حقق بري تقدّماً من حيث الأصوات. ففي دورة العام 2009، حصل على 90 صوتاً، بينما بالأمس حصل على 98. بالإضافة إلى عدم وجود أي مغلف يحوي إسماً مختلفاً عن بري. هذا، في النتيجة السياسية، يُقرأ بأنه تقدمّ سياسي للفريق الذي يشكّل بري أحد أركانه. ويستكمل ذلك بفوز إيلي فرزلي بمنصب نائب الرئيس، مدعّماً بوجود اللواء جميل السيد، لإضفاء طابع عودة حلفاء النظام السوري إلى البرلمان. ناهيك بالمقاعد التي جلس عليها كل من: عبدالرحيم مراد، أسامة سعد، فيصل كرامي، جهاد الصمد، وعدنان طرابلسي وغيرهم.
هي العودة إلى زمن الوصاية السورية. كرّست الجلسة الأولى للبرلمان الأكثرية النيابية المؤيدة لحزب الله والنظام السوري. فرئيس المجلس ونائبه من قوى 8 آذار. والأهم ما حصل ليلاً بحيث جرى استبعاد نائب القوات فادي سعد عن الترشح لموقع أمين سر، إذ كان الإتفاق بين المستقبل والقوات والاشتراكي على دعم ترشيحه، لكن فيما بعد جرى استبداله بآلان عون، فانسحب سعد لعدم الدخول في معركة خاسرة. والأسوأ أيضاً، هو النتائج التي حصل عليها أنيس نصار، مرشح القوات لمنصب نائب رئيس مجلس. فقد نال 32 صوتاً، وهي 15 للقوات، و5 من اللقاء الديمقراطي بحسب ما تشير مصادر متابعة. وفي حال جرى استبعاد تصويت نواب الكتائب الثلاثة للرجل، يعني في أحسن الأحوال، أنه قد حصل على 12 صوتاً من كتلة المستقبل. وهذا يعني أن هناك 7 نواب من المستقبل لم يلتزموا بالتصويت له، نظراً لغياب الوزير نهاد المشنوق. وهناك من يعتبر أن الحريري لن تكون لديه مونة على خمسة من هؤلاء السبعة، فيما الاثنان الآخران لديهما أعذار بعدم التصويت لمرشّح القوات. لكن الأساس يبقى عند قراءة هذا الرقم، وهو ما يشير إليه البعض بأن ليس كل نواب كتلة المستقبل يلتزمون بقرار الحريري. ما حصل في الجلسة استدعى ردّاً من مصادر قواتية اعتبرت أن ثمة مهزلة حصلت، وهي قد تعطي مؤشراً للمرحلة المقبلة، بشأن تسويات الخفاء، واستمرار محاولات محاصرة القوات وإبعادها عن منصب نائب رئيس المجلس وهيئة المجلس. وتتوسّع الخشية من احتمال أن ينسحب ذلك على عملية تشكيل الحكومة، إذ إن القوات كانت تضع في حساباتها العودة إلى تسلّم منصب نائب رئيس الحكومة، فيما يبدو أن التيار الوطني الحر يصرّ على هذا المنصب لمصلحة الياس بو صعب.
هو مجلس ما قبل انتخابات 2005. ثمة من يشبّه التركيبة الحالية بأنها تركيبة عهود الوصاية. وفوز فرزلي فوز للوصاية السورية بالتحديد. وهذا ما عكسه المشنوق في بيان عن سبب مغادرته الجلسة بعد انتخاب بري رئيساً وقبل انتخاب فرزلي، إذ قال المشنوق إن انتخاب فرزلي عنوان لسياسة مقبلة على لبنان في الحكومة العتيدة، ولو بالتدرّج. وهناك كثير من المؤشرات السياسية والكلامية من أكثر من مصدر رسمي في هذا الاتجاه”.
ما لم يقله المشنوق، ويستنتجه كثيرون في القراءة السياسية، هو أن تشكيلة الحكومة وبمعزل عن تسمية الحريري، ستكون مرآة انتخابات أعضاء هيئة مكتب المجلس. بالتالي، فإن الأكثرية فيها ستكون لمصلحة حزب الله والقوى الحليفة للنظام السوري، خصوصاً أن الشروط التي يضعها الحزب واضحة عبر تمثيل حلفائه من الطوائف الأخرى. ولن يكون هناك حكومة ما لم يلتزم الحريري بهذه الشروط.
حُصرت الاستشارات النيابية بيوم واحد. وفق المعطيات المتوافرة فإن الحريري يضمن نحو 100 صوت، فيما حزب الله لن يسمّي أي شخصية لتكليفها تشكيل الحكومة. وهذه عادة تفهم موافقة ضمنية على تكليف الحريري. في مقابل ترك الحزب الحرية لحلفائه. وعليه، فإن الحريري يحظى بدعم تكتل لبنان القوي 29 صوتاً، كتلة المستقبل 20 صوتاً، كتلة التنمية والتحرير 17 صوتاً، اللقاء الديمقراطي 9 أصوات، القوات اللبنانية 15 صوتاً، تيار المردة 3 أصوات، والنواب المستقلون ميشال المر، فؤاد مخزومي، فريد هيكل الخازن، مصطفى الحسينين، كتلة العزم 4 أصوات. فيما لم يعرف موقف كتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي، وموقف المعارضين السنة للحريري، الذين يسعون لتشكيل تكتل نيابي يطالب بوزير أو أكثر.
وهناك تأرجح في التقديرات بشأن فترة التأليف. وفيما يشيع المستقبل والتيار الوطني الحر أجواء إيجابية عن أن الحكومة ستنجز قريباً، يستبعد آخرون ذلك، معتبرين أن تشكيل الحكومة يحتاج إلى وقت وهو مرتبط بحسابات إقليمية، كما أنه في الحسابات الداخلية يحتاج إلى توفير التوافق مع حزب الله والقوات والاشتراكي والكتل الأخرى. وهذا سيحتاج إلى كثير من الوقت. فيما تشير مصادر قريبة من حزب الله إلى أن التشكيلة مرتبطة بعوامل داخلية، وإذا ما جرى تجاوز هذه العقبات، فإن ولادتها ستكون سريعة، أما الذهاب إلى أبعاد سياسية، فإن ذلك سيصعّب المهمة.