إن عقيدة المنطقة الأمنية في جنوب البلاد تنهار بشكل سريع
ايال زيسر
إسرائيل اليوم
القدس العربي
Jan 04, 2018

فقط قبل نحو شهر طلب من إسرائيل الدفاع عن القرية الدرزية الخضر التي تقع أسفل هضبة الجولان السورية أمام هجوم مجموعة من المتمردين السوريين عليها. لقد قامت بذلك من خلال التزام مفهوم وحتى مبرر لمشاعر أبناء الطائفة الدرزية في إسرائيل، وبهذا ردت لسكان الخضر الجميل بدل الإساءة، حيث أن هذه القرية بقيت مخلصة للنظام في دمشق، وحتى أنه خرج منها في السنوات الأخيرة خلايا إرهابية عملت في خدمة حزب الله ضد إسرائيل.
ولكن في الأسبوع الماضي حدث شيء في جنوب سوريا. قوات النظام السوري والى جانبها مقاتلي حزب الله ورجال حرس الثورة الإيراني شنوا هجوما ونجحوا في السيطرة على أجزاء كبيرة في شمال هضبة الجولان وفي وسطها بلدة بيت جن التي سيطر عليها حتى ذلك الحين المتمردون الذين اختاروا الاستسلام، عدد منهم توجه إلى شمال سوريا الذي ما زال يسيطر عليه المتمردون وعدد آخر اختار الاستسلام للقوات السورية والعودة إلى حضن دمشق.
ما حدث في شمال هضبة الجولان مقدمة لما يمكن أن يحدث في جنوب سوريا وعلى طول الحدود الإسرائيلية ـ السورية في هضبة الجولان. مثل المنطقة الأمنية في لبنان في حينه عندما انهارت في عام 2000، وبضجة كبيرة، فإن المنطقة الأمنية التي أقامتها إسرائيل في جنوب سوريا على طول الحدود بين الدولتين آخذة في الانهيار.
في هذه المنطقة تستثمر إسرائيل في السنوات الأخيرة مئات ملايين الشواقل في تقديم المساعدات الإنسانية للمتمردين خلف الحدود. لقد قامت بذلك بهدف ضمان استمرار الهدوء في المنطقة. ولكن يبدو أن هذه العلاقة مع المتمردين بثت الآمال والأوهام بأنه يمكن بهذا أن تتمكن إسرائيل من تغيير علاقة المواطنين المحليين بإسرائيل جذريا وتحويلهم إلى أصدقاء وحتى حلفاء على المدى البعيد. يبدو أن ما سينقش في ذاكرة السكان المحليين ليس بالذات المساعدة الطبية التي قدمتها إسرائيل لهم، بل حقيقة أنه في لحظة الحسم وعندما يتقدم النظام السوري نحو قراهم، ستبقى تنظر مكتوفة الأيدي وتتركهم لمصيرهم.
عملية سيطرة النظام السوري وحلفائه على هضبة الجولان تشكل خرقا للاتفاق الذي وقعته الولايات المتحدة وروسيا قبل نحو شهر فقط، هذا الاتفاق الذي موضوعه إنشاء منطقة محمية (منطقة تهدئة) في جنوب سوريا ضمن الحماية والحصانة للمتمردين، لكن الاتفاق يختلف عن الواقع. الأمريكيون اكتفوا بتوقيع الاتفاق من خلال اعتقاد ساذج بأنه أيضا على الجانب الثاني أن يحترم الاتفاق. ولكن يمكن الافتراض، كما في المرات السابقة، أنهم أرادوا حدثا من العلاقات العامة يهدف إلى عرضهم بصورة إيجابية كمن يهتمون بحلفائهم؛ عمليًا، كل ما شغلهم كان هو كيفية الخروج من الورطة السورية، حتى لو كانت ترجمة ذلك هو تقديم الدولة لروسيا، والأسهل من ذلك لإيران. روسيا تحترم كما هو معروف الاتفاقات فقط عندما يتوافق الأمر مع مصالحها. فبالنسبة لموسكو، ليست هناك أية صعوبة في توقيع الاتفاق وخرقه في الغد، أو ببساطة تجاهله.
هذه الاتفاقات لا تهم نظام بشار الأسد وحلفاءه. فهي جزء من الخداع المتمثل بالحديث المرن لمصلحة السلام في الوقت الذي يستمر فيه القتال على الأرض بهدف قمع التمرد وإعادة الحكم للنظام في دمشق.
اسرائيل اليوم 3/1/2018