اخبار عاجلة
الرئيسية / أبحاث / أبحاث تاريخية / رقاب تحت المقصلة. الغيّوتين شرّعها الفرنسيون عام 1792 والغوها عام 1981 مع إلغاء عقوبة الإعدام

رقاب تحت المقصلة. الغيّوتين شرّعها الفرنسيون عام 1792 والغوها عام 1981 مع إلغاء عقوبة الإعدام


شربل نجار
هنا لبنان
12062017

لقد قيل ان السيّد غيّوتان هو الذي اخترع الغيّوتين (الآلة  ذات الشفرة الحادّة والثقيلة التي تقطع بها  رؤوس المحكوم عليهم بالإعدام في فرنسا)

في هذا الخير خطأ شائع . غيّوتان لم  يخترع الغيّوتين فيما  نسب اليه ذلك . غير أن غيّوتان عمل على جعلها آلة قتل ديمقراطية.

 

 في عهد  الملكية في فرنسا او ما سمي لاحقا بالنظام القديم ، كان  ينفذ حكم الإعدام بالأسلوب الذي يتماشى مع المرتبة الإجتماعيّة للمحكوم. فينفذ مثلا حكم الإعدام على المحكوم الأرستقراطي بالسيف أو بالبلطة. أو ينفّذ بحسب الجرم الذي ارتكب . السارق  يُعدم  شنقا ، والكافر يُحرق  ومُزوّر  العملة يُرمَى في الماء الحارق أما قتلة الملوك فيُشَلّعون…. .

لقد انتخب الطبيب جوزف اينياس غييوتان عام 1789 نائبا عن العامة  الباريسيين في مجلس العموم. وهو الذي اقترح أن  يُساوى بين  المحكومين  في طريقة تنفيذ حكم الإعدام.أما الهدف من وراء ذلك فهو إحقاق مبدأ المساواة من جهة وتوسل السرعة في التنفيذ ليبدو الإعدام رحيما .

 

نصفي جوزف إينياس غييوتان ، معروض  في قصر فرساي اليوم  

في تشرين الأول 1791  اي بعد سنتين على قيام الثورة ، أقر المجلس التشريعي قانوناً صار بموجبه الإعدام بقطع الرأس تدبيرا يطبق على جميع المحكومين في فرنسا.

كانت آلات قطع الرؤوس متوفّرة في اوروبا الشمالية منذ القرون الوسطى غير أنها لم تكن “شافية” منذ الضربة الأولى. بل تتعدد الضربات  بها حتى يُفصل الرأس نهائيا عن الجسم. لهذا لم  يطبّق قانون غييوتان مباشرة بعد إقراره في مجلس العموم.
وفي غمرة التطورات السياسية في فرنسا دخل الطبيب انطوان لويس  على الخط مقترحا “المقصلة” بشفرة مشطوبة توفر للمحكوم  وبضربة واحدة موتا أكيدا وسريعا.
 

 

 نموذج  لمقصلة  أنطون لويس  معروض في متحف كارنفاليه – باريس


أخضعت مقصلة أنطوان لويس للتجربة في نيسان 1792  على رقبة “نقولا جاك بلوتيي” الذي كان قد ارتكب
جرم القتل بهدف السرقة في كانون الثاني من ذلك العام.
يومها وضعت المقصلة “غيّوتين”  وسط ساحة “غريف” ساحة ال”أوتيل دو فيل” اليوم حيث مقر عمدة  باريس..فإذا بالحدث بداية لسلسلة من قطع الرؤوس كانت خاتمتها عام 1981 وكان آخر من استعملت على رقبته عام 1977 تونسي اسمه “حميدا الجنبودي” .
في ذلك اليوم من نيسان 1792 نجحت المقصلة لكن الجموع التي جاءت مشاهدةً   بدت مستاءة غاضبة. ذلك لأن المشهد جاء سريعا   لم يروِ غليلها لذا  قامت قيامة الجموع على الجلاد.

 

 

 تنفيد حكم الإعدام بالغييوتين في ساحة الثورة
اللوحة من أعمال أنطوان ديماشي ومعروضة في متحف كار نفاليه – باريس

عام 1792 سميت المقصلة لويس  ولويزيت على اسم “أنطوان لويس” كما 
وصفت “بالشفرة الوطنيّة” و”الأرملة” وسواها . لكن الإسم   الذي  تسمت به هذه المقصلة  كان “الغيوتين” الذي رفضه  مستاءً الطبيب “غيوتان” إلا أن تلك التسمية  استمرّت  بين الناس وعلى صفحات المعاجم.

ونشير أيضا الى  أن  ميتة أنطوان لويس وجوزف غيّوتان  كانت طبيعية . فالأول توفي عام 1792 عن سبعين عام والثاني عام 1814 جرّاء التهاب في كتفه الأيسر . فلا هذا ولا ذاك قصّرت المقصلة أيامهما أو جسديهما. لكن بعض المصادر تؤكد أن الملك لويس السادس عشر هو من أوحى “لأنطوان لويس”  بفكرة المقصلة  وقد قصرت أيامه وفصلت رأسه عن باقي جسمه وقد لقيت المصير عينه زوجته الملكة انطوانيت التي نفذ فيها حكم الإعدام بالمقصلة كما زوجها.

 لقد  جاءت “الغيّوتين” فاتحة لعهد الإرهاب في  فرنسا إثر الثورة عام 1789 . وقد سمحت تلك الآلة السريعة في تنفيذ حكم الإعدام  باستسهال  إطلاق ” عقوبات الإعدام” فقضى تحت شفرتها كثيرون. ويبقى والسؤال الذي يطرح ، ويطرح دائما : ” هل كان باستطاعة الثوار إطلاق أحكام الإعدام على هذه الأعداد الواسعة من الفرنسيين لو كان الحكم لا يزال  ينفّذ بالبلطة أو بالحبل؟

اضف رد