18-03-2023 | 00:00 المصدر: “النهار”

الغزو الأميركي للعراق (أ ف ب).
عشرون عاماً على الغزو الأميركي للعراق الذي غيّر وجه الشرق الأوسط وأطلق أبواب الجحيم عليه ولا تزال آثاره ماثلة حتى اليوم. الحرب التي بنيت على فبركة وتلاعب بالمعلومات الإستخباراتية من أجل تبريرها، لم تسقط النظام العرقي وحده بل أسقطت المنطقة في لجة من الفوضى والحروب التي لا قعر لها.
قبل عشرين عاماً قرر الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، أن غزو #العراق سيجعل العالم أكثر آماناً…فأين العالم من هذا الآمان.
قبل عشرين عاماً، زعم بوش أن ثمة صلة بين صدام حسين ومنفذي هجمات 11 أيلول 2001 على برجي مركز التجارة العالمي ومبنى البنتاغون في واشنطن وتفجير طائرة فوق حقل ببنسلفانيا. وضغط على الإستخبارات من أجل فبركة الأدلة ليتبين بعد ذلك، أن لا أساس من الصحة.
قبل عشرين عاماً، قال بوش والمحافظون الجدد الذين كانوا يهيمنون على إدارته، أن العراق يملك أسلحة للدمار الشامل، وأنه يتعين غزوه من أجل تدمير هذه الأسلحة. ثم تبين بعد ذلك ان لا وجود لهذه الأسلحة.
وعندما لم تعثر القوات الأميركية على أسلحة الدمار الشامل، بدأ المسؤولون الأميركيون يروجون لنظرية تحويل العراق إلى بلد ديموقراطي، كما فعلت أميركا بعد الحرب العالمية الثانية في ألمانيا واليابان.
لكن تبين أن العراق تحول أرضاً خصبة لتنظيم “القاعدة” بعد الفوضى التي أحدثتها الحرب وقرار حل الجيش العراقي. ما من شيء يثبت “القاعدة” أن “القاعدة” كانت موجودة في العراق قبل الغزو الأميركي. وعناصر “القاعدة” الذين نفذوا هجمات 11 أيلول تدربوا في أفغانستان وإنطلقوا من دول أوروبية، وبشكل رئيسي من هامبورغ في المانيا.
وربما أبشع من فعل الغزو، كان تأسيس أميركا في العراق نظاماً قائماً على المحاصصة الطائفية شبيهاً بالنظام اللبناني، وكان ذلك منطلقاً لإستشراء الفساد، وليجد المواطن العراق نفسه فاقداً لأبسط مقومات العيش على رغم مليارات الدولارات التي يدرها النفط، والتي تذهب إلى جيوب المنتفعين الذين ترعاهم طبقة سياسية فاسدة.
الأمر الأكيد، هو أن أميركا خربت العراق وجعلته ملاذاً للتنظيمات الجهادية، ولم تستطع أن تؤسس فيه لا ديموقرطية ولا دولة يحكمها قانون المواطنية وليس الإقتتال على المغانم.
لكن هل قامت في #الولايات المتحدة محاسبة على قرار الحرب وما أدى إليه مئات ألاف القتلى من المدنيين العراقيين، تحت إدعاء كاذب.
اليوم، تلوم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن روسيا على غزوها أوكرانيا وتبعث بالسلاح والأموال إلى كييف لمحاربة الجيش الروسي، وبايدن نفسه كان من بين المصوتين على قرار الحرب ضد العراق في عهد بوش. العراق على بعد آلاف الأميال رأت فيه الولايات المتحدة تهديداً لأمنها القومي، فغزته.
ولا يظهر أن الولايات المتحدة تعلمت من درس العراق ولا من درس أفغانستان، وتجازف في الوقت الحاضر بنشوب حرب مع روسيا والصين، على خلفية في ما يصوره بايدن من صراع وجودي بين أنظمة ديموقراطية وأخرى إستبدادية. والدول المستبدة في التعريف الأميركي هي طبعاً تلك التي تعارض الهيمنة الأميركية على العالم وترفض إستمرار نظام القطب الواحد.
هذا يعني أن ما من ضمانة بعدم تكرار أميركا لتجربة العراق.