عامر مروّه
النهار
15022018
اخيراً وبعد جهود كبيرة وحثيثة من جمهوره وأصدقائه ومحبيه والتي لطالما طالبته بالافراج عن مؤلفاته وعدم التردد في إطلاقها، يصدرها اليوم الفنان والموسيقي عبد الرحمن الباشا احد اهم العازفين المقتدرين على الة البيانو واهم النخبويين المخضرمين العالميين القلائل جداً، هذا اذا لم يكن الباشا أعظمهم وأكثرهم توافقاً عليه بين الكبار كما أوسعهم إنتشاراً على مستوى ذائقه هذه النخبه العالميه المتخصصة، خصوصاً هنا في بلجيكا وفرنسا وبقيه بلدان اوروبا!
أما المثير للتساؤل هنا فهو الطريقه التي إعتمدها الباشا لتقسيم هذه المؤلفات على اساسها . فالمتعارف عليه موسيقياً دائماً هو الاساس الكرونولوجي ، ولكننا نراه هنا ولاسباب سنكتشفها لاحقاً مع السماع انه يستنسب منهج تقسيمها على أساس الاسلوب والطبيعه الموسيقيه واللحنيه لها، ومع الغوص في القراءه والسماع سنجد ان الرجل كان مُحِقاً ومنطقياً جداً في هذا الإختِيار وإن كان هذا سيعيق دراستنا لها بشكل منفرد بسب كثافه الماده الموسيقيه وكثرتها وتنوعها ، والتي لهذا السبب كان ربما من الافضل توزيعها على قرصين “سي دي ” بدلا من قرص “سي دي” واحد ، ولكن قبل الغوص في المزيد لابد من التنويه بعده أمور لا يعرفها الجمهور حتى من بعض اصدقاء الباشا الموسيقيين ، وبعض هذه الامور ستشكل لهم نوع من صدمه ، اذا ما كشفتها لهم اليوم .. فالباشا لم يكن ( وربما ما زال ) يعتبر نفسه مؤلفاً موسيقياً ! وقد بذل بعض المقربين جداً له خصوصاً اللذين يعرفون ويتابعون بعض مؤلفاته جيداً ويداومون على حضور حفلاته لاقناعه بالعكس (بينهم كاتب هذه السطور )، ومن يعرف كم هو الباشا متواضع ،دمث الخلق ،طيّب الاخلاق و بسيط في حياته وخياراته التي يحياها ولا يمارس فيها الا البساطه من أوسع كِفافها وجمالها .. من يعرف هذه الخصال المتجذره في شخصيته يدرك كم كانت صعوبة إقناعه بالعكس!
في إحدى المناسبات الموسيقيه العامة في بروكسيل التي طالت به عزفاً لأعماله امام جمهور متنوع ، انفردت به بعدها قائلاً له بإلحاح ” ان مؤلفاتك التي اعرف قسم كبير منها وتقول انت انها ليس فيها سوى القليل جداً مما هو مكتوب للاوركسترا، بل وأكثريتها الساحقه عباره عن قطع صغيره للآلة فقط … حسناً عبود ..(فهو يحب ان نناديه ” عبود ” ) فإذا عدنا الى اهم المؤلفين على البيانو جمالا وصلابه وسحراً والمتوّج بالإجماع عبر تاريخها “فريدريك شوبان”، الا ترى معي اننا اذا وضعنا جانباً الكونشرتان ١ و٢ المكتوبتين للبيانو والاوركسترا .. ألا نجد في النهايه ان مؤلفاته هي قصيره نسبياً رغم تنوعها وتفرُّدها وعظمتها ؟؟وهو الحال نفسه لمؤلفاتك ! الا تجد لك سويه بشوبان” ؟ ! يضحك عبود وينظر إليّ نظره فيها ما يجمع بين البراءه والتواضع ويجيب :” هذا الرجل العظيم الذي تتكلم عنه هو شوبان وانا فقط عبدالرحمن ” !. عندما أعلمته انني وكثير من اصدقائي المتابعين لأعماله وحفلاته لا نشاطره رأيه ولا نستنسب ابداً هذا التواضع والكسل والهروب .. ونقترح إصدار الاعمال باسرع وقت وترك موضوع التصنيف واعتبارات النقد والتقييم للناس والتاريخ ! يبتسم ويستعجل تغيير الموضوع . كنت دائماً كلما عدنا والتقينا أعيده قسراً الى موضوعنا هذا كنوع من الضغط والحشر … الى ان فاجأنا منذ اشهر في لقاء عائلي قائلاً لي : رح فشلك خلقك يا عمار وأصدر اكثرية المؤلفات ، شو ؟ نبسطت هلق “؟! وها نحن الان اخيراً في كونسرت اطلاقها في بروكسل .لنعد اذن الى المؤلفات الممتده على اكثر من ساعة وربع الساعة موزعة على٣٢ اثنان وثلاثون قطعة تستغرق أقصرها اقل من دقيقة واطولها الى اكثر قليلاً من ست دقائق ! هذه المقطوعات قام الباشا بتقسيمها اذن على خمسة مجموعات وقطعة سادسة اخيرهً عباره عن فالز لشوبان أعاد الباشا تأليف السطر الثاني في نسيجه البوليفوني لكل المرافقة الهارمونية لمفتاح الـ “فا” بطريق تليق بملك الآلة وراهبها شوبان .. وبذلك يكون تقسيم المؤلفات كما صنفه الباشا هو كالآتي:
…….القسم الاول: بعنوان ثلات قطع شرقية