الرئيسية / أضواء على / “ضَرَبْ ضَرَبْ المدفع”… مُرافق المؤمنين في هذا الشهر الفضيل، ومن فوهته تُطلَق 21 طلقة تبشيراً بالعيد!

“ضَرَبْ ضَرَبْ المدفع”… مُرافق المؤمنين في هذا الشهر الفضيل، ومن فوهته تُطلَق 21 طلقة تبشيراً بالعيد!

مدفع رمضان 1920

“عندما يحلّ مساء كل من 29 شعبان أو الثلاثين منه، كانت تُطلق من فوهة المدفع 21 طلقة تبشيراً برؤية الهلال. وكان يُطلق العدد نفسه من الطلقات عند ثبوت هلال شهر شوال احتفالاً باستقبال عيد الفطر”؛ هذا ما بادر إلى كتابته الإعلامي والباحث في التراث الشعبي زياد سامي عيتاني في بحث له صدر في جريدة النهار في العام 2013. وأكمل مشيراً إلى أنه “كذلك كانت تطلق منه 21 طلقة مساء التاسع من ذي الحجة إجلالاً لحلول عيد الأضحى الذي استحق لهذا المدفع تسمية “مدفع رمضان والعيدين”.

البدايات …

مدفع رمضان.( ارشيف “النهار”).

هذا جانب من المعلومات التاريخية التي، وفقاً لرئيس مجموعة “تراث بيروت” سهيل منيمنة، أشارت إلى أن “إطلاق مدفع الإفطار في رمضان انخرط في التقاليد المحلية في العام 1811، وتحديداً في عهد والي مصر محمد علي باشا”.

وفي التفاصيل، أكد منيمنة على أن “إبرهيم باشا المصري رافق جيشه إلى بيروت المحروسة عام 1831م”، مشيراً الى أنه “في عهده استُحدث في المدينة مدفع لمتابعة روزنامة شهر رمضان، أي إثبات شهر الفضيل وإعلان أوقات الإمساك والسحور والصلاة، على أن تُدفع أتعاب موظف خاص يعرف بـ”الميقاتي”، وهو مولج إطلاق المدفع من جهة، وتحديد الأوقات الخاصة للصيام وصلاة المؤمنين”.

وتوقف عند مواصفات “المدفع القديم المثبت على عربة بدولابين تنقل على البغال من مركزها بثكنة مار الياس أي ثكنة الحلو حالياً، ودام هذا الأسلوب حتى عام 1923″، مشيراً الى أن “القذيفة كان قطعة قماش “محشوة” بالبارود متصلة بكبسولة مرتبطة بحبل رفيع لإطلاق المدفع”.

موقع المدفع

وتناول عيتاني في بحث له صدر في جريدة النهار في العام 2013، أن “موقع المدفع كان أيام الدولة العثمانية، وفق ما أشار المؤرخ عبد اللطيف فاخوري، في الثكنة العسكرية الواقعة على الرابية المطلة على بيروت، عند ما يُعرف اليوم بمجلس الإنماء والإعمار”. وذكر عيتاني أيضاً أنه “كان يشرف على إطلاق المدفع ميقاتي من الأوقاف آنذاك، فيسحب من جيب سترته ساعة معلقة “بكستك” ذهبي، تبيّن إشارة إطلاق المدفع، فيحدث دوياً ترتجّ له المدينة الصغيرة”.

وفي الإنتقال إلى عهد الانتداب الفرنسي، أكد منمينة أن “هذا الوضع الذي راج في العهد العثماني استمر في عهد الإنتداب الفرنسي حين وضع الانتداب يده على الأوقاف الإسلامية وتمّ تعيين المسيو جينادري مشرفاً عليها”.

ولفت الى “أنه في عام 1935، تم نقل المدفع إلى تلة الخياط التي كانت تشرف على معظم الإحياء الإسلامية، وأصبح الإشراف على المدفع بعهدة رجال القناصة اللبنانية التابعة لجيش الشرق”، مشيراً إلى أن “الجيش اللبناني تسلم هذه المهمة بعد الاستقلال”.

“في البال يا بيروت”

صورة أخرى للمدفع الى جانبه فانوس ملون.( أرشيف “النهار”)

إختار منيمنة بعض ذكريات من أبناء بيروت مرتبطة بذكريات مدفع رمضان، منها ذكريات طفولة الأستاذ محمد كريم…” كنا نقف، مجموعة من أبناء الحي، أمام منازلنا، بانتظار مدفع الإفطار الذي كان يطلق من منطقة “تلة الخياط” الهضبية الرملية المرتفعة والمشرفة على معظم أحياء بيروت، من مكان ثابت، بالقرب من مقهى “أبو النور” الشهير، الذي يعرفه كل متذوقي النارجيلة في بيروت….”.

تابع: “ما إن ينطلق مدفع الإفطار حتى كنا نتراكض، كلٌ إلى بيته صائحين: ضرب ضرب… وكنا نرسل هذه الصيحة منغّمة فيها الكثير من الفرح، دون أن نعرف سبباً محدداً لذلك. ربما كانت لالتئام شمل العائلة، وما يخلّفه ذلك من أجواء الألفة التي كنا نشعر بدفئها، أو بسبب ما كان ينتظرنا من مآكل شهية وحلويات لا تكون حاضرة في غير موائد رمضان، أو بسبب ما سوف نقوم به بعد الإفطار من زيارات تحمل التغيير في نمط حياتنا اليومي؛ ولربما أيضاً بسبب انقضاء يوم من شهر، آخره عيد، سيحمل إلينا البهجة: الثياب الجديدة، والعيديات، وفرح “حرش العيد”.

rosette.fadel@annahar..com.lb

Twitter:@rosettefadel

اضف رد