قد يكون الحديث عن عودة اللاجئين الى ديارهم مبكرا لان الظروف الامنية والمعيشية ربما لا تسمح حاليا بها، وبعيدا من العودة الفولكلورية لنحو 500 شخص او اقل الى عسال الورد السورية، والكلام عن رغبة مقابلة بالعودة الى عرسال من عائدي الدفعة الاولى بسبب عدم توافر مقومات العيش من ماء وكهرباء ومواد غذائية، فان ثمة اسئلة وتساؤلات بعيدا من الصراع السياسي الداخلي الذي يأخذ بجريرته ملف اللاجئين. وليس صحيحا القول ان الملف سبب الخلاف السياسي القائم، اذ ان الافرقاء اللبنانيين لم يتفقوا يوما، ويفتشون دائما عن اسباب خلافية لخوض معارك تقيهم شر الذوبان وتبقيهم على قيد الحياة السياسية.
والانقسام اللبناني الحالي مضحك الى حد ما بين مزايدين يؤكدون انهم رفضوا اقامة مخيمات لجوء، فتركوا اللاجئين يتغلغلون في كل مدينة وقرية وحي، وبين من اعتبروا السوريين نازحين كأنهم بين اهلهم، خصوصا اذا كانوا معارضين للنظام، واندفعوا في الدفاع عنهم قبل ان يتبين لهم خطر اللجوء وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية وخصوصا الامنية.
وها هم اليوم ينقسمون مجددا حول العودة كأنها حاصلة غداً، وكأن النظام متلهف لاستردادهم بعد غد. فريق يدفع باتجاه حوار مع النظام لاذلال الفريق الآخر ليس اكثر، اذ لا يملك النظام الامكانات المادية لتأمين قوت هؤلاء وسبل عيشهم، في ما عدا حاجته اليهم لتجنيدهم في صفوف العسكر، وفريق يرى في الزامية العودة دفع المعارضين الى احضان النظام لقتلهم وسجنهم، كأنه يدعو لهم بالبقاء الى ان يقرروا بأنفسهم زوال الخطر عنهم، وقد لا يزول ما دام النظام موجودا.
حفلة مزايدات واضاعة للوقت في الوقت الضائع ليس اكثر. ولعل الكلام المفيد في هذا المجال حاليا هو ما أورده الوزير معين المرعبي في مقر الامم المتحدة في جنيف اول من امس حين ذكّر المجتمع الدولي بـ”خطة لبنان للاستجابة للأزمة ” اذ قال: “في عام 2014 تلقينا 47% من اموال النداء الذي اطلقناه. في عام 2015 تلقينا 54%، وفي عام 2016 تلقينا 46% فقط. اما خلال الاشهر السبعة من 2017 فلم نتلق سوى 13% من التمويل… ثم نسمع محادثات حول تقاسم العبء”.
ارقام برسم المسؤولين الامميين والمجتمع الدولي.