الرئيسية / home slide / عقد حكوميّة “متحوّرة”… ومبادرة بكركي تتقدّم

عقد حكوميّة “متحوّرة”… ومبادرة بكركي تتقدّم

15-04-2021 | 20:28 المصدر: “النهار”

مجد بو مجاهد

عون والحريري (أرشيفية).

يستمرّ الجمود الحكومي والتشبّث بالمواقف والشروط، رغم الحراك الديبلوماسيّ الدولي القائم بزخم منذ أكثر من أسبوع للدفع باتجاه تذليل العقبات، لكنّه لم ينعكس داخلياً في ظلّ عقد لا تزال غير قابلة للحلحلة وانتفاء أيّ معطى يرسم إمكان التنازل عن المطالب في القريب العاجل، علماً أنّه لا يمكن سرد المشهد من منطلق “أسود” أو “أبيض” أو التسليم بسيناريو المراوحة النهائية حتى نهاية العهد، الذي يبقى مجرّد تحليل لا يمكن وضعه في سياق معلوماتيّ. لكن، يبقى عنوان الصورة الظاهرة حتى الآن هو العقد الحكومية نفسها وإن اتخذت شكلاً متحوّراً. وتشير المعطيات إلى أنّ الحراك العربي والدولي يبذل جهوداً حثيثة ونشطة بهدف الدفع الجدّي للوصول إلى حكومة تساهم في تنفيذ الاصلاحات، لكن التحرّك لا يؤدي إلى حسم حتى اللحظة في ظلّ غياب تجاوب بعض القوى اللبنانية. ولا يتبيّن بحسب مسار الأمور أن ثمّة خرقاً وشيكاً، إذ تؤكّد مصادر “بيت الوسط” لـ”النهار” عدم صحّة ما يروّج عن تخلّي العهد عن المطالبة بـ”الثلث المعطّل”، إضافةً إلى عدم اقتناعه بصيغة انتقاء أسماء وزارية من خارج الفلك الحزبي الحقيقي، مع الإشارة إلى أنّه في حال توفّرت القناعة بتأليف حكومة من دون حيازة “الثلث المعطّل”، عندها تنتفي العوائق أمام التشكيل ويمكن “الدخان الأبيض” أن يصعد بعد نحو ساعتين. وتشير مصادر “بيت الوسط” إلى تأكيد وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل، خلال لقائه مع الرئيس المكلّف سعد الحريري، دعم صيغة حكومة اختصاص مستقلّة تعمل على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة، وبأنّ الدعم الدوليّ سيكون حاضراً في حال شكّلت حكومة تتوخّى هذه المواصفات. وسأل هيل الحريري عن المشكلة التي لا تزال تحول دون التأليف، فشرح الأخير العقبات التي لا تزال قائمة أمام الولادة. العقد مستمرّة. وتشير معطيات “النهار” إلى عناوين أخرى تبرز على سطح مطالب العهد لجهة كيفية توزيع الحقائب الوزاريّة على الطوائف والمذاهب أوّلاً، ولناحية الجهات المعنية بتسمية الوزراء المسيحيين انطلاقاً من صيغة الـ24 وزيراً، في حال الانطلاق من توزيعة مبنيّة وفق الآتي: 6 وزراء لرئيس الجمهورية، وزير للطاشناق، وزيران لـ”تيار المرده”، وزير للحزب السوري القومي الاجتماعي؛ ما يرسم علامات استفهام لدى فريق العهد حول مصدر تسمية الوزيرين المسيحيين المتبقيين من أصل 12 وزيراً ورفض إدراجهما من ضمن تحالف يؤمّن أكثرية “النصف زائداً واحداً”، وهي مقاربة ينفيها “بيت الوسط”. أبعد من الأسباب الداخلية، ثمّة من يحيل التعطيل إلى الدور الايراني السلبي، مع التذكير بما قاله مساعد رئيس البرلمان الإيراني للشؤون الدولية حسين أمير عبد اللهيان قبل نحو أسبوعين في حديثه، عمّا سمّاه “انتهاج سياسة عدم وجود حكومة قوية والانقسام وإضعاف المقاومة”. ويعزّز منطق التعطيل أكثر من أيّ وقت ضرورة الوصول إلى عقد مؤتمر دولي من أجل لبنان، فيما يتفاعل حراك “المجموعات السياديّة” ومجموعات التأثير الاغترابية في ظلّ التحضير لعقد 4 مؤتمرات اغترابية لبنانية في حزيران للدفع باتجاه مطلب المؤتمر الدولي. يرى الوزير السابق سجعان قزّي لـ”النهار” أنه “لم يعطَ الإذن لدولة لبنان، ليكون لها حكومة حتى الآن، ولا تزال إيران تمنع من خلال حلفائها ووكلائها في لبنان تأليف حكومة سيادية ومتخصّصة قادرة على إنقاذ البلاد؛ إذ يهمّ هذا الفريق ألّا تتألف حكومة اليوم لسبب خارجيّ قائم على ربط النزاع بين إيران وأميركا، وسبب داخلي لمنع تدفّق المساعدات الدوليّة وزيادة الانهيار، وتالياً القبول بشروط المحور الإيراني”، مشيراً إلى “أنّهم لا يريدون شعباً يطالب بنزع السلاح غير الشرعي، ويرفضون لبنان الحياديّ، ولا يريدون دولة واحدة وجيشاً واحداً. وفي ظلّ شبه استحالة تنفيذ إخضاع الشعب عسكرياً، يحاولون تنفيذ ذلك اقتصادياً وسياسياً، من خلال تجويع اللبنانيين، ويرفضون الإصلاحات لتركيعه”. ويقول قزي: “في المقابل، ثمّة أسباب أخرى كرغبة رئيس الجمهورية والنائب جبران باسيل بالسيطرة في حال الشغور الرئاسي، وعدم رغبة الرئيس المكلّف بتشكيل حكومة لا ترضي المجتمع الدولي؛ لكن السبب الأساسي هو فريق متحالف مع بعضه البعض، إيرانيّ الهوى، يتبنى استراتيجية تمنع ولادة الحكومة وإلا لكانت ولدت”، مضيفاً أنّه “لا بدّ من انتقال المجتمع الدولي إلى موقع التهديد الفعلي للمعرقلين اللبنانيين، ولا أعني فقط عقوبات رمزية، بل عقوبات بمفهوم قادر على شلّ المعرقلين تماماً”. وعن الطريق التي تسلكها مبادرة بكركي، يلفت الى أنه “لا مبادرة بطريركية حكومية، بل مبادرة قائمة على اعتماد نظام الحياد للبنان وعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان من قبل الأمم المتحدة. فعّلت البطريركية شبكة علاقاتها لشرح المشروع وإقناع مراكز القرار به، وصولاً إلى التنفيذ إعلامياً وسياسياً؛ وطليعة التحرّك مؤتمر صحافيّ مع 23 صحافياً من أهم الصحافيين في فرنسا لمدة ساعة ونصف ساعة، تحدّث فيها البطريرك في كلّ المواضيع. وتعمل مجموعات في بلاد الاغتراب على تفعيل اتصالاتها مع ممثلي حكومات البلدان المتواجدة فيها. وباشر الفاتيكان تحرّكه واتصالاته من أجل لبنان”، مؤكّداً أن “مبادرة بكركي هي الطرح الوحيد الذي يمكنه إنقاذ لبنان، في وقت لا قرار بتشكيل الحكومة؛ ولو أراد المعرقلون ولادتها لكانوا شكّلوها، لكن الفريق المعطل لا يقبل بحكومة إلا كما يريدها”. ويخلص قزّي إلى أنّ “مفتاح أي شيء في لبنان هو الحكومة، وعندما قال البطريرك الراعي ألّا تدقيق قبل الحكومة، قصد بذلك ضرورة تأليف الحكومة والمباشرة في التدقيق الجنائي الذي هو عبارة عن عقد عمل بين وزارة المال وشركة خاصة أجنبية، لا بدّ من حكومة لمراقبة عملها”. 

majed.boumoujahed@annahar.com.lb