يحاول صادق هدايت أن يعري الرباعيات من التزوير، لكن ما يؤخذ على دراسته أنه أبدى تعصباً شديداً تجاه الخيام. إذ كان يعده أفضل من جميع الشعراء الإيرانيين على الإطلاق. أيضا حاول هدايت اسقاط تفكيره وتوجهه الايديولوجي والقومي على شخصية الخيام “لا يشك القارئ في أن ناظم الرباعيات قد نظر إلى جميع المسائل الدينية باستهزاء، وهاجم باستهانة العلماء والفقهاء الذين يدعون ما لا يعلمون عن أنفسهم” وهذا برأي هدايت يدل على “ثورة الروح الآرية ضد المعتقدات السامية”، وفي اختياره لرباعيات الخيام أبدى هدايت دقّة وحرصاً شديدين، إذ كان يعتقد بأن هناك الكثير من الرباعيات الدخلية التي أنشدها شعراء آخرون ونسبها الى الخيام. يقول المترجم غسان حمدان في تقديمه كتاب هدايت عن عمر الخيام(منشورات الجمل) أن كتاب هذا الأخير قد احتوى على مئتي رباعية ورباعية. غير أن هذا العدد سرعان ما تقلص في الكتاب الثاني الذي أصدره هدايت في مرحلة لاحقة بعنوان “أناشيد الخيّام” ذلك لأن بعض المعجبين بالخيام بحسب المترجم عبد الحق فاضل “طفقوا بعد وفاته ينسخون الرباعيات بعضهم عن بعض، حتى خرجت من أيدي خواص الخيام إلى عوام الناس”، و”كان للمجان رباعياتهم وللمتصوفة رباعياتهم وللزهاد رباعياتهم، و”قد اختلطت كلها برباعيات الخيام، اختلاطا أصبح يتعذر علينا أن نميز بينها ونرد كل منها إلى صاحبها”(ما يقال عن رباعيات الخيام ينطبق على خمريات أبي النواس ومجونه وكذلك على قصص ألف ليلة وليلة). ويخمن مجموع ما انتشر من الرباعيات إلى الخيام في مختلف النسخ الرائجة بنحو خمسة آلاف رباعية كما بيّن ذلك المستشرق الألماني فريدريك روزف في مقدمة “رباعيات الخيام”. وقال المستشرق الفرنسي نيكلسون: “لو عاد الخيام نفسه الى الحياة، لاحتار وعجز عن فرز رباعياته الأصيلة عن ركام الرباعيات الدخيلة الهائل. فثمة رباعيات دخيلة كثيرة قالها أصحابها لدواع شتى، وكانوا من أهل الفلسفة، ومن اللاقدريين أو الملحدين، وبعضهم ربما كان من المجان وأراد التغني بالخمر والهوى”.
ويعتبر بعض المؤرخين أن الكثير من الرباعيات نسبت خطأ الى الخيام وقد اثبت ذلك المستشرق الروسي جوكوفسكي أن اثنتين وثمانين رباعية من هذه الرباعيات واردة في دواوين غيره من شعراء الفرس، مثل: فريد الدين العطار، حافظ الشيرازي، جلال الدين الرومي، وغيرهم، وقد سمّاها جوكوفسكي “الرباعيات المضطربة” أي المتعددة النسبة، يقول هدايت لم يمكن الوثوق بقائمة جوكوفسكي، لأنه رتب قائمته بناء على أقوال خاطئة. على ان اقدم نسخة للرباعيات بين أيدينا اليوم وهي الموسومة بـ “رسالة الرباعيات” يرجع تاريخ كتابها إلى نحو ثلاثمائة عام تقريباً بعد موت الشاعر، وقد عثر عليها في مكتبة بولدين باكسفورد وتسمى بنسخة السر أوسلي، وهي نسخة منقولة عن غيرها من النسخ وليست أصلاً. أما من هو النساخ الذي نقلها؟ وعن أية نسخة نقلها؟ وهل أن الرباعيات الواردة فيها والبالغ عددها 158 رباعية؛ أما النسخ التي تلتها تاريخياً، فهي كلما كانت أحدث عهداً كان ما تحتويه من الرباعيات أكبر عدداً كما يلاحظ عبد الحق فاضل. وفي سنة 1904 أكّدَ الباحث الدانمركي أرنور كريستين سان أصالةَ أربع عشرة رباعيّة فقط للخيام، ويؤكّد ذلك عودتنا إلى المصادر والمراجع التي ذكرت رباعيات الخيام، حيث نجد مخطوط “مؤنس الأحرار في دقائق الأشعار” لمحمد بن بدر الجاجرمي، والمدوّنة عام 741هـ قد ذكرت ثلاث عشرة رباعية في فصل مستقلٍّ باسم الخيام، والباحثون يعتبرون هذه الرباعيات الثلاث عشرة هي خيّاميّة أصيلة لا يرقى إليها الشّك، وكلّها تحمل مضامين إيمانيّة صوفيّة.
قد اشتهر الخيام في الغرب بداية عن طريق ادوارد فيتزجرالد، الذي ترجم الرباعيات لأول مرة إلى الإنكليزية عام 1859 للميلاد، وعندما نشر ترجمته في طبعتها الأولى التي خلت من ذكر اسمه لأسباب كثيرة لم يجد من يشتريها، فاضطر إلى توزيعها على أصدقائه مجاناً، إلا أن هذه الترجمة لاقت رواجاً قلَّ نظيره في المجتمع الغربي في طبعاتها الأخرى، بعد أن كُتب لها الشيوع والانتشار؛ والسبب في ذلك يعود إلى فهم فيتزجرالد وتركيزه في ترجمته على اللذة والشهوة، واللهو والمجون، ثم عادت شهرته إلى إيران مسقط رأسه، ومن الجدير بالذكر أن هنالك مستشرقين سبقوا فيتزجرالد في الإشارة إلى الخيام، منهم: توماس هيد الإنكليزي، وفون همر النمساوي، ونيكولاس الفرنسي، إلا أن الفضل في شهرة الخيام في الغرب تعود إلى فيتزجرالد وترجمته، وفي العالم العربي تسابق الشعراء على ترجمة الرباعيات. فمن مصر ترجمها كلٌ من أحمد رامي، وعبد القادر المازني. ومن العراق قام بترجمتها جميل صدقي الزهاوي، وأحمد الصافي النجفي، وطالب الحيدري، وعبد الحق فاضل. ومن البحرين ترجمها الشاعر ابراهيم العريّض. وهناك الكثير من الترجمات الأخرى التي قام بها شعراء عرب ولم تأخذ نصيبها من الشهرة.