
25022018
النهار
فتحت تركيا أكثر من مواجهة مع عدد من دول شرق المتوسط خلال الفترة الاخيرة. فمع إستمرار الازمة التركية – القبرصية بعد منع أنقرة تنقيب نيقوسيا عن الغاز في المنطقة الاقتصادية البحرية القبرصية، ها هي تُشعل أزمة جديدة مع مصر.
ولكن، يبدو ان الازمة أبعد من ذلك، فحفيظة تركيا أثيرت في الايام الماضية بعد توقيع القاهرة اتفاقاً مبدئياً مع نيقوسيا لمد خط أنابيب لضخ الغاز من قبرص إلى مصر، في الوقت الذي ترفض فيه تركيا بشدة بيع الغاز القبرصي قبل التوصل إلى حل سياسي لأزمتها مع الجزيرة المتوسطية وترسيم الحدود البحرية. كما أعربت أيضا أنقرة عن إنزعاجها من إنطلاق المفاوضات بين القاهرة وأثينا فيما يخص ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
غاز قبرص نحو مصر
وقعت مصر اتفاقاً مبدئياً مع نيقوسيا لمد خط أنابيب لضخ الغاز من قبرص إلى مصر في الوقت الذي تسعى فيه مصر للتحول الى مركز إقليمي للطاقة بالتوازي مع استراتيجية الطاقة التابعة للاتحاد الأوروبي، مما يعطيها الفرصة للعمل عن قرب مع الاتحاد الأوروبي في هذا النطاق، وهذا ما أكده وزير البترول المصري طارق الملا من العاصمة البريطانية لندن خلال إنعقاد اسبوع البترول. وإستناداً الى الاتفاق الذي وقع، تقوم قبرص بتزويد مصانع تسييل الغاز التي تقع شمال مصر، وعلى مسافة تبعد عن قبرص 645 كيلومترا، من حقل أفروديت القبرصي، الذي اكتشفته شركة “نوبل إنرجي” الأميركية والذي يحتوي على نحو 4.5 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي. ليتم في مرحلة مقبلة تصدير هذا الغاز عبر مصر. كما تؤكد القاهرة ايضا انها تتجه لتوقيع مذكرة تفاهم في مجال الطاقة مع الاتحاد الأوروبي قبل منتصف العام 2018 لتتحول بذلك أوروبا سوقا رئيسية لإمدادات الغاز من مصر.
ويبقى الهدف الاساسي بالنسبة لبلاد الفراعنة، هو التحول الى مركز إقليمي للطاقة وتحديداً لتوزيع الغاز القادم من إسرائيل وقبرص. وهذا ما أكد عليه الرئيس السيسي بعد إبرام الاتفاق مع قبرص، وأيضا بعد توقيع صفقة الغاز مع إسرائيل، في الوقت الذي تبحث فيه ايضاً مصر عم تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز المستخرج من حقل ظهر ، أكبر حقل للغاز في البحر المتوسط ، نهاية 2018 وتحقيق الفائض منه في 2019.
الغاز الاسرائيلي ايضا نحو مصر
شهد الاسبوع الفائت، توقيع شركة دولفينوس المصرية الاتفاق مع شركة ًديليكً الاسرائيلية، مالكة حقلي الغاز “ليفياتان” و”تمار. وينص الاتفاق على توريد كمية إجمالية من الغاز الطبيعي لمصر ويحصل حجمها الى 64 مليار متر مكعب من الغاز المستخرج من “ليفياتان” وتمار” على خلال 10سنوات بقيمة إجمالية تقارب 15 مليار دولار، وعلى ان تقوم مصر بتسييل هذا الغاز وثم تعيد تصديره إلى الخارج.
ويوجد في مصر مصنعان لتسييل الغاز الطبيعي، الأول “إدكو” المملوك للشركة المصرية للغاز الطبيعي المسال، ويضم وحدتين للإسالة، والآخر في محافظة دمياط ويتبع شركة “يونيون فينوسا”، الإسبانية الإيطالية، ويضم وحدة واحدة فقط، وبوسع المحطتين تسييل الغاز المستورد من أي دولة من دول الجوار، وتعبئته في ناقلات النفط العملاقة، ومن ثم شحنه إلى دول أوروبا. ويسمح قانون تنظيم سوق الغاز الجديد في مصر للشركات بشراء الغاز واستيراده وإعادة بيعه محلية أو إعادة تصديره من خلال هذه المحطات. وتجري دراسة خيارات عدة لنقل الغاز إلى مصر بينها خط أنابيب غاز شرق المتوسط، فيما ذكرت ديليك أنها وشريكتها “نوبل إنرجي” ومقرها تكساس، تنويان بدء المفاوضات مع شركة غاز شرق المتوسط لاستخدام خط الأنابيب. وبين الخيارات تصدير كمية الغاز عبر الأنابيب الأردنية الإسرائيلية الجاري مدها في إطار الاتفاق الذي تم توقيعه بهدف تزويد شركة الكهرباء الأردنية بالغاز الاسرائيلي من حقل لوثيان. وردا على كل ما أثير من إنتقادات حول هذه الخطوة، تؤكد السلطات المصرية ان الاتفاق سيخضع للقوانين المرعية، وعلى الشركات الخاصة التقدم بطلباتها رسميا للنظر فيها وفقا للضوابط الموضوعة في هذا الشأن.
الاتفاق ينهي التحكيم
لكن، ما سينتج أيضا عن هذا الاتفاق هو طي ملف قضايا التحكيم بين تل ابيب والقاهرة. ففي نيسان من العام 2017، قضت محكمة سويسرية بتغريم مصر ملياري دولار، لصالح شركة الكهرباء الإسرائيلية نتيجة الأضرار الناجمة عن الهجمات الارهابية المتكررة على خط الأنابيب في محافظة سيناء والذي كان يزود إسرائيل بالغاز المصري. وكانت مصر تصدر الغاز الطبيعي إلى إسرائيل منذ العام 2008، بموجب اتفاق مدته 20 عاما. ولكن، في العام 2012 إنهار هذا الاتفاق بعد سلسلة التفجيرات التي تعرضت لها الانابين التي تنقل الغاز المصري للداخل الاسرائيلي وخاصة لشركة الكهرباء الاسرائيلية. أما وبعد التوصل للإتفاق بين شركتي “ديليك” و” دولفينوس” يمكن القول ان تسوية قضية التحكيم بين البلدين قد تتم خلال الاسابيع المقبلة. وما يؤكد التوجه الاسرائيلي لطي صفحة الخلاف “التجاري – الغازي” مع مصر، الترحيب الكبير الذي أبداء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهوبتوقيع اتفاق تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر، واصفاً إياه بـ” يوم عيد” بالنسبة لإسرائيل التي ستستفيد منه بالمليارات بحسب نتنياهو.
maurice.matta@annahar.com.lb
twitter: @mauricematta