الرئيسية / مقالات / عون والحريري والأبعد من الحكومة

عون والحريري والأبعد من الحكومة


روزانا بومنصف
النهار
21052018

تخشى مصادر سياسية وبعد الاجراءات الخليجية والاميركية الاخيرة ضد قيادات في “حزب الله” تصنفها ارهابية وترفض اي تمييز فيها بين جناح عسكري واخر سياسي ان يكون موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد غدا اكثر حرجا من اي وقت مضى انطلاقا من تضييق هامش دفاعه عن الحزب. وفيما عمل الرئيس عون وتكتله النيابي على ان يكون صاحب الكتلة الاكبر من اجل ان يتمكن من الحكم بعد الانتخابات بحرية او بهامش اكبر على رغم ان صلاحيات رئيس الجمهورية لم تعد كما كانت قبل اتفاق الطائف ولو ان محاولات تجرى لتعديلها بالممارسة وليس بالنصوص، فان الضغوط الخارجية ستكون بالمرصاد خصوصا مع دول خليجية اظهرت ان تصالحها مع لبنان ليس مجانيا. وكان لافتا بالنسبة الى هذه المصادر ما نقل عن الرئيس عون قوله امام الموفد الفرنسي جيروم بونافون من ان “المجتمع الدولي مدعو الى دعم الارادة اللبنانية في تحييد لبنان عما يجري في جواره” اذ يفيد ذلك ان هناك ارادة لبنانية في هذا الاطار من اجل تحييد لبنان” عما يحدث في سوريا خصوصا، علما ان فرنسا كانت انتزعت من لبنان موقفا بضرورة النأي بالنفس في تشرين الثاني الماضي على اثر ازمة استقالة الرئيس سعد الحريري من الرياض وذلك فيما المجتمع الدولي لا يزال يذكر لبنان باعلان بعبدا الذي الغاه لبنان الرسمي من ادبياته. وازاء تضاؤل الهامش امام لبنان بصداقاته الخارجية على وقع القرار الكبير والخطير الذي اتخذ في دول الخليج بالتعاون مع الولايات المتحدة بعدم التمييز بين الجناح العسكري والجناح السياسي قد تضيق الخيارات امام السلطة اللبنانية سواء ممثلة بالرئيس سعد الحريري او اكثر بالرئيس عون. اذ ان التجاوز السافر لموضوع النأي بالنفس سيضع حتى فرنسا في موقف حرج في ضوء الموقف الاميركي الخليجي باعتبار ان الدول الاوروبية لا تزال تواجه تبني عدم التمييز بين الجناحين العسكري والسياسي لدى الحزب تاركة الابواب مفتوحة جزئيا لامكان التدخل ولعب ادوار كما يحصل مع ايران راهنا على رغم ان المسألة متصلة ايضا بالمصالح الغربية في هذا الاطار. ويزيد وطأة هذا الواقع ان فرنسا كانت خشبة الخلاص في مسألة المشاريع التي تم دعم تنفيذها في مؤتمر “سيدر”، بحيث بات الوضع الاقتصادي المنذر بالخروج عن السيطرة رهن تنفيذ شروط معينة من اجل انقاذه.

 تقول المصادر السياسية ان ثمة مشكلة سياسية كبيرة سلطت الاجراءات الخليجية الاميركية الضوء عليها وهي مسألة طبيعة المشاركة والتوازنات من ضمن الحكومة بحيث يتم التساؤل اذا كان سيتاح للحزب التحكم بالقرار في مجلس النواب كما بالحكومة. ومسؤولية رئيس الجمهورية وكتلته مضاعفة في هذا الاطار تماما كمسؤوليته في المحافظة على الحقائب الامنية خارج سيطرة الحزب او متناوله او متناول حلفائه علما ان التيار العوني يتشارك والحزب حلفاءهما الى حد بعيد وذلك بغض النظر عن مدى نفاذ الحزب الى القوى الامنية عموما. وتاليا كيف ستكون عليه مواقف رئيس الجمهورية في المرحلة المقبلة علما انه في رأي البعض ابتعد احيانا جزئيا عن الحزب اذ لم يزر ايران في الاشهر السابقة من ولايته في مقابل زيارته للمملكة السعودية ودول عربية اخرى لكن مواقفه بدت ملتبسة خصوصا ان بعضها اثار خلافات كبيرة مع الدول العربية. وتبعا لذلك وفي ضوء المواقف الاخيرة المعلنة على خط موضوع النازحين السوريين الذي تصاعدت المواقف لدى القيادات المسيحية منه في هذا الاطار، ثمة من يتساءل اذا كانت الخطوة التي سيتم الدفع في اتجاهها في المرحلة المقبلة هي نحو التفاوض مع الرئيس السوري بشار الاسد على خلفية التعهدات التي اطلقت باعتماد اي وسيلة لاعادة النازحين. فهذه المسألة ستطوي ضمنا تحقيق ما يرغب به حلفاء النظام وما سيدفعون في اتجاهه من اجل اعادة احياء شرعية الاسد عبر البوابة اللبنانية. والتساؤل في هذا الاطار هو تحت اي بند سيدخل هذا الامر بند المحافظة على تحييد لبنان او بند اعادة النازحين بغض النظر عن قدرة النظام على تقديم ضمانات لهؤلاء او رغبته باعادتهم. لكن هذا الامر سيشكل امتحانا قاسيا سيواجه الحريري ايضا في شكل خاص وليس واضحا ما سيجر لبنان عليه تبعا لذلك خليجيا او اوروبيا ايضا علما ان مراقبين كثرا توقفوا عند سعي رئيس الجمهورية الى استيعاب المرحلة المقبلة بالتركيز على تأليف حكومة وحدة وطنية في تراجع عن الضغط بحكومة اكثرية كان تحدث عنها سابقا كما بالعمل على تنفيذ اتفاق الطائف في رسالة واضحة الى المملكة السعودية والعمل على الاستراتيجية الدفاعية لايجاد حل لسلاح الحزب وهي رسالة الى المجتمع الدولي ككل نتيجة الضغوط على لبنان بسبب “حزب الله” وسلاحه. ولذلك فان الامتحان في الجزء الجديد من ولاية الرئيس عون هو قدرته على جعل لبنان غير مساو لـ”حزب الله” كما اعتبرت اسرائيل وكما يمكن ان ينزلق الخارج الى اعتبار لبنان في حال لم يحسن لبنان الرسمي ادارة اموره خصوصا ان استحقاقات كبيرة على المحك قد يكون ابرزها في زمن ما قبل الانتخابات هو الوضع الاقتصادي الذي ارتكب السياسيون اخطاء جسيمة بقرارات مالية اثقلت على لبنان وتتصل بالزيادات الهائلة التي قدمت تحت وطأة التوجه الى الانتخابات والذي يبقى هذا الوضع هاجسا اساسيا بعد الانتخابات خصوصا متى لم يحصل انفتاح عربي على لبنان وفق ما هو متوقع بعد التصنيفات الاخيرة للحزب بالارهاب انما على وقع تحديات جديدة اضافتها الاجراءات الاخيرة. ولهذه الاعتبارات قد لا يكون تأليف الحكومة وتوازناتها هو الاستحقاق الابرز على رغم اهميته.

rosana.boumonsef@annahar.com.lb

اضف رد