تواجه الجامعة اللبنانية مشكلات تطال وظيفتها وحتى وجودها. ليس الامر متعلقاً بسجال حول الصلاحيات، بل بما وصلت إليه نظرة الدولة الى هذه الجامعة الوطنية، عندما تعتبرها مجرد مؤسسة ينطبق عليها ما تقرره بشأن مدرسة أو ثانوية أو إدارة في وزارة، وتتعامل مع أساتذتها بصفة موظفين. فها هي الدولة تحجب عن الجامعة مستلزمات صمودها، من الموازنة الى تمويل البحوث، إلى الدعم الذي يمكنها من تأدية وظيفتها الأكاديمية البحثية والعلمية على أكمل وجه، فوقعت تحت أعباء وعجز جعلا أمورها صعبة قياساً الى جامعات خاصة تفرخ في كل مكان. وبينما تعاني الجامعة على أكثر من صعيد وجهت الدولة ضربة قاسية الى جسمها التعليمي ومجالسها بالتوجه نحو الغاء صندوق التعاضد للأساتذة وإلغاء مكتسباتها التاريخية، على رغم كل الوعود والجهود لحمايتها وتحصينها والحفاظ على انجازاتها.
ليس الكلام تقويماً للجامعة، فهذه مهمة أهلها بالدرجة الأولى. لكن حين يطرح الجميع شعار الإصلاح، فذلك اعتراف بأن هناك تراكمات سلبية في بنيتها مالياً وإدارياً وأكاديمياً، وعلى مستوى علاقاتها أيضاً، وإقراراً بحجم التدخل في شؤونها. أما ونحن أمام منعطف يهدد مستقبل المؤسسة، فإن السجال بين مكوناتها يهدر ما هو مضيء فيها، بدءاً من كلياتها التي لا تزال تتمتع بمستوى أكاديمي، إلى نخبتها العلمية، فيما المطلوب أن تستعيد الجامعة حصانتها وتمارس وظيفتها البحثية على أكمل وجه.
أن يبادر رئيس الجامعة اللبنانية إلى اتخاذ قرارات تخص الجامعة، فهذه من مسؤولياته. وأن يرفع أساتذة شعار الدفاع عن الحريات الأكاديمية فحقهم أيضاً. أين يبدأ الحوار كي يستطيع رئيس الجامعة وأهلها وآداتها النقابية أن يحسموا بتعزيز المجالس التمثيلية، ووقف محاولات التلاعب بتركيبتها التنظيمية، والتحايل على قانونها. فلنعمل على تحصينها ومنع التدخل بشؤونها والتحرك لحماية مكتسباتها واستعادة المبادرة، والسير بالإصلاح الأكاديمي، لقيامتها…