كل هذا الردح وكان يمكن الا تبصر النور كمسألة خلافية لو اتبعت بسلسلة القرارات التسووية التي دأبت الطبقة السياسية الحالية على اتباعها بكل سلاسة سحر توافقاتها. اللبنانيون محاصرون على مشارف استحقاق انتخابي يفترض انه سيكون مصيريا لألف سبب وسبب في حقل ازمات يؤهل السنة الجديدة لان تكون برمتها سنة مفصلية في لبنان ان سياسيا وامنيا والاخطر اقتصاديا واجتماعيا. هذه السنة مقروءة من بداياتها اقله في عناوين الاولويات الملحة الضاغطة التي بلغت خطوط النهاية في انتظارات اللبنانيين. تخيلوا اننا عند مطالع السنة 2018 لا قوت يوميا لنا سوى اخبار الازمة بين بعبدا وعين التينة وتسقط آخر المحاولات الخفية (على رؤوس الاصابع) للرئيس الحريري لكي يقوم بوساطة حاسمة مرجوة بينهما. بهذا يراد اقناعنا باننا في “حضرة أزمة” مبجلة ؟ صعبة جدا هذه المهمة.