سابين عويس
النهار
16042018
اما وقد جاءت الضربة الأميركية على سوريا محدودة الأهداف والزمان، فقد ساعد ذلك لبنان على تجاوز مخاطر تداعياتها فيما لو كانت اكبر أو اوسع، مسقطة الرهانات التي سبقتها حيال تعطيل الانتخابات النيابية.
فكل الكلام الذي سبق الضربة، عن احتمال تعذّر اجراء الانتخابات في حال تفجّر الوضع الإقليمي سقط، لتدخل البلاد مرحلة السباق على تحمية الساحة وحث الناخبين على الإقبال على الانتخاب، لا سيما وان المرحلة الفاصلة عن موعد الاستحقاق باتت قصيرة جداً ولا تتعدى العشرين يوماً.
ومرد هذا القلق، ما يتردد في بعض الاوساط الشيعية عن توقع تنامي الضغط على الحزب بعد الانتخابات، في إطار القرار الدولي بعزل الحزب وبيئته، فيما تتلمس هذه الاوساط اولوية الحزب في الساحات الإقليمية على حساب الشارع المحلي.
لكن ما يقلق الحزب لا يقف عند حدود جمهوره لإدراكه أن هذا الجمهور لن يخذله. لكن تبدو عين الحزب على التحالف المستجد قبل فترة بين زعيم “تيار المستقبل” سعد الحريري ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، والذي ابرز المسار الانتخابي من جهة كما المسار الحكومي، ان هذا التحالف ذاهب في اتجاه تماسك اكبر مدعوماً بمظلة دولية قوية، تدفع في اتجاه تثبيت هذا التحالف بديلاً عن تحالف قوى ١٤ آذار الذي باءت كل محاولات إنعاشه او احيائه بالفشل.
وللغرب مصلحة واضحة في تماسك تحالف الحريري – باسيل، نظراً الى ما يحققه من مكاسب في ابعاد التيار المسيحي عن “حزب الله”، تمهيداً للوصول الى الطلاق الكامل، بما يؤدي في النتيجة الى استحكام عزل الحزب وخلع الغطاء المسيحي عنه.
ولا يخشى الحريري من جهته، هذا التحالف، لا سيما وان الجفاء السائد بينه وبين رئيس “القوات اللبنانية” الحليف الابرز في ١٤ آذار يعوّضه الغطاء السعودي الذي يظلل الفريقين تحت عباءة المملكة وخطها في مواجهة ايران والحزب من ورائها.
وفي حسابات يجريها مراقبون للمسار الانتخابي، فإن الأكثرية المريحة التي يعوّل عليها الحزب مع حلفائه لن تتجاوز الـ٤٠ نائباً، هي عينها تلك التي سيحققها تحالف الحريري – باسيل من دون احتساب كتل وازنة اخرى مثل “القوات اللبنانية” التي يمكنها ان تعود الى البرلمان بما لا يقل عن ١٠ الى ١١ نائباً، او الحزب التقدمي الاشتراكي.
لا يحسب المراقبون حساباً لحزب الكتائب بعد، نظراً الى عدم وضوح برنامج رئيسه، والمسار الذي سيسلكه بعد الانتخابات، وهل سيستمر في نهج المعارضة او سيدخل جنة الحكم مجدداً.
مصادر قريبة من الثنائي الشيعي، توضح أن تحرك الثنائي يهدف الى شد العصب على أبواب الانتخابات، انطلاقاً من اقتناع بأن ثمة معركة مفصلية تخاض اليوم، بقطع النظر عن القانون الجديد الذي يمارسه الناخبون للمرة الاولى.
وفي رأي هذه المصادر، إن المعركة اليوم هي معركة اعادة صياغة احجام القوى السياسية، باعتبار ان القوى المتنافسة هي عينها ولم تتغيّر، وإنما معركتها اليوم على تحديد حجمها وثقلها السياسي في البرلمان، لأن هذه الاحجام ستعكس عناوين المرحلة السياسية المقبلة على مستويين: رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية.
وليس مبكراً أبداً الكلام عن معركة رئاسة الجمهورية، خصوصاً اذا ما اخذنا في الاعتبار ان ولاية المجلس العتيد تنتهي قبل ثلاثة اشهر من انتهاء ولاية الرئيس!
sabine.oueiss@annahar.com.lb