اخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / رباعية السيّد نصرالله تُشعِل حرباً، تطبيق خطاب القَسَم يطفئها

رباعية السيّد نصرالله تُشعِل حرباً، تطبيق خطاب القَسَم يطفئها

عقل العويط
النهار
26082017

تضمنت البيانات الوزارية بعد حرب تموز 2006، “الثلاثية” الشهيرة التي أطلقها “حزب الله”، “الجيش الشعب المقاومة”. يوم الخميس، 24 آب 2017، عدّل السيد حسن نصرالله “الثلاثية” في خطاب متلفز، في ضوء معطياته العسكرية والسياسية المستجدة، فصارت “رباعية”، إذ قال حرفياً: “الانتصار الكبير الذي تحقق والذي يقترب من أن يكتمل، هو أحد النتائج الممتازة لمعادلة الجيش والشعب المقاومة”، “وهنا أضيف إليها الجيش السوري”.

مع الاحترام والتقدير للسيد حسن نصرالله، وللمقاومة، كلّ مقاومة، والوطنية منها قبل غيرها، نحن في الجمهورية اللبنانية مرجعنا الدستور. وفيه، أي في هذا الدستور، لا وجود لـ”رباعية”. ولا لـ”ثلاثية”. ولا لأيّ شعار آخر. ولا لأيّ معادلة أخرى.

الدستور. لا شيء في الدستور سوى الدستور.

وحده في لبنان، الدستور. لا شريك له.

كلّ زيادة عليه. كلّ انتقاص منه. يمثّلان خروجاً، لا عليه فحسب بل على الميثاق أيضاً. أقول هذا من أجل الذين يتعلّقون بالميثاق ويرفعونه عندما تدعوهم الحاجة إلى الاحتماء بهذا الميثاق.

الدعوة الى “ثلاثيات” أو “رباعيات”، يجب ألاّ تعدو كونها رغبةً، أو رأياً، أو طموحاً، ولو حكومياً أو حزبياً.

كلّ محاولة لفرض معادلة مستجدة على الدستور، ومن خارجه، من هذا الطرف أو من سواه، توقِع البلاد عملانياً في المأزق. في المحظور.

لا نريد لأحد أن يفرض على أحد رغبةً أو رأياً أو طموحاً.

فكم بالأحرى أن يفرض مثل ذلك على الدولة.

مثل هذا الفرض، يؤدي الى الاعتباطية والاستنسابية في معايير المعالجة الوطنية، فيسقط المعيار الدستوري، ويختلط الحابل بالنابل، وتقع الدولة في الأسر. في أسر قوى الأمر الواقع.

هاتان الاعتباطية والاستنسابية تشكلان تلاعباً بالدستور. التلاعب بالدستور هو انتهاك. اغتصاب. مشروع انقسام عمودي خطير وكبير. بل هو تفكيكٌ للدولة. للجمهورية.

ليس من شأني أن أتهم فريقاً، أو شخصاً. حاشا.

أقول فقط، لكنْ بقوة، وبالصوت الجهير، إن التلاعب بالدستور يعني ما يعنيه آنفاً. إنه انتهاك. اغتصاب. مشروع انقسام عمودي خطير وكبير. بل هو تفكيكٌ للدولة. للجمهورية.

التلاعب لا شرعية دستورية له مطلقاً. والبتة. لا بالقوة. لا بالسلاح. لا بالتهديد. لا بالوعيد. لا بالترغيب. لا بالوعيد. لا بالمكر. لا بالتذاكي. ولا بقوة الأمر الواقع.

أذكّر بفيض القوة، في ما مضى، لدى “المارونية السياسية”، ولدى “السنّية السياسية”، على التوالي. لكنّي أذكّر أيضاً بما آلتا اليه. وقد كان المآل، في الحالَين، جحيماً على لبنان الدولة، وعلى اللبنانيين.

في هذه اللحظة من تاريخ السياسة اللبنانية، ومن الواقع الإقليمي، وخصوصا الواقع السوري – الإيراني، كلّ محاولة لفرض أمر واقع لبناني مستجدّ، بسبب فيض القوة، داخلياً (لدى “حزب الله”)، أو داخلياً وخارجياً (“حزب الله” + النظامان السوري والإيراني)، من شأنها إعادة لبنان إلى دائرة الحروب الأهلية.

ما يجري حالياً في سوريا من تعويمٍ لنظام بشار الأسد القاتل، ينبغي ألاّ يحمل أيّ طرف لبناني، لا على الاغترار بقوته، ولا على الشعور بهيمنته، وركوب المغامرة. مغامرة الهيمنة. وفرض المعادلات على ضوئها.

فيض القوة مُغرٍ. يجب ألاّ يغترّ أحدٌ بفيض القوة. هذا مدعاة لإشعال الحروب، أو لقلب الطاولة على الدستور، وعلى الدولة، وعلى الجمهورية.

لا أريد لأحد، لأيّ طرف، ولا لـ”الشيعية السياسية” خصوصاً، أن يكون فيض القوة لديها سبباً “موضوعياً” لهذه العودة إلى ذريعة الحرب. أو سبباً من أسبابها. ولا لقلب الطاولة على الدستور وأهله.

لا تُرغِموا الدولة اللبنانية على إتيان أفعالٍ، ليس من المناسب ولا من اللائق ولا من الكرامة الوطنية في شيء، القيام بها. وخصوصاً “تشريع” مثل هذه “الرباعية”، بفيض القوة العسكري المتاح لـ”حزب الله”.

نظام الأسد وجيشه قاتلان للشعب السوري، وللبنانيين، والعراقيين، ولفلسطين.

إيّاكم و”الرباعية”.

يحملني إلى هذا القول إحساسٌ فادح بالخطر الوجودي والكياني.

بناءً عليه، رئيس الجمهورية اللبنانية تقع عليه مسؤولية تاريخية. إنه صاحب قَسَم. وهو حامي الدستور.

أقول له بكلّ احترام وتقدير: هذا موضوع لا يجوز التهاون فيه. ويجب ألاّ يُسمَح لأحد باستدراج الدولة إليه.

إنه سببٌ من أسباب الحرب التي لن يربح فيها أحد. ولا الرابح نفسه سيربح.

وحده العدوّ الإسرائيلي هو الذي يربح.

يجب أن لا نسمح له، لهذا العدوّ، بهذا الربح.

أقول مجدداً: لا “رباعية”. لا “ثلاثية”. ولا أيّ شعار مماثل. ولا أيّ معادلة. أياً يكن الطرف، رابحاً أم خاسراً، مسيحياً أم مسلماً. شيعياً أم سنّياً أم مارونياً أم درزياً…

وحدها المحافظة على الدستور هي الضمان.

حماية الدستور وحدها تُبعِد الشر عن لبنان. عن لبنان الدولة.

يا فخامة الرئيس، القَسَم يحميكَ. احمِ خطاب القَسَم!

اضف رد