الرئيسية / home slide / دولة القراصنة ومرفأ الموت!

دولة القراصنة ومرفأ الموت!

نحن عملياً في قبضة عصابة سياسية تتنافس منذ زمن، على جريمة واحدة هي سرقة الدولة ومصّ دماء اللبنانيين. هذه عصابة لم ولن تعرف يوماً من معنى المسؤولية، سوى السطو والسمسرة والنهب، لكنها تجاوزت حدود الوقاحة والدونية الى درجة انها كانت مكشوفة امام الناس، وحتى امام الصحافة العالمية التي اتهمتها بتنفيذ أكبر عملية نهب في التاريخ، عندما نشرت صحف محترمة نتيجة تحقيقات ميدانية متكررة، ان المبالغ التي نهبوها وصلت الى 800 مليار دولار، ومع ذلك واصلوا سياساتهم القذرة، ولم يفكر او يجرؤ احد منهم على الدعوة الى التحقيق في الأمر وحتى الى مجرد نفي ما ينتشر عن غسيلهم القذر امام العالم.

معظمهم ساقطون وقذرون، وقد جاء زلزال المرفأ النووي، الذي دمر نصف العاصمة وقتل كل هذا العدد من الشهداء وأصاب الآلاف من الجرحى، وترك عشرات المفقودين تحت الركام حتى هذه اللحظة، لتبدأ فوراً سلسلة من الفضائح والروائح المتناسلة، التي لا يعرف أحد الى أين ستقود إذا سُمح فعلاً بإجراء تحقيق شفاف ومسؤول، وهو ما يتخوف الكثيرون من وقفه، وخصوصاً بعدما بدأ اطلاق النار السياسية الوسخة عليه، وهو بالكاد بدأ يتلمس خيوط جريمة العصر، التي يفترض ان تتساقط رؤوس كثيرة بسببها، بما في ذلك رؤوس إسرائيلية، إذا ثبت ان العدو هو الذي قصف المرفأ بسلاح نووي تكتيكي منضّب سبق له ان جربه في الصحراء السورية كما يشاع!

الكارثة ان دولتنا وحكومتنا الجهيضة، وهما مجرد مزيج من الغثاثة والإرتجال والصبيانية والأوهام، لم تفهما هول ما جرى، بدليل انهما أقل من هواة، وقد وعدتا الناس بتحقيق يكشف الحقائق في خمسة أيام، ليتبيّن سريعاً ان هناك عملياً سلسلة ضخمة ومتشابكة من الخيوط والشكوك والوقائع والأدلة تحتاج الى فريق تحقيق من الخبراء الدوليين، الذي عليهم متابعة الخيوط من أوكرانيا الى موزامبيق، مروراً بروسيا وتركيا، وبما كان يجري في المرفأ المنكوب الفالت كلياً، ولماذا عرّجت عليه السفينة القنبلة، ولماذا غرقت او أٌغرقت فيه وربّك العليم، ورغم هذا استعجلوا والدماء تملأ شوارع العاصمة ليقولوا في خمسة أيام نعطيكم الحقائق، على اعتبار ان الشعب مجموعة من الأغبياء، الذين ليس عليهم سوى دفن أبنائهم وانتظار التحقيق من مجلس عدلي في ذمّته عشرات من الجرائم التي تنام في جواريره وذمّة محققيه، الذين كان عليهم دائماً ان يقرروا هل ينامون على وسادة الصمت او ينامون على قنبلة قد تنفجر بهم؟

خمسة أيام أيها الأكارم، أيها الهواة، وهل تحسّون الآن بشيء من الإحراج، هل تتصببون عرقاً وانتم تقرأون الوقائع المتلاحقة عن قصة السفينة النووية المجرمة، ثم بيان مديرية التوجيه في الجيش الذي يقول انه بعد خمسة أيام على الإنفجار الكبير، تمّ اكتشاف 25 مستوعباً من حمض الهيديريك و54 مستوعباً تحتوي على مواد أخرى خطرة، بما يزيد من المخاوف والذعر ومن ان تكون بيروت كلها نائمة على بحر من القنابل والنيران.

والفضيحة غير المسبوقة في دولتنا الفاشلة والتافهة والمطيّة، هي ان معظم مسؤوليها لا يلتفتون الى مأتم بيروت، لأنهم غرقوا سريعاً في القتال على الحصص والاوزان والأدوار والمرجعيات والأوامر، في حكومة مسخرة يبحثون عنها، لتكون مجرد ممسحة للأخطاء القاتلة والجرائم ولدماء شهداء المرفأ وبيروت، ولتردد كالتي سبقتها ما سيتلى عليها من الأوامر والتعليمات والتعميات… مفهوم؟

rajeh.khoury@annahar.com.lb – Twitter:@khouryrajeh