الرئيسية / مقالات / زمن يتغير مع رمزية أسماء منسحبة

زمن يتغير مع رمزية أسماء منسحبة

 


روزانا  بومنصف
النهار
07032018

    لم تكن المطالعة التي قدمها الرئيس فؤاد السنيورة حول قانون الانتخاب في معرض عزوفه عن الترشح للانتخابات النيابية والتي قال فيها ” ان القانون يتعارض والدستور في طريقة تقسيم وتشكيل الدوائر الانتخابية وتجعله اقرب الى ما سمي خطأ القانون الارثوذكسي ” الجزء الوحيد الذي يلاقيه فيه عدد كبير من السياسيين لكنه الجزء الذي يثبت ويكرس انتقال البلد الى زمن اخر كان عنوانه التسوية الرئاسية التي ادت الى انتخاب الرئيس العماد ميشال عون. والسنيورة الذي يثير حول شخصه تأييدا او انتقادات على تناقض واسع بين الجانبين انما يؤشر غيابه الطوعي مسبقا عن البرلمان الى ثغرة يعتقد كثيرون انها النواة الصلبة في “تيار المستقبل” والتي سيتم افتقادها في المرحلة المقبلة على قاعدة مقاربة جديدة مختلفة لم تحظ حتى الان بالاقناع الكافي ليس لقواعد التيار فحسب بل لغالبية اللبنانيين من الداعمين للتيار كقائد لقوى 14 اذار سابقا. وفيما يواجه الرئيس الحريري هذا التحدي بالذات في المرحلة المقبلة اكثر فاكثر، فان غياب السنيورة ليس وحده من مؤشرات تغير الزمن السياسي في لبنان. فالانتخابات النيابية هي محطة مهمة يفترض انها للتغيير وافساح المجال امام وصول وجوه جديدة. لكن بصرف النظر عن طبيعة اختيار هذه الوجوه وما ستقدمه، فان هناك اسماء بارزة كان كثر يفضلون الا تغيب لاعتبارات مختلفة ولو ان بعضها سيعتبر ان بعض هذه الاسماء سيعمد الى القيادة من خلف على غرار ما يمكن ان يكونه النائب وليد جنبلاط مع حلول نجله تيمور في مقعده النيابي او على غرار ما سيعتمده النائب سليمان فرنجيه مع نجله طوني ايضا الذي سيشغل مقعده. لكن حتى الان فان اسماء عدة يترك غيابها المسبق اثرا لافتا نظرا لمحوريتها ولو من ضمن اطر معينة على غرار نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري او النائب انطوان زهرا او النائب غازي العريضي او النائب احمد فتفت وسواهم ايضا لا سيما اولئك الذين ارتبط حضورهم بقوة بالدفاع عن مشروع قوى 14 آذار فانطوى المشروع وتنطوي معه مسبقا وبعيدا عن الترشح للمجلس المقبل وجوه كانت من ابرز وجوهه في عز ازمات الاعوام الماضية وصعوباتها ولعل غالبية هؤلاء لم يحبذ، كما هو معروف، التسوية التي كانت مكلفة جدا. الخشية من الزمن السياسي الاتي وفق مصادر سياسية ان تشكل تجربة السنة ونصف السنة تقريبا على سريان مفعول التسوية الرئاسية النموذج لما بعد الانتخابات وهي ليست مشجعة حتى الان على رغم كل المظاهر. اذ استعادت المؤسسات عملها انما بأثمان وبكلفة باهظة جدا على البلد سياسيا واقتصاديا وماليا. وهذه التسوية اطلقت دينامية سيتم ترجمتها في الانتخابات النيابية وعنوانها حصرية مطلقة لرؤساء الاحزاب والتيارات في رسم معالم الانتخابات ومعاركها وتحالفاتها وحتى اسمائها وتقاسم الواقع السياسي والطائفي في البلد على وقع صراع تحديد الاحجام المرتبط ببعدين محلي وخارجي فيما لا يمكن الركون الى ان افول مرحلة وطي صفحاتها عن قصد وتعمد هو المؤشر لمرحلة افضل او اقل تميزا بالصراعات الداخلية على وقع تفاعلات الصراعات الاقليمية بدليل ان الانتخابات هي انطلاقة لمرحلة بعناوين كثيرة لعل ابرزها:

    ان الجانب الاقليمي قد عاد فسلطت الاضواء عليه عودة المملكة الى اعتماد مقاربة جديدة بحيث لا تترك لبنان ساحة يملأ فراغها، ايا تكن طبيعة هذا الفراغ وحجمه، دعم ايران لحلفائها وتثبيت قوتهم حتى لو كان ثمة اقتناع يصعب دحضه عن ان القانون الانتخابي في حد ذاته انما يخدم بقوة الثنائي الشيعي اكثر من اي فريق اخر فتتعزز حصته في مقابل تراجع حصة الاخرين ما قد يكفل له ضمان اكثرية نيابية جنبا الى جنب مع حلفائه تكون ضمانا له في المرحلة المقبلة التي قد تشهد تغييرات جذرية في وضعه على وقع التطورات الاقليمية والتسويات المحتملة ومن بين هذه التغييرات التضييق المحتمل على سلاحه. والدعم الذي يتوقع ان تقدمه المملكة السعودية والدول الخليجية للبنان هو الورقة القوية والحاسمة التي لا يجوز الاستهانة بها اذا كان لبنان في عز ازمة اقتصادية ومالية تنذر بمخاطر كثيرة وهي على حد قول مصادر سياسية الورقة الذهبية التي لا غنى عنها شأنها في ذلك شأن اعادة اعمار العراق مثلا او ما يمكن ان تنتظره سوريا لاحقا من خلال مشاركة الدول العربية في الحل السياسي في ظل فرض محور استانا شروطه راهنا. ولبنان الذي ينطلق الى مؤتمرات داعمة له لن تكون سوى الدول الغربية والعربية فيه وليس ايران باعتبارها تدعم مشروعا خارج الدولة والدعم للبنان هو في مواجهة دعمها لـ”حزب الله” وللحد منه.

    لجانب الداخلي يقوم على صراع يقضي بمحاولة تكبير حجم الكتل المسيحية لا سيما كتلة التيار العوني سبيلا من اجل ضمان رئيسه مقعدا نيابيا لم ينجح في الحصول عليه في دورات سابقة ويبدو انه ضمنه في الدورة المقبلة وعلى ضوء جهود كبيرة بذلها لهذه الغاية تمهيدا لتبنيه من الرئيس ميشال عون للرئاسة الاولى في المرحلة المقبلة واعطائه الدفع القوي الذي يحتاجه. ويجري ذلك على وقع الرسائل المتناقضة التي يتم توجيهها الى الدول الاقليمية او الدول الكبرى المؤثرة وعلى وقع رهانات داخلية يقول البعض انها تسعى الى ان تبقى تحت سقف التفاهم مع “حزب الله” والاستمرار في المحافظة على التسوية مع الرئيس سعد الحريري بما يمثل محليا كما في بعده الاقليمي ايضا. وهذا الصراع واضح المعالم في مساعي التحالفات واحتمالاتها.

    اضف رد