16-04-2021 | 00:37 المصدر: النهار


فلسطينيّو لبنان يخشون “تجربة تسفيرهم المقوننة”
“تجربة التسفير القانوني” المكتنَفة بالغموض والشبهات للاجئين الفلسطينيين من لبنان اذا ما اقتنعوا بمسألة التوقيع على توكيلات يتخلّون فيها عن كامل حقوقهم بأية ملكيات في الاراضي الفلسطينية المحتلة في مقابل وعدهم بتأمين خروج آمن ونهائي من بيروت الى بلاد لجوء في الغرب، وهي القضية التي فُتحت ملفاتها قبل نحو شهرين امام الاضواء الاعلامية، ويتصدى لريادتها محام لبناني، تتفاعل بقوة وتتوالى فصولها في اوساط الفلسطينيين في الساحة اللبنانية في معرض استشباههم بها واعتراضهم القطعي عليها. وينطلق هؤلاء في رحلة الاعتراض والمواجهة المستمرَّين فيها من معطيات واعتبارات شتى يلخصها احد قياديي العمل الفلسطيني في لبنان لـ”النهار” على النحو الآتي: – ان “بطل القضية” (المحامي اللبناني ج. ذ.) تصدى لمهمة يعي سلفا ما تنطوي عليه من مخاطر ويدرك تماما انها مشبوهة بكل المقاييس والابعاد، ومع ذلك يبدي اصرارا منقطع النظير على المضي قدماً في “المهمة والخطوة غير النبيلة” التي انطلق بها قبل فترة. – اكثر من ذلك، هو يضرب عرض الحائط كل أشكال الاعتراض التي ابدتها “هيئة العمل الوطني الفلسطيني” في لبنان، والتي تضم كما هو معلوم كل الفصائل والهيئات والاتحادات واللجان الفلسطينية، اي الناطقين بلسان اللاجئين في لبنان وممثليهم الشرعيين. واللافت بالنسبة الى اعضاء هذه الهيئة ان المحامي اياه مارس نوعا من النكاية والتحدي لممثلي الشعب الفلسطيني عندما اصر على توزيع مئات من النسخ المضافة من التوكيلات اليه، والتي يطلب فيها من كل راغب في الحصول على فرصة الخروج من لبنان ان يوقّع على تنازل بيّن عن كل ما يرتبط بشيء يرقى الى مرتبة القداسة تاريخيا عند كل فلسطيني في الشتات وهو “حق العودة”. – مع هذا الاصرار من جانب المحامي، كبرت الخشية عند هذه القيادة من ان تصير المسألة برمتها مسألة “إشغال متعمد” للرأي العام الفلسطيني واللبناني على حد سواء، بحيث يقع اللاجئون الفلسطينيون تحت وطأة الاغراء الملتبس وهم يعانون قسوة الحياة وانسداد افق العيش امامهم، وبحيث يفتح هذا المستجد الباب امام جزء من الرأي العام اللبناني للذهاب بعيدا من “فكرة التخلص من عبء الوجود الفلسطيني في لبنان”، فيعاد مجددا فتح ملف اشكالي وسجالي من ملفات سنوات الحرب الاهلية وما قبلها. – لا تخفي مصادر القيادة نفسها ما يزيد من منسوب الريبة والشك عندها انها لم تجد التعاون اللازم والمأمول من جانب الجهات اللبنانية المعنية، ولاسيما نقابة المحامين والسلطات القضائية اللبنانية ذات الصلة، في سبيل تنسيق قانوني يفضي الى الوقوف في وجه “هذا المشروع الخطر”. – وبناء عليه، تكشف القيادة نفسها انه امام هذا كله لم تعد في وارد التعامل مع هذه القضية من منظار الانطباع الاولي الذي تكوَّن لديها وهو “انها تجربة من تجارب عدة سابقة كانت الغاية منها جس نبض الشارع الفلسطيني لمعرفة مدى تعلقه بقضيته المركزية وبمنظومة القيم التي بنيت على اساسها وفي مقدمها حق العودة”، بل انها وجدت فيها “عملية استغلال وقحة أُعِدت بإتقان وبتمويل من جهات خارجية تحت عنوان عريض هو اغواء متجدد لجزء من اللاجئين للتخلي عن ارتباطهم التاريخي بأرضهم ورغبتهم المطلقة في العودة اليها والتحلل من كل ما يتصل بحق العودة”، وفق ما يقول امين سر “اتحاد الحقوقيين الفلسطينيين” في لبنان الدكتور سهيل الناطور. ويسلط الناطور في مقابلة مع “النهار” الاضواء على المخاطر القانونية التي تنطوي عليها الخطوة التي شرع بها اخيرا المحامي المذكور، فيقول: “ان التجربة التي يسعى المحامي اللبناني الى استغلالها لكي ينفذ منها الى مسألة بالغة الحساسية بالنسبة الينا، ليست تجربة بلا مقدمات وجذور. فعلى امتداد اعوام التشريد والنكبة الـ 73 الماضية شهدنا تجارب متجانسة بالهدف ولكن مختلفة بالشكل والآلية، اذ ما زال بعضنا يستذكر تجربة صاحب مكتب سفريات في بيروت حاول اغراء لاجئين بتأمين تأشيرات خروج لهم الى فرنسا واسبانيا عبر المغرب، وقد نجح استهلالا في تأمين بعض التأشيرات لكن المافيا التي تعامل معها في هاتيك العواصم انكشفت وعجزت. وكان مصير بعض الشبان الذين غامروا واستجابوا الحبس في السجون الاسبانية”. واضاف: “ثمة شبهات خطرة تكتنف طريقة عمل المحامي اياه، فهو على سبيل المثال يطلب ان يرد في الوكالة التي يوقعها اللاجىء الراغب في السفر وفق الشروط المذكورة “انها غير قابلة للتراجع”، اضافة طبعا الى مسألة التنازل عن الملكيات وحق العودة”. وتفسير ذلك وفق الناطور “انها عملية بيع موثقة لمجهولين، ما يعزز الشكوك في ان تكون العملية تنازلاً منظماً للصهاينة”. واستطرد ان حملة المحامي “موجهة اصلا الى فلسطينيي الـ 48 (كون اللاجئين في لبنان وسوريا هم من لاجئي ذلك العام) وهو ما يفتح الباب لاحقا على عمليات تنازل وبيع مماثلة في الضفة الغربية، وهي مسألة بالغة الخطورة لمن يعرف حجم الصراع الحالي في مناطق السلطة الفلسطينية على الأرض بين العرب واليهود”. ووضع الناطور ملاحظات حول “طريقة التعاطي المتراخية لنقابة المحامين في بيروت مع شكوانا ومراجعتنا بشأن سلوك المحامي المذكور تجاه قضية على هذا المستوى من الحساسية والقدسية بالنسبة الينا، اذ بادر النقيب الى اقتراح جمعنا مع هذا المحامي تحت عنوان “تسوية القضية”، اي انه يريد ان يساوي بيننا من جهة وان يعتبر الامر مجرد نزاع شخصي وهذا امر مرفوض”. وعليه، يستطرد الناطور: “نحن في صدد إعداد شكوى قانونية مدعمة بالوثائق لتقديمها الى المدعي العام التمييزي في بيروت. وهي جزء من تحرك متدرج قررنا القيام به ومنه بيانات موجهة لابناء شعبنا بغية لفتهم الى مخاطر هذه القضية ومغبة الانجرار اليها”. ولفت الى جانب آخر يسعى المحامي اياه الى استغلاله وهو “انه يوجه دعوته الى اللاجئين الفلسطينيين النازحين من مخيمات سوريا مستغلا سوء اوضاعهم”. واعلن ان ثمة اتصالات مستمرة مع محامين قانونيين لبنانيين “سبق لهم ان ابدوا تفهما لموقفنا وهواجسنا واستعدادا للتنسيق”. كذلك اضاف: “اجرينا اتصالات مع المكاتب القانونية في الاحزاب اللبنانية، وكنا مرتاحين للبيانات التي صدرت عن الجهات القانونية في الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب السوري القومي الاجتماعي، والتي اعربوا فيها عن تضامنهم مع موقفنا ومشاطرتهم تحركنا المقبل”.