اخبار عاجلة
الرئيسية / home slide / “حزب الله” يخسر في البيئات الطائفية اللبنانية… هل نجح في ردع إسرائيل وتثبيت قواعد الاشتباك؟

“حزب الله” يخسر في البيئات الطائفية اللبنانية… هل نجح في ردع إسرائيل وتثبيت قواعد الاشتباك؟

08-08-2021 | 16:31 المصدر: “النهار”

ابراهيم حيدر

مدفعية إسرائيلية تقصف مواقع في جنوب لبنان (أ ف ب).

تشير التطورات الميدانية في #الجنوب اللبناني بعد العملية التي نفذها “#حزب الله” بإطلاق الصواريخ في منطقة مفتوحة في #مزارع شبعا المحتلة رداً على الغارات ال#إسرائيلية، إلى أن الساحة اللبنانية قد دخلت مجدداً في مخاض جديد مرتبط بعوامل خارجية، وتسخينها في شكل متعدد الاتجاهات، وإن كان الامين العام لـ”الحزب” السيد #حسن نصرالله قد اعتبر ان الرد هو لتثبيت قواعد الاشتباك السائدة منذ عام 2006. هذا التسخين الذي نقطته الاساسية الجنوب وتحديداً مزارع شبعا، لا يمكن فصله عما يحدث في المنطقة من انسداد في مفاوضات الملف النووي، إلى ملفات أخرى لها علاقة بالتجديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفل”، وكذلك حسم “حزب الله” بأنه هو المقرر في المسائل الخارجية المتعلقة بلبنان من زاوية المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي وموقعه في سوريا. 

ردّ “حزب الله” في منطقة مزارع شبعا، وهي المنطقة المتصلة بالجولان السوري المحتل. بالنسبة إليه إطلاق الصواريخ يعيد تثبيت قواعد الاشتباك، كونه لم يحدث على الخط الازرق، وقد يكون في جزء منه للقول أن “الحزب” جاهز لأي معركة وأيضاً لحفظ ماء الوجه أمام جمهوره ولشد العصب في أي مواجهة، ولتثبيت “توازن الرعب”. لكن الرد أيضاً لا يقتصر على حسابات داخلية، انما يرتبط بموقع الساحة اللبنانية بالنسبة إلى إيران، وهي ساحة تعتبرها الذراع الأقوى لها في المنطقة ولا تتنازل عنها إطلاقاً، إذ أن مصالحها فيها كبيرة من خلال “حزب الله” اتصالاً بسوريا، ورسائلها منها تعتبر الأكثر تأثيراً. 

النقطة التي أطلق منها “الحزب الصواريخ، تشير إلى أنه يسعى إلى ضبط أي تصعيد يؤدي إلى حرب واسعة في الجنوب، لكن ذلك لا يلغي الاحتمالات الأخرى، إذ أن ما حدث يحمل الكثير من الأخطار لا تتعلق بإطلاق الصواريخ والانقسام اللبناني حولها فقط، إنما في الطريقة التي يدير فيها “حزب الله” عملية المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي وحساباته المرتبطة بالخارج، ويعكس أيضاً ابتعاد البيئات اللبنانية الطائفية المختلفة عنه، وهو ما يزيد منسوب الضغوط عليه. وما حدث في بلدة شويا في قضاء حاصبيا يشير إلى انقسام هذه البيئات حول “حزب الله” ومقاومته، وهي تعكس الاحتقان الداخلي ضد أنشطته ولا يعطيه المشروعية التي كانت قائمة ما قبل العام 2006 حين كان هناك نوع من الحاضنة اللبنانية للمقاومة انكسرت بعد تدخله في سوريا وكذلك سلوكه ومواقفه التي كانت توجه سهام التخوين ضد المعترضين على مشروعه.

 المشكلة أن نصرالله لم يتوقف كثيراً عند هذه الحادثة، وهي التي يجب أن يأخذها الحزب بالاعتبار لأنها تعكس انفكاك البيئات الطائفية اللبنانية عن مشروعه، وإذا كان الامين العام للحزب أشار الى أن الانقسام اللبناني كان قائماً حول المقاومة حتى إبان فترة الإحتلال، فإنه تجاوز تداعيات هذا الانفكاك اللبناني عنه، طالما أن بيئته الخاصة تواصل دعمه، وأصرّ على السير بذهنية الفرض والقوة، ما يؤدي إلى اصطفاف طائفي ومذهبي أكثر حدّة ضد الحزب ومساره ومشروعه الاستراتيجي. 

حتى الآن ورغم التصعيد العسكري وإطلاق الصورايخ، لم تصل الامور إلى حد تفجير الساحة اللبنانية في المواجهة مع إسرائيل، ولذلك حسابات أكبر من مجرد إطلاق صواريخ، فالقصف المتبادل بين إسرائيل و”حزب الله” قد يكون اختباراً أولياً لاحتمالات معركة مفتوحة تعيد ترتيب أوضاع المنطقة خصوصاً إذا ما وصلت المفاوضات الأميركية – الإيرانية غير المباشرة إلى طريق مسدودة، حتى أن “الحزب” اختار الرد في منطقة لا يشملها القرار 1701، فيما يتم تبادل اختيار الاهداف بين إسرائيل و”حزب الله” بدقة ووفق أوقات معينة وفي مناطق مفتوحة، وإن كان بعضها خارج نطاق عمل القوات الدولية أي شمال نهر الليطاني. لكن الخطر من احتمالات الحرب بات أكبر، إذ أن لبنان عاد الى التسخين من بين ساحات الصراع في المنطقة وهو ما يثبته التصعيد والضربات المتبادلة، فيما لم تستهدف إسرائيل مواقع مباشرة لـ”حزب الله” وهذا الاخير لم يستهدف مستوطنات إسرائيلية، وما أُعلن عنه أنه ضرب صواريخ في مزارع شبعا من دون أن يحدد اي نقطة عسكرية استهدفها. وهذا يعني أن التصعيد يُدرج ضمن رسائل متبادلة ولا يشير الى أن هناك حرباً كبيرة على الأبواب. 

النقطة المهمة في تقييم رد “حزب الله” الصاروخي، تشير إلى أنه لم يكن على مستوى عسكري محترف، وهو بالنسبة إلى خبراء، يعتبر فاشلاً من المنظور الحربي والتكتيكي، بغض النظر عن هدفه السياسي وابعاده الإقليمية. فإذا كان نجح الحزب في عدم الانجرار إلى تغيير قواعد الاشتباك، وتثبيت ما يسميه بمعادلة الردع، إلا أنه لا يعكس قدراته الصاروخية التي يتحدث عنها ومنها الصواريخ الدقيقة التي تصيب أهدافاً في العمق. فإطلاق الصواريخ من راجمة تستخدم منذ السبعينات وتحمل صواريخ غراد 122 ومن سيارة مدنية، لم تؤد وظيفتها العسكرية الميدانية، إذ سقط جزء من الصواريخ في منطقة لبنانية وأخرى أسقطتها القبة الحديد الإسرائيلية والباقي سقط في مناطق مفتوحة، لكن الهدف كان وفق نصرالله هو تثبيت معادلة الردع، اي أنه لم يستخدم صواريخ أكثر تطوراً لعدم زيادة منسوب التصعيد وصولاً إلى تغيير قواعد الاشتباك نحو حرب مفتوحة. 

هناك ما تغيّر بعد 6 آب. والتغيير ينسحب على جبهة الجنوب واحتمالاتها وأيضاً على موقع “حزب الله” في الداخل اللبناني ولدى البيئات الطائفية التي عبّرت عن حال الرفض ضد الحزب بعدما كانت في زمن مضى تشكل حاضنة للمقاومة. والاحتقان ضد مشروع الحزب يأخذ اصطفافات شيعية – درزية وشيعية – سنية وأيضاً شيعية – مسيحية، وتذكر بمرحلة الحرب الاهلية ومشاهدها المقززة والفرز الطائفي، وهو ما يعني أن “حزب الله” يخسر في البيئات الطائفية اللبنانية الاخرى، لكنه لا يكترث ويرفض ما يعتبره ممارسة المزيد من الضغط عليه، ويواصل توسيع نطاق عمله ويترك خلفه كل شيء انطلاقاً من معادلة “الصراع مع إسرائيل”، وهو الذي يقرر فيها بفائض قوته، ومنها في التفاوض حول أي ملف في لبنان، ولا ياخذ بالاعتبار كيفية إصلاح وضعه وموقعه اللبناني الداخلي، ويستمر بممارسة الفرض والقوة بعيداً من حسابات الوطنية اللبنانية ومناعتها الأساسية للمقاومة. أما نقطة ضعفه، فهي أن اللبنانيين غير مستعدين اليوم لتغطية أي حرب برسائل إقليمية… 

ibrahim.haidar@annahar.com.lbTwitter: @ihaidar62