اخبار عاجلة
الرئيسية / أبحاث / أبحاث تاريخية / في أحوال نساء لبنان على مشارف القرن العشرين

في أحوال نساء لبنان على مشارف القرن العشرين


شربل نجار
هنا لبنان
28112017

لوحة من مجموعة فيليب جبر – رسمها رحالة فرنسي  على عين ماء في منطقة الشياح عام 1849

لقد عاشت المرأة اللبنانية على مشارف القرن العشرين بين غربتين.
غربة في العائلة التي تولد فيها والأخرى في العائلة التي تنتقل اليها.

في الأولى تُحضَرُ لبيت زوجها وفي الثانية تكون الخادمة لأهل زوجها وزوجها واسلافها ولاحقا لِمَرْبى أولادِها.
لا ترث المرأة شيئا من بيت اهلها باستثناء ما يعطى لها  في “جهازها” من ثياب وقُماش وحلي وبعض نقود. فقانون الإرث الذي يُنصِف لا يَسري، بل
التقليد والتقليد  لا يعدُل بين ذكر وأنثى.

والأنثى لا تُسَلّم سرا في البيتين. ف “البنت” “ليست لنا” في بيت والدها وهي”ليست منّا” في بيت زوجها.
وهذه الغربة، جعلت المرأة ولضرورات الإستقرار النفسي تتعلّق بأخيها الى حد العبادة وتستمر مُحبة لوالدها عطوفة عليه. إلا ان ذلك لم يمنع الوالد في المجتمع الريفي الأبوي من الإستمرار في تفضيل الصّبي على البنت التي في بيت والديها…. ” مارقا مرقة طريق”.

يقول لحد خاطر في كتابه ” العادات و التقاليد اللبنانية” ان للزوج على زوجته سلطة الآمر على المأمور ، يتقدّم عليها في الطريق ويدخل أمامها الى المجالس.وان أغضبته عنّفها وأغلظ لها القول لأن “الشوشة” في اعتقاده لا تتقدّم على “الشوارب”. وفي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كان القرويون يردّدون: “المرأة كقطعة اللحم كلما دققتها نعمت وطاب أكلها.”(1)

وعلى علمي ومسمعي ان المرأة الزوجة إن غادرت بيتها على خلاف مع زوجها لا ملاذ لها إلا بيت أهلها. وفي بيت أهلها تخضع لإستجواب يتلوه استجواب حتى إذا ما انتهى الذكور من اسئلتهم قالوا راضين “البيت يلي ربّاك ما بينساك وبتاكلي لحم هالكتف قبل هالكتف” أو زمجروا غاضبين ” الطريق يلي جيتي منها ارجعي عليها” وفي ذلك دعوة قاسية للعودة الى بَعْلها.

والزوجة اللبنانية في القرنين الماضيين كانت على العموم ذات عفة وطهارة تقيم على عهد الأمان لزوجها وإن بَعُدَ وطال غيابه . تدعوه مقتنعة عِزّها   سيّدها وسياجها وتاج رأسها.

ولا يعني هذا أن الإستثناءات قد غابت وأن النساء ادَرْن ظهورهن للرجال متعففات…الأسرار تُفشى والزمن يبوح كاشفا عن أولاد زرعوا في الحقول والبراري والزوايا و الخبايا وعندما نبتوا شُبّهوا بغير آبائهم الشرعيين !

كان القروي في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين قريبا لا بل ملتصقا ايمانيا بفكرة التفاحة والحيّة وحواء ! فلا يرى في المرأة إلا الحيلة و الخطئية. وكان هاجسه وخوفه الدائمين من الفعل المشين تنزلق اليه الزوجة أو الشقيقة أو الإبنة خارج الشّرع مما يؤدّي الى الدّنس ايمانا والفضيحة إجتماعا.
فالمرأة ضحية الشرع كما يقول مسعود ضاهر .(2) لم تولد لتعيش بل لتنجب وتُرَبِّي وتخدُم وهذا القمع تدركه المرأة يوم زفافها : ” الرجل هو رأس المراة……” أو “إن الرجال قوّامون على النساء” , القيام على الشيء رعاية وحماية وإصلاحاً وكأن المرأة بلا رأس أو فكر أو إرادة .
تجاهلَ المجتمع الريفي الذكوري تعليمها فوجّهها الى اعمال البيت والأرض . كانت الغسّالة والطبّاخة والحيّاكة والغزّالة والمسعفة في الأمور الزراعية (3). فالبنت حياتها في المنزل وفي المنزل تبقى ، “لا تخرج من الخِدْرِ إلا الى القبر”.
واحصاء عام 1921 لسكان لبنان يشير الى أن اللبنانيات كنّ بمجملهن أميّات
كانت القوة العضلية وسيلة إنتاج اساسية في المجتمع الريفي ذو الطابع الزراعي في جبل لبنان قبل الإنتداب. و بِلُغَةِ “ماركس” والباحثين الإشتراكيين ،من يمتلك وسائل الإنتاج يمتلك السلطة .
لقد منّت الطبيعة على الرجل دون المرأة بهذه الوسيلة الإنتاجية في مجتمع زراعي قاس .وعلى هذا الأساس تفوّق الرجل فاستأثر بالسلطة حتى أنه سمى الله ذكرا وجعل كامل التركيبة الإقتصادية والإجتماعية تخضع لسلطانه الذي لا يشاركه به أحد.

في هذا الجو كان بديهيا ان تخضع المرأة لسلطة الرجل ومن العبث كان تخيّل حالة أخرى لوضع المرأة في بنية زراعية اولى وسائل انتاجها الأرض وثانيها العضل .
غير أن تحول الحال بدأ لما دخل المجتمع في نمط  اقتصادي  حرفي  حيث حلّت الآلة شيئا فشيئا محل العضل. فصار الذكر يخسر من سلطته وصارت المرأة تكتسب سلطة ما، إذ بدأت تشارك  في عمل مستقل خارج الإطار العائلي مساعدة للآلة في الإنتاج تماما كما صارت عليه حالة الرجل فتوازيا وبدأ التوازن يشق طريقه الى علاقاتهما.
ولما صار العقل هو الوسيلة الأهم في الإنتاج وقد شاركت فيه المرأة متفوقة على الرجل بالإدراك والإرادة والعاطفة بدأ النظام الأبوي التقليدي يهتز .
والمراة في جبل لبنان دخلت هذا المسار منذ مشاركتها في انتاج الحرير على الآلات المتوفرة في كراخين منتصف القرن التاسع عشر. فعملت منذ بزوغ الفجر وحتى هبوط الليل تتقاضى قرشين او ثلاثة في اليوم وكن يشكلن 86% من القوة الإنتاجية في كراخين الحرير بينما كان الرجال والأولاد لا يتعدّون ال14% من القوى المنتجة (5). هكذا كسرت المرأة الحِرم واختلطت بالرجل في العمل و الأفراح والأتراح والقداديس والتنصيروالتطهير وحيث ما كان اجتماع . ودخلت المدرسة بضغط من والدتها على والدها فإذا بجيل من النساء يخرج من حيز القرية الضيق في عهد الإنتداب الى رحاب المدينة حيث سوق العمل وافر وإمكانيات التخصص متوفّرة.

في هذا الجو أدرك أهل القرى اللبنانية انه ما من حرية يؤمّنها محراث بدائي أو خلقين أو دولاب فاتجهوا الى التعلّم علّهم يصلون من خلال المعرفة الى الحرية ومنها الى مستويات عالية من الرفاه.
إنها أحوال اللبنانيات على مشارف القرن العشرين أحوال تنبئ بأن التحرّر آت لا محال وسوف يتضح ذلك في مطلع القرن العشرين الذي عرف تقلبات عدّة دفعت بالمرأة الى الإمساك بمصادر الدخل والإمسكاك بالتالي بمصيرها رغم كل الحواجز والعقبات.

ولكن هل الحالة اليوم وفي لبنان بألف خير؟ حتما لا وأحوال قسم كبير من نساء لبنان ليست بخير. وللحديث تتمة.

شربل نجار
(1) لحد خاطر: العادات والتقاليد اللبنانية ، منشورات مكتب الدراسات العلميّة،بيروت 1974، ج1، ص219.
(2) مسعود ضاهر : تاريخ لبنان الإقتصادي والإجتماعي 1914-1926 دار الفارابي ط 1 بيروت، ص .236

(3) أنيس فريحة : القرية اللبنانية حضارة في طريق الزوال ، المكتبة الأهلية، ص 97 – 114

(4) إحصاء 1921

(5) وجيه كوثراني : بلاد الشام في مطلع القرن العشرين، المركز العربي للأبحات ودراسة السياسات، ط3 ، بيروت 2013 ، ص 126.

72 تعليقات

  1. تعقيبات: 1wearing

  2. تعقيبات: 1basketball

  3. تعقيبات: dissertation handbook

  4. تعقيبات: dissertation printing

  5. تعقيبات: dissertation template

  6. تعقيبات: dissertation help glasgow

  7. تعقيبات: dissertation topics

  8. تعقيبات: defending dissertation

  9. تعقيبات: online dissertation writing

  10. تعقيبات: uf dissertation format

  11. تعقيبات: online keno casino

  12. تعقيبات: secure online casino

  13. تعقيبات: casino card games online

  14. تعقيبات: wind creek casino online gaming

  15. تعقيبات: sugar house casino online

  16. تعقيبات: new jersey online casino sites

  17. تعقيبات: nj online casino no deposit bonus

  18. تعقيبات: gta 5 online casino mystery prize how to claim

  19. تعقيبات: online hollywood casino

  20. تعقيبات: online casino best

  21. تعقيبات: online casino new jersey

  22. تعقيبات: bet online casino no deposit bonus codes

  23. تعقيبات: mychoice online casino

  24. تعقيبات: best online casino to win money

  25. تعقيبات: mgm grand online casino michigan

  26. تعقيبات: free netflix vpn

  27. تعقيبات: best vpn for torrenting free

  28. تعقيبات: best windows vpn

  29. تعقيبات: best vpn for chrome

  30. تعقيبات: bi/gay dating apps

  31. تعقيبات: single gay dating site

  32. تعقيبات: gay dating website

  33. تعقيبات: new singles online

  34. تعقيبات: top online dating

  35. تعقيبات: free datings site

  36. تعقيبات: 12 single dating site

  37. تعقيبات: best online dating and chatrooms travel

  38. تعقيبات: connecting singles

  39. تعقيبات: dating service

  40. تعقيبات: harrah's casino online

  41. تعقيبات: online casino promo codes

  42. تعقيبات: free asian gay chat lines

  43. تعقيبات: old gay men video chat rooms

  44. تعقيبات: gay random chat

  45. تعقيبات: gay senior chat

  46. تعقيبات: best free gay chat

  47. تعقيبات: snap chat gay boy cums

  48. تعقيبات: gay video chat free

  49. تعقيبات: gay zoom chat rooms pnp

  50. تعقيبات: chat gay maduro

  51. تعقيبات: fre gay chat

  52. تعقيبات: help writing college papers

  53. تعقيبات: buy literature review paper

  54. تعقيبات: where can i find someone to write my college paper

  55. تعقيبات: how to find someone to write my paper

  56. تعقيبات: pay someone to write a paper for me

  57. تعقيبات: write my paper for cheap

  58. تعقيبات: buy a philosophy paper

  59. تعقيبات: buy college paper

  60. تعقيبات: custom written college papers

  61. تعقيبات: 3midwife

  62. تعقيبات: coursework masters

  63. تعقيبات: coursework help uk

  64. تعقيبات: creative writing english coursework

  65. تعقيبات: buy coursework

  66. تعقيبات: coursework writers

  67. تعقيبات: dateing websites

  68. تعقيبات: ourtime dating site log in

  69. تعقيبات: absolutely free dating site

  70. تعقيبات: absolutely free personals

  71. تعقيبات: best dating service

  72. تعقيبات: strydom mail

اضف رد