رضوان عقيل
المصدر: “النهار” 1 تموز 2017 | 17:02
لم تلق العملية العسكرية النوعية التي نفذتها وحدات من الجيش في جرود عرسال من خلال استهدافها ارهابيين في مخيمات للاجئين السوريين قبول بعض الناشطين والمحامين حتى لو ثبت لديهم انها تحولت معسكرات لـ”داعش” و”النصرة” واخواتهما من المجموعات التكفيرية التي بنت اوكارها بين خيم عائلات بريئة لا ذنب لها فهي لم تسلم من نيران الحرب السورية لتقع رهينة في ايدي هؤلاء ليستعملوها دروعاً بشرية. كثيرون من المتباكين على اللاجئين حزنوا على الارهابيين والانتحاريين. وهالهم مشهد توقيف الجيش مجموعات من الشبان للتحقيق معهم. كان على الجنود ان يحضروا للانتحاريين الواجبات الساخنة وان يرتشفوا قهوة الصباح معهم قبل ان يحجزوا تأشيراتهم الى الفردوس حيث تنتظرهم هناك افواج من الجميلات وحورالعين!
لم تسأل جمعيات حقوق الانسان الى الناشطين والحقوقيين المشغولين بالتنظير عن مغاوير شجعان تلقوا بصدورهم الاحزمة الناسفة والمتفجرة وقنابل البغض والظلام ليحموا باجسادهم الطرية اهلهم في بيروت والمناطق والمساجد والكنائس. كان على الجنود ان يستأذنوا الامراء الشرعيين للحصول على فتاواهم وهم من يديرون هذه المخيمات على ارض لبنانية قبل ان يدخل الجنود الى خيم الموت وتصنيع العبوات. وان كان لا بد من الاعتراف انه في صفوف اللاجئين اعداد كبيرة من الابرياء الذين ارغموا على مغادرة ديارهم وتناسهم الغيارى من العرب والعالم الحر ليستمروا في اوجاع هذا المسلسل من التشرد المأساة.
الذين استنكروا ممارسات الجنود وعملياتهم في امارة عرسال على مواقع التواصل الاجتماعي لم يعيروا اهتماماً لمشهد الجنود الجرحى وبعضهم مهدد بخسارة عيونهم التي تحدت الانتحاري وتصدت له. ولم يبق امام المستنكرين الا ارسال برقيات استنكار للشيخ ” ابو طاقية” في عرسال وقيادة “داعش” في الرقة بعد خسارة عاصمة الخلافة في الموصل.
اما قادة “الائتلاف السوري” ورئيسه رياض سيف فلم يرق لهم ايضاً مشهد جنود الجيش اللبناني وهم يساهمون في حماية بلدهم واهلهم، لأن غالبية هذه المعارضة لا تعيش الا على فواتير الدم والدولار وهي تريد ان يصبح لبنان على شاكلة العراق وسوريا بعد تقهقر “داعش”. يطلقون تصريحاتهم المعهودة والمملة من فنادق تركيا وبلدان اوروبية – اكثرهم كانوا من المحظيين من النظام- وهم يستمرون اليوم بالاتجار بأوجاع السوريين بعدما تركوا بلدهم ساحات للارهابين من أربع رياح الارض.
واذا كانت من فائدة للجندي الجريح الذي اصيب في عينيه وقد يصبح كفيفا انه لن يشاهد بعد اليوم هذه الوجوه التي تناصر الارهابيين على جيش لبنان . ولو كنا في بلد متماسك لتمت ملاحقة هؤلاء ولا سيما اللبنانيين الذين تخطوا كل حدود الديموقراطية والتعبير عن الرأي.
وعندما يشاهد المتطاولون على الجيش صور جنود ه الجرحى في المستشفيات ما عليهم الا ان يخجلوا ويحنوا رؤوسهم ،لأنهم لا يقوون على النظر في وجوه الابطال. وعلى الرغم من كل شيىء تبقى عيون جنودنا أكبر من كل هذه الترهات والثرثرات وأصلب من كل هذه الاقلام السوداء وحناجر البغض والكراهية.