
هيفاء زنكنة
Sep-18
القدس العربي
في «العراق الجديد»، وفي ظل واحدة من أكثر الحكومات فسادا، محليا وعالميا، هل يلام المواطن اذا ما انتابه الشك في سلوك الساسة المعششين منذ أكثر من 15 عاما، وهم يلتهمون أكثر مما يبلعون، ويتوقفون بين اللقمة واللقمة ليتبادلوا الاتهامات بالفساد والسرقة؟ آخر المهازل التراجيدية حدثت منذ أيام.
على حين غرة، ارتفع صوت سيدة صارخا، واستمر الصراخ لدقائق. تبين لمشاهدي البث التلفزيوني العراقي الحي وغير الحي، فيما بعد، ان الصارخة هي نائبة تدعى ماجدة التميمي، وان حالة الصراخ انتابتها اثناء جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب. لم يتمكن المشاهدون من فهم ما قالته النائبة الا ان عددا من القنوات التلفزيونية أوضحت أنها كانت تصرخ ببقية النواب قائلة «كافي سرقة اصوات الشعب العراقي». وهي مسألة بحاجة الى توضيح لمن لم يحالفه الحظ بمشاهدة الجلسة او سماع الصراخ، الذي بات، مع الاسف الشديد، سمة من سمات النائبات العراقيات بينما يفضل النواب اللكمات والتراشق بقناني المياه الفارغة. فقد سبقتها النائبة آلاء طالباني (الاتحاد الوطني الكردستاني) وفيان دخيل (التحالف الكردستاني) التي جمعت ما بين الصراخ والاغماء. ولعل كثرة الضغط على النائبات، كونهن نساء، وعدم الاصغاء لما يتقدمن به من مقترحات او آراء، من بين الاسباب التي تدفعهن الى الصراخ كأسلوب لاجبار الآخرين على الاصغاء اليهن. وهو اسلوب لجأت اليه النائبة ماجدة التميمي يوم السبت الماضي، آملة ان يصغي لها النواب، أو إيصال صوتها الى ابناء الشعب، مستفيدة من معرفة ان جلسة البرلمان الخاصة هذه، التي تم التطبيل والتزمير لها عراقيا وعربيا ودوليا، على مدى شهور، ستبث تلفزيونيا. فهل حققت التميمي، كنموذج، ما ارادته من خلال ظهورها الاعلامي، لايصال رسالة محددة الى المواطنين فيما يخص المآسي اليومية التي يعيشونها، ودورها كنائب يفترض فيه تمثيل هموم وطموحات المواطنين، وتقديم برنامج مستقبلي؟ آخذين بنظر الاعتبار، انها ليست الوحيدة من بين النواب، ذكورا أو أناثا، ممن يعتاشون على الاضواء الاعلامية، مهما كان الثمن.
لا أظن ذلك، مهما كانت رغبة الناس بتصديقها، في حقبة، يجد فيها المواطن، نفسه، مستعدا للتشبث بأية قشه، توفر له العيش الكريم، وتبعد كابوس الطائفية السياسية ومحاصصاتها ومأسستها للفساد. اسباب اخفاقها عدة، لعل اهمها فشلها الفاضح في اختيار التوقيت الملائم اولا، وتناقض ممارساتها النيابية مع تصريحاتها، ثانيا وانتمائها السياسي، ثالثا. بالنسبة الى توقيت اطلاق الصرخة في جلسة التصويت على اختيار رئيس للمجلس، جاء التوقيت مفضوحا بابتذاله، اذ انه تزامن مع الجولة الاخيرة من الصراعات على منصب، ومع اعلان انتصار خصوم حزبها بالضربة القاضية. فكان الفائز من كتلة منافسة (مدعومة ايرانيا) للتحالف الذي تنتمي اليه التميمي. يبدو ان النائبة لم تتحمل الخسارة، أو لعلها افترضت ان حزبها هو «النزيه النظيف»، فوقفت صارخة لتفضح، ما وصفته بسرقة الاصوات. وهي محقة طبعا فيما يخص عمليات التزوير المعروفة للجميع لكنها تعامت عن حقيقة كونها واحدة من المنخرطين بذات البرلمان ومناورات «الكتل». فقد كانت التميمي عضوا في مجلس النواب السابق ـ اللجنة المالية، عن التيار الصدري، بقيادة مقتدى الصدر، لمدة أربع سنوات، ولاتزال في ذات التيار الذي غير أسمه الى «سائرون» بعد تحالفه مع الحزب الشيوعي بقيادة ذات الصدر.
وكانت قد تصدرت الاخبار منذ اسبوعين، في جلسة البرلمان الاستثنائية، يوم 8 أيلول/سبتمبر، للنظر بانتفاضة البصرة، حين قامت بتقديم مداخلة تفصيلية عن عقود الفساد، وهي الادرى بها، بطبيعة الحال، بحكم كونها عضوا في اللجنة المالية. وهي خطوة جيدة لولا انها واحدة من عديد (ان لم يكن كل) النواب الذين استباحوا عقول المواطنين بكثرة الحديث عن فساد «الآخرين» وتبييض وجوههم وايديهم الملوثة بالفساد. مدركين ان لا ضرر في ذلك، اطلاقا، في غياب المساءلة وانتشار الافلات من العقاب. بل ان مسؤوليتها أكبر من البقية لكونها مطلعة على تفاصيل كل ما يجري ولم تلجأ الى فضح الفاسدين الا في الاسابيع الاخيرة، في سيرورة الصراع السياسي الطائفي، الحاد، المعجون بالفساد، حول تشكيل ما يسمى بالكتلة الاكبر التي سيحق لها تشكيل الحكومة واختيار رئيس الوزراء. من بين «الحقائق» التي كشفت عنها في الجلسة «ان هناك أكثر من ستة آلاف مشروع وهمي ضمن موازنة 2014». السؤال الذي نكاد نسمع صرخته هو الآخر: لماذا لم تكشف هذه «الحقيقة» التي تعرفها منذ اربع سنوات؟ لماذا لم تعمل على تقديم ولو قضية فساد واحدة الى القضاء وهي العضوة المطلعة على التفاصيل في اللجنة المالية؟ ألسنا محقين اذا قلنا ان صمتها، على مدى سنوات عملها البرلماني، يثير من الشكوك حول اتهامها الآخرين، وان الصرخة تعالت للتغطية على الشكوك؟
بالاضافة الى الصرخة، قامت النائبة التميمي باجراء عدد من المقابلات لتوضيح موقفها، قائلة بانها رأت، بعينيها، كيفية تزوير التصويت وانها صورت الشخص المسؤول ويدعى أحمد الجبوري «ابو مازن» الذي قام باستلام توقيع النواب وتصوير اوراق التصويت ليتم الدفع لهم وفقها. وانها، تشعر بالخزي والعار لوجودها بين الفاسدين في هذا البرلمان. مما يدفعنا الى التساؤل: لماذا لا تستقيل؟ لماذا لا تتخلص من هذا الخزي والعار بخطوة بسيطة ستزيل عنها الاحساس بالعار وتربحها احترام الشعب، في الوقت نفسه، والاكثر من ذلك، انها ستكون قدوة في النزاهة واتخاذ الموقف المبدئي السليم لكل النواب نساء ورجالا، وعلى المدى البعيد، ستعيد للناس بعض الثقة بالنواب؟ ومن يدري، قد يقام لها، في المستقبل، نصبا، في احدى ساحات بغداد، تقديرا لنزاهتها وكونها أول نائبة تستقيل من البرلمان احتجاجا على الفساد؟
٭ كاتبة من العراق
72 تعليقات
تعقيبات: 1journeyman
تعقيبات: dissertation proposal writing services
تعقيبات: writing
تعقيبات: online edd no dissertation
تعقيبات: dissertation writing guide
تعقيبات: cheap dissertation help in los angeles
تعقيبات: help with dissertation
تعقيبات: electronic engineering dissertation ideas
تعقيبات: dissertation writing guide
تعقيبات: getting help online
تعقيبات: dissertation acknowledgement sample
تعقيبات: dissertation proposal example
تعقيبات: online casino greece
تعقيبات: virgin casino online
تعقيبات: ti casino online
تعقيبات: no deposit online casino bonus
تعقيبات: riversweeps casino online
تعقيبات: online mobile casino
تعقيبات: mgm grand online casino
تعقيبات: michigan online casino
تعقيبات: caesars casino online bonus code
تعقيبات: gambling online casino
تعقيبات: new casino online
تعقيبات: ipvanish vpn free
تعقيبات: norton vpn review
تعقيبات: buy vpn with crypto
تعقيبات: vpn app
تعقيبات: best vpn torrenting
تعقيبات: gay mentally ill dating app
تعقيبات: gay men dating
تعقيبات: adult singles dating site
تعقيبات: video dating
تعقيبات: free online chat
تعقيبات: japanese dating site
تعقيبات: jack casino online
تعقيبات: inferno online casino
تعقيبات: play casino online
تعقيبات: free gay random webcam chat
تعقيبات: chat muscle gay
تعقيبات: gay perv chat group
تعقيبات: bi gay chat rooms
تعقيبات: gay chat rooms mason city ia
تعقيبات: gay chat rooms of pa
تعقيبات: gay teen cam chat room
تعقيبات: ladybug chat noir gay
تعقيبات: local gay chat rooms
تعقيبات: paper writer service
تعقيبات: writer paper
تعقيبات: custom college paper
تعقيبات: paper writing service cheap
تعقيبات: help me with my paper
تعقيبات: custom writing paper service
تعقيبات: custom paper services
تعقيبات: papers writing help
تعقيبات: white paper writing services
تعقيبات: buy custom papers
تعقيبات: help with college paper writing
تعقيبات: write my paper co
تعقيبات: pay for a paper
تعقيبات: 2petroleum
تعقيبات: coursework marking
تعقيبات: coursework marking
تعقيبات: coursework paper
تعقيبات: coursework samples
تعقيبات: coursework masters
تعقيبات: coursework writing uk
تعقيبات: coursework writing service uk
تعقيبات: custom coursework writing
تعقيبات: online dating sites best
تعقيبات: local free personal ads
تعقيبات: online free dating sites
تعقيبات: best dating websites online