20-07-2021 | 00:03 المصدر: النهار

شربل سمعان النجار يستمر منقّباً في المتين
محمود شريح
#شربل سمعان النجّار في جديده “#في مدار الذاكرة” (حزيران 2021، في 240 صفحة من القطع الكبير عن درغام، وغلاف أنيق: صورة سليمان صرّوف وزوجته رشيدة أبو سليمان صرّوف، جدّ وجدّة المؤلّف لأُمّه) عودٌ على بدء، أي تدوين ما علق في ذهنه من تاريخ بلدته المتين وأرشفته، مراجع ومصادر، ورفعه إلى ابنتيه سلاف وسيما، فهنيئاً لهما، ولقرينته شادن معلوف؛ وإذا كان الأستاذ النجّار في كتابيه السابقين “مسارات في تاريخ بلدة المتين 1830-1918 و”مسارات جبليّة نحو لبنان 1854-1920 “أضاء على ما وفّرته المصادر والمراجع فإنه هنا يواكب قريته المتين، وهي وطن، في تعرّجات تاريخها، فيروي سيرة ماضي أيامها، فكلّما عرفَ لبنان حدثاً مفصليّاً كانت المتين في قلبه، فمنذ القرن السادس عشر واكبتْ المتين نشأةَ الوطن الأكبر.
في البدء هي كنيسة مار جرجس مزار الصبا حيث أهل الكاتب في حيّ المنطرة، فأعدّه أبوه للقربانة الأولى وهو في الصفّ العاشر، فغيّب صاحبنا الأبانا والسلام وجعله يغيّب فعل الندامة في الصف التاسع، وحفظ النصّ ببغائياً عن ظهر قلب ليتخلّص من مماحكات والده، ثم عاد وسجّله والده في بيت الرعيّة بجوار منزلهم في الأشرفية.
إلى شيىء من التاريخ وعثوره في 2010 على دفتر لمتينيّ يعود تاريخه إلى 1907 وفيه دوّن صاحبه الخوري يوسف شبلي أبي سليمان قصيدته التي عظّم فيها السلطان عبد الحميد وأعلى من شأن المتصرّف يوسف فرنكو باشا وهنّأ الأمير قبلان أبي اللمع صاحب الأصول والفصول ورئيس مجلس إدارة متصرفية جبل لبنان.
هذا ما وقع عليه شربل النجّار في دفتر كان يداريه ويثريه المعلّم شبل ناصيف الصبّاغ منذ العام 1905، والمتين آنذاك بلدة عثمانية. إلى رواية سيرة آل عقل، زعماء الحارة التحتانية في المتين. وإلى “حكي سرايا وحكي قرايا” أي ما رواه علية القوم وما رواه عامّة الناس، فلا يغيب عن بال المؤلّف سرد آثار حرب 1860 على أهل بلدته ودخول الجيش العثماني إليها، وهجرة بعض أهلها إلى الأرجنتين والبرازيل، فيوثّق ذلك بالمستندات والصوَر، من عهد المتصرفية إلى عهد الانتداب، في سرد أخّاذ وأسلوب طليّ، إلى تأسيس “الجامعة المتينية” فيورد كلمة مارون النجّار في أبنائها وبناتها في 17 آب 1930.
إلى إحصاء 1921 لأهالي المتين وبعض أحوالها الاقتصادية والاجتماعية، وثيقة وتحليلًا، وحزب الاستقلال الجمهوري فيها وكان مركزه بيروت مع عادل الصلح بدءًا من 1931 وأولى فروعه في بكفيّا وزحلة والمتين، وإثبات التقرير الأصلي الذي رفعه مختار القرية يوسف لطف الله أبو سليمان إلى السلطات المختصّة التي ساءلته عن الحزب وأعضائه ومراميه (23. 10. 1934) بعد أن قام شربل النجّار بتحقيقه؛ إلى صُوَر عدة عن كنيسة مار جاورجيوس المتين التي بُنيت في القرن السابع عشر ورُمّمت في القرن التاسع عشر، ثم جرى توسيعها من الناحية الغربية عام 1970، ثم غُطّي سطحها بالقرميد مطلع هذا القرن.
وينصرف الكاتب النجّار إلى تدوين موروث المتين، وثيقة وشفاهاً، فيتوسع في سرد تفاصيل حياة كل من الآباتي عمانوئيل سلامة (1797-1869) والآباتي مبارك سلامة المتيني (1852-1921) والآباتي اغناطيوس أبي سليمان (1905-1996). أما عن وجوه المتين فيورد المؤلّف منها حليم هاني القنطار (1927-2014) وجوزف سلامة (1910-1971) وابراهيم أبو سليمان والياس أبو رزق ويوسف لحّود هارون وأمين الحلبي وشاكر أبو سليمان ونصري أسعد أبو سليمان وضاهر ميخايل الناكوزي، فأرّخ لهؤلاء سيرهم ومآثرهم؛ إلى “جورج حاوي يتذكّر” و “مي ضاهر صحافية بثياب الميدان” و”فهيم الحاج الضابط اللبناني”، إلى مقالات المؤلّف نفسه في السياسة والفكر ومشاهد من الجوار.
شربل سمعان النجّار “في مدار الذاكرة “حنين إلى زمن ولّى وفي آن تأريخه على مبدأ إنْ ضاعت الوثيقة ضاع التاريخ، وعليه هذا مرجع موسوعي في قماشة أدب ونسيج ذاكرة.