الرئيسية / مقالات / فرنسا أيضاً قلقة من المرحلة المقبلة؟

فرنسا أيضاً قلقة من المرحلة المقبلة؟


روزانا  بومنصف
النهار
27022018

في إطار الاستعدادات الفرنسية لتأمين انعقاد مؤتمرين من أجل لبنان هما مؤتمر “سيدر” من اجل تشجيع الاستثمار في لبنان ومؤتمر روما من أجل دعم الجيش اللبناني، ينقل سياسيون “مفاجأة” يمثلها ما تضمنه موقف الاستطلاع الفرنسي وانطباعاته على خط الانتخابات النيابية والرؤية لما بعدها كما على خط المؤتمرين المعنيين. والكلام على مفاجأة يعود على الارجح الى اقتناع بأن القلق على مرحلة ما بعد الانتخابات كان محصورا الى حد بعيد بالمملكة العربية السعودية التي عزي موقفها ازاء الرئيس سعد الحريري قبل أشهر قليلة الى هذا القلق بالذات من تبعة ما يتجه اليه البلد والخشية من مرحلة ما بعد الانتخابات، كما انه ينسحب ربما على الولايات المتحدة الاميركية، علما ان الاخيرة تتحدث عن القلق السعودي فيما ترمي مسؤولية المرحلة المقبلة على اللبنانيين، لجهة ضرورة ان يحسنوا الاختيار الى اين يريدون التوجه ببلدهم. ويطرح على السياسيين السؤال: ما الذي يمكن القيام به من اجل الا تأتي نتائج الانتخابات وفق التوقعات بناء على القانون نفسه وحيثياته التي تعطي الحزب ارجحية على جميع الافرقاء السياسيين الآخرين؟ ويصعب القول انه يمكن القيام بالكثير نتيجة هذه النقطة بالذات وليس نتيجة اي عامل آخر مختلف. ومعروف عن باريس التي كان لها اليد الطولى في عودة الرئيس الحريري عن استقالته وعن حصوله على ضمانات النأي بالنفس، انها قريبة من الوضع اللبناني باعتبار لبنان من المعاقل الاخيرة لها التي لا تزال مرتكزاتها قوية في المنطقة لاسباب تاريخية وجذور من العلاقات بحيث يعتمد لبنان في جزء كبير من التطلع الى دعم قضاياه على فرنسا بالذات، بالاضافة الى انها من الدول القليلة التي تقيم حوارا مع “حزب الله”، وتحاول ان تتوسط مع ايران في شأن لبنان او في شأن العلاقة مع دول الخليج، وتاليا فإنها تأخذ على عاتقها الدفع بالوضع اللبناني قدما، لكنها لا تستطيع ان تتجاهل مآخذ او تحفظات حلفاء لها. لذلك يعزى راهنا من جهات سياسية متعددة انتقال عدوى القلق من نتائج الانتخابات الى الفرنسيين ايضا، ولو ان الواقع قد يؤدي الى ان القانون نفسه سيفرز نتائج سيضطر الخارج الى التعامل معها، ايا تكن. اذ ان نتائج المؤتمرات ستكون متابعتها ربطا بما بعد الانتخابات على وقع تساؤلات عن نتائجها، وكيف يمكن ان تؤثر في تأليف الحكومة، وهل ستتيح عودة التركيبة الحكومية نفسها وباي نسب، خصوصا اذا كانت الاكثرية النيابية راجحة لمصلحة الحزب وحلفائه، وتاليا بأي شروط ستتألف. وتصاعد الكلام على توقعات بنتائج الانتخابات، ربطا بأن القانون نفسه هو الذي يمهد لهذه النتائج، بحيث لن ينفع اي تدخل من اي كان عكس ما ستكون عليه هذه النتائج او التخفيف منها ربما يؤثر جنبا الى جانب مع عدم وضوح الرؤية لما بعد الانتخابات على المساهمات في مؤتمر سيدر واحد التي تخشى مصادر مطلعة الا تكون المساهمات الخارجية على مستوى الطموح اللبناني. بل لعل تجربة العراق في مؤتمر اعادة اعماره وقد طالب بـ88 مليار دولار من الدول المساهمة في حين انه لم يحصل سوى على 33 مليار دولار تشكل نموذجا لا يجب تجاهله بحيث ان حصول لبنان على نسبة مماثلة سيكون امرا اقل من الطموح والحاجة في الوقت نفسه وسيكون مبلغا قليلا من المرجح ان تتم تجزئته فيما النسبة الاكبر ستكون للقطاع الخاص مما قد يفتح نقاشا اخر في هذا الشأن بعد الانتخابات النيابية. وهذا في ما يتعلق بمؤتمر سيدر واحد في حين ان مؤتمر روما لدعم الجيش انما يرتبط بارادة ورغبة المملكة السعودية وبعض دول الخليج في المساعدة في ظل حذر كبير قائم من نتائج الانتخابات والتوجه الذي سيحكم البلد ما لم تنل المملكة ما يطمئنها بعمق وجدية لهذا الامر. والكرة هنا ستكون في شكل اساسي في ملعب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اكثر بكثير مما يمكن ان تكون لدى رئيس الحكومة سعد الحريري باعتبار ان الاخير يترك هامشا كبيرا يستفيد منه رئيس الجمهورية لفرض رؤيته السياسية المنسجمة مع رؤية الحزب الى حد كبير، ما يثير التحفظات اكثر للمرحلة المقبلة.

وهذا جانب من القلق على ذمة من ينقلون هذه الانطباعات اضافة الى واقع ان لبنان وفي حال لم يقم بالاصلاحات الجدية التي تؤهله الاستثمار في مشاريعه في المدة المقبلة اقله وفق المؤشرات التي يفترض ان يعطيها في هذا الاطار علما ان المؤشر الوحيد المحتمل هو الاسراع في انجاز الموازنة حتى الان لكن من دون اي ملمح الى اي اجراء اصلاحي اخر. وهناك كلام كثير حول الاصلاح ووقف الفساد لكن المخاوف التي يبديها الاقتصاديون والخبراء في هذه المرحلة تظهر وجوب القيام بعمل كبير جدا لمنع الهدر واتاحة فرصة امام الانقاذ الاقتصادي والمالي. وليس واضحا تماما ان الافرقاء السياسيين المنخرطين في الانتخابات وصرف النفوذ في هذا الوارد تحديدا في هذه المرحلة وربما في اي مرحلة اخرى ايضا لان الافعال لا تتطابق والاقوال على هذا الصعيد خصوصا ان الرهانات التي عقدت على موضوع استثمار الغاز والنفط قد لا تقع في مكانها بل تعود الى الوراء في ضوء المستجدات التي طرأت في النزاع مع اسرائيل. وهذا ينسحب بالمقدار نفسه على متابعة الرؤية” السياسية” للافرقاء السياسيين في حملاتهم الانتخابية وهي رؤية تغيب الى حد كبير لدى غالبية الافرقاء اللهم باستثناء الثنائي الشيعي ولا سيما “حزب الله” مما يساهم في ترك علامات استفهام كبيرة حول المرحلة المقبلة.

اضف رد