اخبار عاجلة
الرئيسية / إنتخابات 2018 / دولة كاميلوث؟

دولة كاميلوث؟

راجح الخوري
النهار
24042018

كل قضية اعتداء أو رشوة أو تعدّ أو مخالفة واضحة وفادحة للمفهوم الديموقراطي الذي يفترض ان يكون أساس عملية الإنتخابات النيابية، تعرض أو تُحال على “الهيئة الوطنية لمراقبة ديموقراطية الإنتخابات” لا تحظى إلا بجواب واحد يطمّئِن كثيراً طبعاً وهو غالباً: هذا ليس من مسؤوليتنا وقد أحلنا ذلك على السلطات المختصة وهي التي تقرر في الأمر!

السلطات المختصة؟

شيء مطمئِن جداً، إذاً ما الحاجة أصلاً الى تشكيل هذه الهيئة وتخصيص موازنة لها وتعيين مراقبين لديها بالمئات قيل أنه تم تدريبهم [من غير شر] ويرتدون القمصان التي تحمل شعار مراقب، اذا كانت وظيفة هؤلاء جميعاً، تقتصر فقط على المراقبة وتسجيل الشكاوى والمخالفات والإعتداءلت وحتى مخالفة كل نصوص القانون الإنتخابي العظيم، ومن ثم إحالتها على السلطات المختصة، فهل هذا يعني ان الهيئة مجرد منظار ودفتر قيدية أو بالأحرى صندوق شكاوى، مثل الصناديق المعلقة على أبواب الوزارات منذ أيام نوح والعثمانيين ولم تعالج اية شكوى؟

وعندما تستقيل مثلاً سيلفانا اللقيس العضو في هذه الهيئة، وتسرد أمام الرأي العام بياناً اتهامياً يسقط كل الثقة بقدرة الهيئة وصلاحياتها، على الهيئة ان تقول شيئاً مفيداً اليوم لتقويم المسارات الإنتخابية، وليس بعد أن تنتهي المسخرة الإنتخابية غداً ثم يجلس فرسان الطاولة المستديرة الى طاولة الديموقراطية العظيمة في “دولة كاميلوث”، ثم يأتي الجواب من الهيئة على إتهامات اللقيس، متجاوزاً كل تفسير أو ردٍ أو إيضاح او تبرير لكل ما قالته، باعتبار ان هذا أيضاً من شأن السلطات المختصة، وهل كثير اذا تساءل المواطن في هذا البلد السعيد:

إذاً لماذا أُنشئت هذه الهيئة وألصقت بها مسؤولية جسيمة لا بل مقدسة، وهي مراقبة العملية الإنتخابية في بلد بات يتبجح باحترام قواعد الديموقراطية عبر قانونه الإنتخابي الأعرج الجديد، فعلاً لماذا إذا كانت صلاحياتها تقتصر فقط على الإحالة على السلطات أيّاها! وأي سلطات؟

السلطات تضع يدها ووصايتها على مراكز القرار حيث يفترض ان هذه الإحالات والشكاوى تحوّل اليها، وهي السلطات طبعاً السياسية التي تتنافس لا بل تتصارع على الإنتخابات، والتي تأتي معظم الشكاوى والمخالفات على أيدي مناصريها ومؤيديها!

هل كل هذا لتقديم ترجمة عملية للمثل القائل “ضربني وبكى سبقني واشتكى”، أو للقول غداً على طريقة “شاهد ما شافش حاجة” هيئة شاهدت كل حاجة وأحالتها على من لن يقيم اعتباراً لأي حاجة؟

اختاروا شعاراً برّاقاً: “عيني ع الديموقراطية”، ولكن تسلملي عينك بماذا تفيدني اذا كانت هيئتك لحماية الديموقراطية بلا صلاحية، سوى المراقبة ورفع الشكاوى والتقارير الى من يفترض أنه المشكو منه!

ارتاحوا حبيبي، الشعب يراقب عنكم، في دولة “ما شافش حاجة”!

rajeh.khoury@annahar.com.lb

Twitter:@khouryrajeh

اضف رد