الرئيسية / أضواء على / روما – 2: 400 مليون أورو وتجديد المظلّة الدولية

روما – 2: 400 مليون أورو وتجديد المظلّة الدولية


2من اليمين الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس ورئيس الوزراء الايطالي باولو جنتيلوني والرئيس سعد الحريري في مؤتمر صحافي مشترك خلال مؤتمر روما –
أمس. (أ ف ب)

اكتسب مؤتمر روما – 2 لدعم القوى العسكرية والأمنية اللبنانية أبعاداً بارزة في توقيته وطبيعة اتجاهاته لجهة الدعم الدولي للجيش والقوى الأمنية في لبنان وبدا بمثابة جرعة أولى على طريق استكمالها بجرعتين مماثلتين في مؤتمر الاستثمار الاقتصادي المعروف بمؤتمر سيدر الذي سيعقد في السادس من نيسان المقبل في باريس ومن ثم في المؤتمر الدولي للنازحين السوريين الذي سيعقد في بروكسيل في نهاية نيسان. ولعل أهم ما أفضى اليه مشهد العراضة الدولية الكبيرة التي ضمها مؤتمر روما – 2 أمس في العاصمة الايطالية والذي ضم ممثلين لـ40 دولة زائد حلف شمال الأطلسي “الناتو” برعاية الأمم المتحدة، انه عكس ثبات المظلة الدولية للاستقرار الأمني في لبنان كأحد العوامل الجوهرية التي دفعت هذه الدول الى مد يد الدعم مجدداً الى القوى العسكرية والامنية اللبنانية خصوصا في ظل النجاح الذي حققه لبنان في مواجهته مع الارهاب.

واذا كان حجم الدعم الدولي الذي امكن جمعه في المؤتمر والذي بلغ 400 مليون أورو قد يخضع للجدل الداخلي على رغم كونه مشجعاً، فإن أبرز العناوين والرسائل التي خرجت من مؤتمر روما – 2 أمس تمثلت في تقدم موضوع الاستراتيجية الدفاعية والتزام الحكم والحكومة العودة الى وضعها على طاولة الحوار الداخلي بعد الانتخابات النيابية المقبلة. وبدا لافتاً ان رئيس الوزراء سعد الحريري بادر في كلمته الافتتاحية للمؤتمر الى التذكير بتعهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل أيام البحث في الاستراتيجية الدفاعية بعد الانتخابات وتعهد بدوره الامر نفسه بما يعني ان الدعم الدولي للبنان بات يطرح هذا الالتزام أيضاً اسوة بما يتعين على لبنان من التزامات كتنفيذ القرارات الدولية وسياسة النأي بالنفس في مقابل تعهداته دعم لبنان.

وكانت الامم المتحدة جددت عشية مؤتمر روما – 2 طلبها من لبنان العودة الى الحوار الوطني والبحث قي الاستراتيجية الدفاعية، وهذا المطلب الذي نقلته الى رئيس الجمهورية ميشال عون المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان برنيل داهلر كارديل كانت سبقتها اليه قبل نحو شهرين المنسقة الخاصة السابقة سيغريد كاغ.

وفي المرتين أوضح الرئيس عون ان هذه الاستراتيجية الدفاعية ستطرح على طاولة البحث بعد الانتخابات النيابية، وبعد تشكيل حكومة جديدة في لبنان.

ومعلوم ان ما يهمّ الامم المتحدة من هذا المطلب هو معالجة مسألة سلاح “حزب الله” الذي يثير مخاوف مستمرة لدى المجتمع الدولي في وقت يصبّ كل اهتمامه على دعم الجيش والقوى الأمنية الأخرى في لبنان من خلال مؤتمر روما – 2.

ورحب الرئيس الحريري بالتزام المجتمع الدولي تعزيز الجيش اللبناني، وخصوصاً فرنسا التي فتحت للبنان خط ائتمان بقيمة 400 مليون أورو.

وقال للصحافيين في ختام المؤتمر: “أشكر فرنسا على هذا الإعلان. أنني ممتن للغاية”، مشيراً الى ان اتصالات ثنائية ستجري من أجل تحديد المبالغ التي سيقدمها كل من الدول الأربعين التي شاركت في المؤتمر.

وسئل عن مخاطر وقوع هذه المساعدات العسكرية في أيد أخرى غير الجيش اللبناني، في إشارة الى “حزب الله”، فأجاب: “أؤكد لكم ان هذا لن يحدث وهذا لم يحدث بتاتاً من قبل.”.

وأكد الحريري في مستهل المؤتمر ان انعدام الاستقرار في المنطقة “دليل على الحاجة إلى بناء المؤسسات الأمنية للدولة، المدافعة الوحيدة عن سيادة لبنان”.

ورأى ان أهمية المؤتمر الذي سيتبعه اجتماعان في باريس وبروكسيل “تنبع من أن اللبنانيين كانوا أول من حرروا أرضهم” من تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) “وفعلنا ذلك بوسائل قليلة”. وأشاد بأفراد القوى المسلحة الذين “ضحوا بحياتهم وأولئك الذين لا يزالون يخاطرون في مواجهة التهديد الشامل الذي يمثله الإرهاب بكل أشكاله”.

وأضاف: “نحن هنا لبناء الثقة لأننا ندرك أن استمرار استتباب الأمن في لبنان هو ضمان لاستتباب الأمن في المنطقة”. وشدد الحريري على ان “إسرائيل تبقى التهديد الرئيسي للبنان، وانتهاكاتها اليومية لسيادتنا يجب أن تتوقف. وفي حين نفكر في طرق للانتقال من حالة وقف الأعمال العدائية إلى حالة وقف دائم لإطلاق النار، تواصل إسرائيل وضع خطط لبناء جدران في المناطق المتنازع عليها على طول الخط الأزرق”. وقال أيضاً: “لقد أعلن رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون قبل ثلاثة أيام، أنه ستتم مناقشة استراتيجية الدفاع الوطني عقب الانتخابات التشريعية في أيار المقبل. وأنا أنضم إلى دعوة الرئيس عون للمجتمع الدولي لدعم القوات المسلحة اللبنانية، من أجل تمكينها من الاضطلاع بواجبها في الحفاظ على الأمن والاستقرار، وفقاً لاستراتيجية الدفاع الوطني”.

وأشاد الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس بالجهود التي بذلها لبنان في استقبال أكثر من مليون لاجئ سوري. وقال: “واجه لبنان تدفقاً كبيراً للاجئين السوريين حتى وصل عددهم إلى ثلث عدد سكانه. هذا الأمر له وقع كبير على الاقتصاد والمجتمع اللبناني، هذا عدا التداعيات الأمنية للأزمة السورية الحاصلة في جوار لبنان. إلا أن لبنان أظهر صلابة كبيرة جداً (…) الآن بات من الضروري على المجتمع الدولي أن يظهر هذا التضامن نفسه مع لبنان”. وأضاف ان “لبنان هو عمود أساسي للاستقرار في المنطقة”، وقدّر المبادرات “الايجابية” الصادرة عن السلطات اللبنانية ممثلة بالرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة لايلاء بناء القوى الأمنية والمسلحة اللبنانية أهمية. وأشاد كذلك بتنظيم الانتخابات النيابية في أيار، قائلاً انها “دليل على صمود هذا البلد والتزامه الديموقراطية”. وأوجز رئيس الوزراء الايطالي باولو جنتيلوني هدف المؤتمر “بدعم أمن لبنان عبر المؤسسات الامنية والعسكرية اللبنانية وهذا يشكل عنصر أساس للاستقرار. واذ نقر بالخطوات المسجلة في مجال الاستقرار من الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري وهما يبذلان جهودا سوف تشهد نقلة جديدة في السادس من ايار المقبل مع اجراء الانتخابات النيابية، فإنها مناسبة لنقر مرة اخرى بدور لبنان في ادارة ازمة اللاجئين. فلبنان كما تعلمون يستضيف نحو مليون ونصف مليون لاجئ سوري ولبنان يعطينا بذلك المثل الصالح في أوروبا”.

البيان الختامي

وفي ختام المؤتمر صدر عن المجتمعين بيان عبروا فيه “عن التزامهم استقرار لبنان وأمنه وسيادته وعن دعمهم للجهود المستمرة من السلطات اللبنانية للتحضير للانتخابات النيابية في السادس من أيار المقبل استنادا الى المعايير الدولية. وذكروا بالحاجة الى حماية لبنان من الأزمات التي تبعث حالاً من عدم الاستقرار في الشرق الاوسط، وطالبوا دول المنطقة والمنظمات بالعمل من أجل ارساء حال من الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمالي في لبنان، مع الاحترام الكامل لسيادته وكرامته”. كما “رحب المشاركون برئيس الوزراء سعد الحريري وشكروا الحكومة اللبنانية على الجهود التي تبذلها لتطوير خطط طويلة الأمد من أجل تثبيت الامن والاستقرار وسيادة الدولة اللبنانية. وذكروا ببيانات مجموعة الدعم الدولية” واشاروا الى “الاحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف وقرارات مجلس الامن 1559 عام 2004 و 1680 عام 2006 و1701 عام 2006 بما في ذلك الاحكام التي تنص على عدم وجود أسلحة او سلطة في لبنان بخلاف الدولة اللبنانية ولا قوات اجنبية دون موافقة حكومته، ولا بيع او توريد لاسلحة ذات الصلة بالاسلحة الى لبنان باستثناء ما تاذن به حكومته. وأكد المشاركون على الحاجة الى الاحترام والتنفيذ الكامل لقرارات مجلس الامن. وناشدوا جميع الاحزاب اللبنانية استئناف النقاش حول استراتيجية الدفاع الوطني ورحبوا بالبيان الصادر في 12 اذار من رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون في هذا الاطار”.

ورحب المشاركون “بالبيان الذي أدلى به رئيس الوزراء اللبناني والذي اكد من خلاله التزام حكومته سياسة الناي بالنفس كمسؤولية جماعية لكل الاحزاب لتحصين لبنان من الصراعات الاقليمية ولابعاده عن اية تدخلات في شؤون الدول الأخرى. وذلك بالتوازي مع البيانات الصادرة عن مجموعة الدعم الدولية للبنان ومجلس الامن الدولي. وقد حث المشاركون القادة اللبنانيين على التطبيق الفوري والمزيد من التوسع في التطبيق الملموس لسياسة النأي بالنفس كاولوية كما جاء في تصريحات سابقة بخاصة في اعلان بعبدا عام 2012”.

وأثنى المشاركون على “النجاح الذي حققته القوات المسلحة اللبنانية وقوات الامن الداخلي والمؤسسات الامنية الاخرى في تلبية المتطلبات المتزايدة التعقيد للحفاظ على أمن واستقرار لبنان منذ الاجتماع الوزاري لعام 2014. وقد نوهوا بدور القوات المسلحة اللبنانية في هزيمة داعش والنصرة وغيرهما من التنظيمات الارهابية، وفي بسط سلطتها على الحدود الشمالية والشرقية وعلى جهودها لبناء قواها البحرية والجوية”.

كما أيد المشاركون “رؤية الحكومة اللبنانية حيال الجيش اللبناني كمدافع وحيد عن الاراضي اللبنانية والحامي لحدودها، ودور قوى الأمن الداخلي كمفتاح في حصرية استخدام القوة من قبل الدولة اللبنانية”.

اضف رد