اخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / حفنة من البؤساء؟

حفنة من البؤساء؟


راجح الخوري
02082018
النهار

قياساً بالكلام الذي قيل في سياق مسلسل العقد التي تحول دون تشكيل الحكومة، وقياساً بلغة الأكثريات والإقليات التي راحت تبرز في الخطاب السياسي، يمكن هذا البلد التاعس ان يراوح، سنة سنتين وربما أكثر في مربع الخلافات العصية، وداخل دائرة حكومة تصريف الأعمال، التي ليس في وسعها تصريف أي شيء من شأنه ان يوقف الإنحدار الذي يدفع البلاد الى القاع!

الذين لمحوا الى ان هناك ما يمكن ان ينزع التكليف من الرئيس سعد الحريري مخربون على الدستور لا على الحريري، الذي لا يغالي مطلقاً في تمسكه بتشكيل حكومة وحدة وطنية، ليس لأن ١١٢ نائباً سمّوه في الإستشارات الملزمة، بل لأن الضرورات الملزمة للمصلحة الوطنية، والحرص على ايجاد بيئة تعاونية، هما من الشروط البديهية لبداية الخروج من الأزمة المتفاقمة التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم!

عندما يأوي بعض المسؤولين الى فراشهم، كي لا أقول الى ضمائرهم لأن الضمائر لا تنام والليل بهيم على البلاد والعباد، تراهم بماذا يفكرون إذا فكّروا، وما الذي تسمعه وساداتهم، ووسادات المسؤولين محط إعترافات وجردة حسابات، تراهم يفكرون فعلاً، لو كان للتفكير من حضور لم يكن للنوم ان يصل اليهم؟

هل يتوارد الى خواطرهم مثلاً ما يحس به الناس،عندما يتم جلدهم يومياً بالحديث عن الحصص، حصة هذا الحزب وذاك الفريق من القالب الحكومي، ونحن في بلد مات الياس الهراوي رحمة الله عليه، وهو يقول “أنه بقرة جفّ ضرعها”، ولكن يبدو أنه لا يزال هناك بعض من حليب أو لحم يجرمونه عن عظامنا؟

بماذا يفكر بعض المسؤولين على إسرّتهم الفخمة، هل يفكرون بهؤلاء اللبنانيين الذين يرتجفون خوفاً من الغد في تخشيباتهم، والذين يسيل الأسى دموعاً ودماء من قلوبهم ومن حولهم أطفال بلا رغيف أو وسادات أو مستقبل؟

بماذا يفكّر بعض المسؤولين في لياليهم الهانئة، هل يفكّرون بهذا المسلسل المخيف من الإفلاسات اليومية، وبصرير الأقفال التي تغلق أبوابها عجزاً وتلقي بعمالها والموظفين في رحمة البطالة والفراغ والغد المتوحش الذي يطبق عليهم، ولا من شغل أو عمل أو مدخول، يشتري رغيفاً ويسدد قسطاً ويستجلب حبة دواء لعجوز تئن عند الزاوية؟

بماذا يفكر بعض المسؤولين، والبلد على حافة أزمة إقتصادية خانقة، ولا أقول أكثر من هذا حرصاً على عدم مساءلتي وكأنني قاتل أو سارق، وهل يتذكر هذا البعض من المسؤولين ما يسمعه يومياً في بلد لم تعد فيه نشرات أخبار تلفزيونية، بل صفحات وفيّات مؤسسات وجدول إضرابات ومطالب شعبية، ولا الصراخ يطعم خبزاً ولا صريف الأسنان يرفع ضيماً؟

بماذا يفكرون، وهل يتذكرون ان هناك دولاً تعهدت مساعدتنا في مؤتمر “سيدر”، وليس لديها الآن بعد كل هذا التعطيل الحكومي، سوى الشفقة علينا نحن حفنة البؤساء… وسامحوني سامحكم الله!

rajeh.khoury@annahar.com.lb

Twitter: @khouryrajeh

اضف رد