29-05-2023 | 00:00 المصدر: “النهار”
مصرف لبنان (أرشيفية).
لوزان، سويسرا – حسن معتوق
المكان: الجمهورية اللبنانية، الزمان: ١ آب ٢٠٢٣. سيسجّل التاريخ ويحفظ هذا الحدث لأن معه سيتغير شكل لبنان مالياً واقتصادياً ليصبح شكلاً جديداً لم نشهده من قبل. ما جابهه #رياض سلامة خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة لا يستطيع أحد تحمّله والسكوت عنه. حركة ١٧ تشرين ٢٠١٩ كانت بداية المخاض الذي عمد أركانه من مجموعات السفارات والحراك المدني لإيصال مجموعة غير متجانسة منهم إلى مجلس النواب سمّوهم التغيريين وهم أبعد ما يكونون عن التغيير في نمط التعامل السياسي والبحث عن السلطة. وأسلحة هذه المجموعات كانت التنديد والنقد الشديد للمجموعة السياسية الحاكمة التي انضمّوا هم في النهاية الى صفوفها والمشاركة معها في الحكم بذات الأسلوب والمماحكة.
رياض سلامة من خارج هذه الطبقة السياسية كان عرضة للهجوم عليه بأسخف أسلوب وأوسخ طريقة، ونسيت معظم جماعات المجتمع المدني الطبقة السياسية المتسلطة الفاسدة في السلطة والحكم وأصبح هو هدفاً للجميع بالرغم من صموده حيث كان الوحيد الذي عمل بجهد متواصل ليخفّف الأزمة ووقعها عن كاهل اللبنانيين وكان الصمت شعاره في كل المرحلة بعكس الآخرين الذين استغلوا أبواقهم وأزلامهم لتوجيه أصابع الاتهام إليه وتحوير الأسباب التي أدّت الى الأزمة وسعوا دائماً وما زالوا لتحميله أسباب نشأتها وكأنه هو من حكم لبنان خلال الفترات الماضية في ظل حكومات لم تسعَ الى الإصلاح والتغيير.
ولولا وجود رياض سلامة في مركزه لما وصل راتب الموظف في القطاع العام أو الخاص ولفُقدت السلع من الأسواق ولشهدنا مثالاً فنزويلياً جديداً أو نموذجاً مصرياً آخر حيث تدهورت أوضاعهما فارتفعت الفائدة وتدهورت العملات في البلدين المذكورين واختفت السلع لعدم قدرتهما على تأمين الاستيراد والخدمات ودفع الرواتب لموظفي القطاعين العام والخاص بشكل متقطع.
نعم، كل الحكومات المتعاقبة بدون استثناء وعدته بالإصلاحات وهو المغلوب على أمره في تمويل عجز موازنات سنوية ألزموه بقوانين يعرفون جيداً أنه لن يحاربها أو يخالف تطبيقها ولعب كل هذه المدة أدوار المخطط للوزارات كافة وهو يرى المشكل قادماً لا محالة. ونذكّر من يقرأ هنا بأنه طلب تقسيط سلسلة الرتب والرواتب لخمس سنوات فرُفض طلبه لأن الانتخابات النيابية كانت السبب في إقرارها وهي الشعرة التي قصمت ظهر البعير وأخلّت بكل مقياس إيرادات ونفقات الحكومات، وطلب عدة مرات دراسة أسعار الخدمات وكذلك المشتقات النفطية ولا نزال نذكر الحرب الشعواء عليه لأنه طلب زيادة سعر صفيحة المحروقات ٥٠٠٠ ليرة.
حاربوه ولم يأخذوا بنصائحه، ومع ذلك لم يتقاعس ولا يزال يعمل ليؤمن كافة مستلزمات صمود البلد لناحية استيراد المواد الغذائية وتأمين ضروريات الحياة اليومية. نعم، الطبقة السياسية جاحدة وتبحث عن مصالحها وحمايتها في بلد شعبه تجرّه الإشاعات والأقاويل فأصبح مغلوباً على أمره يؤثر فيه أزلام تيار سياسي ويحكمون على الحاكم وينكرون تضحياته كل هذه المدة لأنهم لم يروا الوجه الآخر للأزمة بعد، وإن غداً لناظره قريب.
إنهم كلهم بدون استثناء ناكرون للجميل والجهد والتعب وسيترحمون على أيام كان رياض سلامة الوحيد الذي يحمل هموم الناس ويحاول بعمل فريد واستثنائي تخفيف آثار الأزمة عن كاهل اللبنانيين.