اخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / في أسباب مرونة “حزب الله”

في أسباب مرونة “حزب الله”


روزانا بومنصف
27 تشرين الثاني 2017 | 00:05

ما هي الاسباب الحقيقية للمرونة التي يظهرها ” حزب الله” ازاء معالجة اسباب اعلان الرئيس سعد الحريري استقالته ثم تريثه فيها على نحو يوحي بامكان تعويم الحكومة الحالية من دون الحاجة الى خوض غمار استقالة الحكومة وتأليف اخرى جديدة علما ان التصريحات والمواقف لمسؤولي الحزب تتحدث عن تجنب فتنة داخلية ما قد يبرر الى حد كبير اي تنازل اذا عد كذلك في اي مرحلة مقبلة؟ السؤال يطرح على المستوى السياسي من زاوية ان الرئيس العماد ميشال عون والحزب خرجا ابرز الرابحين في هذه الازمة من خلال خوض معركة عودة الحريري ومن ثم تريثه في تقديم الاستقالة على اثر وعود وضمانات بتغيير ملموس في رأي مصادر سياسية فيما اصيبت العلاقة بين الحريري وحلفاء له اصابات خطيرة قد تستمر وتنجح في عزل هؤلاء الحلفاء لجهة ابعادهم عن التفاهمات التي ستعقد في المرحلة المقبلة.

تقول مصادر ديبلوماسية مراقبة ان عهد العماد عون بدا مهددا فعلا باستقالة الحريري ما كان سيصيب الحزب ايضا باعتبار ان عون كان خياره وكذلك التسوية التي اوصلته الى الرئاسة خصوصا في ظل عاملين: الاول ان غياب التغطية السنية للحكم على اي مستوى في ظل تهيب القيادات السنية ايا كان موقعها اعلان الحريري استقالته من الرياض تعني غياب التغطية السنية والعربية كليا للبنان مع ما يرتبه ذلك من خطر عليه. وليس تفصيلا بسيطا اشارة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في حديثه الصحافي الاخير الى ان الرئيس الحريري المسلم السني كما قال لن يغطي حكومة يسيطر عليها الحزب. ومع ان هذا الموضوع غدا مفتوحا على تكهنات تتصل باهل البيت السني عموما وبتيار المستقبل ايضا في ضوء ما تردد عن مراجعة تحصل او ستحصل لديه ، فان التسوية الرئاسية باتت مهددة ان لم تعتمد اعادة النظر فيها. والعامل الاخر هو المخاوف من حرب قد تشتعل مع اسرائيل جرى تكبير الكلام حولها من اجل ردع احتمالها خصوصا ان ايران اندفعت مباشرة من اجل السيطرة على معبر البوكمال بين العراق وسوريا ما ضاعف المخاوف من ان يدفع لبنان ثمن التطورات السورية على هذه الخلفية وفي ظل لحظة ضعف وانكشاف الغطاء العربي للدولة في لبنان. الجزء الاكبر جرى في المرحلة الاولى تحت وقع تهيب اللحظة في حين اسفرت الازمة عن مجموعة نقاط يمكن اختصارها وفق المصادر نفسها بعناوين عدة قد يكون ابرزها توظيف الزخم الذي اطلقته الاسباب التي اعلنها الحريري من اجل حض رئيس الجمهورية على مسار اكثر حيادية من ذلك الذي اعتمده حتى الان . ومع ان هذه المصادر لا تعتقد بتخلي رئيس الجمهورية عن تفاهمه مع الحزب او تراجعه عن الدفاع عنه او عن الدفاع عن سلاحه كما فعل حتى الان لكن عدم تغيير المسار المعتمد اولا بناء على الغضب العربي ومن ثم بناء على الضغط الغربي قد يساهم في تعقيد الفترة المتبقية من عهد الرئيس عون وهي فترة كبيرة قياسا بسنة واحدة مرت حتى الان فيما الفرصة اتيحت راهنا من اجل اقناع الحزب بهامش يتمتع به كرئيس للجمهورية من اجل منع انكشاف البلد كما منع انهياره اقتصاديا وماليا في ظل المخاوف الكبيرة التي غرق فيها اللبنانيون في الاسبوعين الاخيرين. وتحذر المصادر الديبلوماسية في هذا الاطار من ان يؤدي اداء لبنان الى لامبالاة خليجية به ما يجعله كليا تحت سيطرة ايران بتبعات خطيرة عليه.

ان الحزب ولو كان يتمتع بفائض للقوة على خلفية جملة عوامل جعلته تنظيما اقليميا فان لاهتزاز قاعدته التي يشكلها لبنان تداعيات كبيرة عليه اولا في ظل عقوبات اميركية يسعى لبنان بجهد من اجل تجنب انعكاساتها على اللبنانيين عموما وعلى ابناء الطائفة الشيعية ايضا وثانيا في ظل تحمله مسؤولية انكشاف الغطاء العربي فوق لبنان مع ما يعنيه ذلك على المستوى الامني المتمثل بغياب العوامل الداعمة لاي حرب يمكن ان تشنها اسرائيل على لبنان لاي اعتبار كان كما على المستوى الاقتصادي والمالي وعدم امكانه تحمله مع رئيس الجمهورية تبعة خطورة انعكاسات مماثلة . وثالثا ان فقدان ما يمثله سعد الحريري من عنصر اعتدال والمكابرة في هذا الاطار اظهرت الازمة انها تفتح الباب امام متصلبين ان لم يكن اكثر من ضمن الطائفة السنية على خلفية المزايدة على الحريري من ضمن طائفته في تنازلات تردد انه قبل بها في اطار قبوله التسوية الرئاسية او ايضا في اطار تأييد اسباب الاستقالة ودعمها.

ويبدي سياسيون اقتناعا بان المساومة على انسحاب انخراط الحزب من الازمات الاقليمية سواء قام بذلك فعلا او جزئيا او لفظيا وفق ما يعتقد كثر بحيث يعلن انسحاب عناصر في الصباح ليعيد انخراطهم في المساء بشكل او باخر او اوقف حملاته على المملكة السعودية فانما اظهرت هذه المساومة تسليما عربيا وخارجيا بسيطرة الحزب داخليا والسعي الى تحديد دوره خارجيا وضبط السياسة الخارجية للبنان في اطار عدم سيطرته عليها . ما يعني ان المرحلة الراهنة تنطوي على واقع انه اذا شاء لبنان التسليم والقبول بذلك فهذا سيكون شأنه من اجل ايجاد اخراج شرعي لسلاح الحزب اسمي ذلك استراتيجية دفاعية او سواها علما ان لا ضغوط فعلية راهنا في هذا الاطار. وهذا مكسب حقيقي للحزب ولو انه يمارسه واقعيا في لبنان باعتبار ان المساومة باتت تطاول ادواره الخارجية فحسب علما ان كثرا يخشون تخليا خليجيا عن لبنان تبعا لذلك .

rosana.boumounsef@annahar.com.lb

اضف رد