النهار
12032018
البداية لفيديو يُظهر عدداً من المتزلجين في أحد مراكز التزلج خلال عطلة نهاية الأسبوع، بعد أن كان موسم التزلج من أكثر المواسم التي ينتظرها سكان الجبال لتأمين معيشتهم خلال السنة بكاملها. فيديو يدل على مدى خسارة لبنان نسبة كبيرة من سيّاحه من جهة، وعلى تراجع المتزلجين المحليين لأسباب عدة منها التغيّر المناخي الذي خفض من تساقط الثلوج، والاقتصاد المتردي الذي ينعكس سلباً على الوضع المعيشي للمواطنين.
ويضيف بيروتي لـ “النهار”: “موسم التزلج لم يكن بحجم تطلعات المستثمرين، والمشكلة أنّ هذا الأمر يؤدي إلى نزوح مستمر للطاقات العمالية الموجودة في الجبال نحو الشاطئ، متأسفاً على الوضع الذي تعيشه السياحة في لبنان بعد أن كانت قطاعاً حيوياً يمكن الاعتماد عليه لإنعاش الاقتصاد”.
ويتابع: “القطاعات السياحية كافة تعيش الأزمة نفسها، منها الفنادق والمحال التجارية والمطاعم، إذ انخفضت القدرة الشرائية للمواطن من جهة وتراجعت نسبة السياح الأجانب والعرب”. وأشار بيروتي إلى أنّ وزارة السياحة تقوم بمجهود كبير لاستقطاب السياح الى لبنان، علماً “أننا ننعم بظروف أمنية جيدة لم تؤثر سلباً على اقتصاد البلاد بسبب مشاكل الدول المجاورة من جهة، وبسبب غياب سياسة مشجعة لدى شركات الطيران لاستقطاب الزوار من جهةٍ أخرى”، محذراً من تداعيات هذا التراجع بالتوازي مع التضييق الذي تعتمده المصارف. أما عن الأسعار فأوضح: “أسعار رياضة التزلج في لبنان ليست مرتفعة نسبة إلى غيرها من دول العالم، فنحن ندفع نحو 20 في المئة فقط من تكاليف الدول الأجنبية إن كان على مستوى بطاقات الدخول إلى مراكز التزلج أو حتى على المعدات”.
كيف يرد المواطنون على هذا الأمر؟ وهل يستطيعون جميعهم ممارسة هذه الرياضة الشتوية؟
رياضة تهد كاهل العائلة
في حديثٍ لـ”النهار” مع فانيسا (أم لثلاثة أولاد)، اعتبرت أنّ تكاليف رياضة التزلج في لبنان مرتفعة نسبة إلى الرواتب الشهرية، “فاصطحاب الأولاد لقضاء يوم كامل يُكلفها نحو 600 ألف ل.ل مقابل بطاقات دخول المركز واستئجار الملابس ومعدات التزلج”. وقد تصل التكلفة إلى نحو 800 ألف ل.ل إن أرادوا تناول الفطور والغداء حتى في المطاعم المحيطة بالمركز، التي تخضع لرقابة دائمة من البلدية ووزارة السياحة بحسب المسؤول الاعلامي لبلدية كفردبيان وليد بعينو، والذي ذكر لـ”النهار” أنّ تكلفة غداء لشخص واحد تراوح بين 30 و70 دولاراً أميركياً ثابتة صيفاً وشتاءً، معتبراً أنها أسعار مقبولة لمنطقة موسمية. أما المطاعم الغربية التابعة للفنادق فتتشابه أسعارها بالمطاعم الفاخرة في فنادق بيروت.
وقالت فانيسا إنّ رياضة التزلج مهمة، إذ إنّها تُحرك جميع عضلات الجسم، وهي تسعى لأن يمارسها أولادها ولو مرتين في السنة.
800 ألف ل.ل لقضاء يومٍ واحد مبلغ خيالي يهد كاهل رب الأسرة ولا يستطيع تكبّده المواطن العادي، ويبلغ نحو نصف راتب ربيع (أب لولدين) الذي يتقاضى مليون و500 ل.ل شهرياً، لذلك يُجبر على اصطحاب أولاده إلى الجبال للعب في الثلج والتزحلق على الألواح من دون ممارسة التزلج. وذكر لـ”النهار” أنّ حالته المادية لا تسمح لعائلته بممارسة هذه الرياضة، إذ إنّه يعمل بجهد لتأمين لقمة عيشهم وتعليمهم حاله حال معظم أرباب العائلات في لبنان.
أسعار تفصيلية
أسعار بطاقات الدخول إلى أحد مراكز التزلج في نهاية الأسبوع:
يوم كامل للراشدين: 75 ألف ل.ل
يوم كامل للأطفال: 60 ألف ل.ل
نصف يوم للراشدين والأطفال: 45 ألف ل.ل
أسعار بطاقات الدخول إلى أحد مراكز التزلج في نهاية الأسبوع:
يوم كامل للراشدين: 40 ألف ل.ل
يوم كامل للأطفال: 30 ألف ل.ل
نصف يوم للراشدين والأطفال: 25 ألف ل.ل
أسعار بطاقات الدخول الموسمية:
للراشدين: 825 ألف ل.ل
للأولاد والبالغين: 650 ألف ل.ل
للأطفال دون 5 سنوات: 100 ألف ل.ل
أسعار استئجار الملابس والمعدات هي نفسها للأطفال والكبار والتي تبلغ 50 ألف ل.ل مقابل البنطال والجاكيت، و35 ألف ل.ل مقابل المعدات والحذاء.
“التزلج ليس للفقراء”
رغم اختلاف الآراء والأرقام بين الجهات الحكومية والاقتصاديين، إلا أنّه لا خلاف على أنّ النسبة الاكبر من الشعب اللبناني تعتبر من الطبقة الفقيرة، والرياضة من أدنى اهتماماتها، خصوصاً الرياضات المكلفة كالتزلج. فالفقير لا يتزلج في لبنان ولم يصعد يوماً على متن “تيليسياج”، وربما لم يسمع بهذه الكلمة من قبل.
وفي هذا الإطار، أوضح بعينو لـ”النهار” أنّ أسعار بطاقات دخول مراكز التزلج ارتفعت بشكل بسيط عن السنوات الماضية بسبب تدهور المواسم بشكل عام. أما كلفة استئجار المستلزمات فلا تزال على حالها، علماً أنّها باهظة الثمن نسبةً إلى الوضع المعيشي في البلاد. وقال: “هذه المناطق الجبلية تعتمد على موسم الثلوج، وتكاليفها تتشابه مع فنادق الخمس نجوم في العاصمة، لكننا نعمل كبلدية كفردبيان على تشجيع الأفراد بشكل مستمر للاتصال بوزارة الاقتصاد إن ارتفعت الأسعار عن مستواها، فالنتيجة ستكون هرب الزوار وخسارة القطاع ككل، لكن لن تتوفر في هذه المنطقة أبداً أسعار كالمناطق الشعبية خصوصاً في أعلى الجبال داخل مراكز التزلج”.
يطول النقاش ويلقى اللوم على الدولة والبلديات وأصحاب المراكز والمستثمرين والوضع الأمني والطقس وغيرها من العوامل، لكن تبقى الحقيقة الوحيدة والمجردة أنّ الفقير في لبنان، ورغم حرمانه من حاجاته الأساسية كالتعليم والاستشفاء المجاني والهواء النقي والشواطئ النظيفة، حُكم عليه أيضاً بإقصائه من نشاطات صُممت على مقاس المقتدرين فقط.