هنا لبنان houna loubnan
17-05-2021 | 00:27 المصدر: النهار
متظاهرون يتسلّقون جدار الإسمنت الفاصل عند الحدود الجنوبية في العديسة (نبيل اسماعيل).
على رغم المخاوف التي اثارها التصعيد ال#اسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة من امتداد محتمل الى لبنان بناء على حسابات معينة او نتيجة اخطاء غير محسوبة، ساد اقتناع بان “#حزب الله” سيحاذر الانزلاق الى ما قد يعتبره فخا او استدراجا له في هذه المرحلة الخطيرة التي يراها استهدافا له بما قد يؤدي الى انهاء قدراته او اضعافها ايا يكن الضرر الذي يمكن ان يلحق باسرائيل.
كانت اي مواجهة محتملة لتقدم هدية مهمة جدا ليس لاسرائيل فحسب بل لافرقاء كثر سيرون الفرصة المناسبة لانهاء وضع شاذ ولم يعد محتملا في لبنان بوجود دويلة الحزب التي ساهمت في تقويض كيان البلد ومرتكزاته في الوقت الذي يمكن ان تقوض المواجهة اهم الاذرع الايرانية في المنطقة ما سيؤدي تاليا الى تقويض مرتكزات الواقع الايراني بالذات بغض النظر عن الاضرار الجانبية في كل الاتجاهات. كان لفت معنيين سياسيين وديبلوماسيين موقف اخير لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد قبل ايام قليلة من التصعيد الاسرائيلي بدءا من القدس قال فيه ان “ما نواجهه من ازمة في لبنان مفتعلة يراد منها ليّ ذراع المقاومة تنتهي الى الفشل الذريع والى اعادة الحسابات ومراجعة الخطط واستئناف المفاوضات للعودة الى الاتفاقات السابقة والرضوخ الى ارادة امتنا في حقها في ان تكون قوية سيدة، قادرة، حرة بأن تقدم اطروحتها الانسانية لادارة شؤون المجتمعات كما اراد الاخرون ان يقدموا اطروحتهم”. فحتى الان كانت الازمة الانهيارية المتصاعدة في لبنان مرتبطة بعوامل مختلفة يتبادلها اهل الطبقة السياسية فيما يبدو الحزب منصرفا الى تحصين نفسه بناء على ما اعتبره منذ انطلاق الانتفاضة في 17 تشرين الاول 2019 تهديدا له وما اعتبرته ايران كذلك ايضا بناء على انطلاق تحركات شعبية في كل من لبنان والعراق مناهضة للسلطات في كل منهما اعتبرتها ايران والحزب موجهة ضدهما.
وفي خضم ازمة #تاليف الحكومة العتيدة حيث تبرز اشكالية العلاقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره السياسي مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ينأى الحزب ظاهريا بنفسه عن واقع انه جزء من الازمة ليفاجىء البعض بان الازمة وكما قال رعد “مفتعلة” وتستهدف “لي ذراع المقاومة”. وهذا في ذاته يكشف اسبابا واقعية وراء استمرار المعاندة العونية التي لها اعتباراتها الشخصية المتصلة باعادة تعويم النائب جبران باسيل سياسيا نتيجة الفشل في ادارة توازنات اقليمية ودولية والعنجهية في الاعتقاد بالقدرة على تجاوز ذلك ما ادى الى انهيار لبنان. ولكنها تعبر في الوقت نفسه عن الاسباب العميقة التي تحول دون تجاوب الحزب مع تسهيل تأليف حكومة اختصاصيين من شأنها ان تبعده عن الحضور المباشر في الحكومة بضغط دولي بحيث قد يعتبرها الخارج خطوة اولى على طريق اضعاف سيطرة الحزب على الحكومة على نحو مباشر. وذلك فيما ان اي دعم عربي او خليجي او اوروبي، لن يكون متاحا الا بحكومة بعيدة عن التأثير المباشر للاحزاب وفي مقدمها “حزب الله” او نتيجة مباشرة لابعاد او اخراج لبنان من المحور الايراني. وتاليا فان انهيار لبنان كأزمة يراد منها فقط “لي ذراع المقاومة” بحسب رعد، يعني في المقابل اقامة تحدي مقابل يقضي بعدم ممانعة هذا الانهيار، في حال كانت اسبابه خارجية وهي ليست كذلك، بل والتسبب بالمزيد منه حفاظا على “المقاومة”.
لم يسبق بالنسبة الى المراقبين المعنيين ان كانت الامور واضحة وصريحة على هذا النحو في ظل مبادرة فرنسية مدعومة دوليا وانما مشوبة بعيب التغاضي عن دور الحزب ومسؤوليته لاعتبارات فرنسية، وباتت تستهدف المعرقلين المباشرين فيما ان هناك “فيلا كبيرا” في الغرفة. وهذا الفيل هو الحزب بما يمثله من نفوذ اقليمي وسيطرة على القرار المحلي بحيث ان الكلام عن عدم وجود تغطية داخلية لاي حرب بالاستناد الى الاستياء الكبير الذي اثاره اطلاق صواريخ من الجنوب لا معنى له ما دامت تتم التضحية بلبنان ككل لمصلحة عدم تقديم اي تنازل من اي نوع كان في هذه المرحلة بالتزامن مع مفاوضات الاتفاق النووي.
اذ سبق للامين العام للحزب السيد حسن نصرالله ان اكد ان بيئته ستبقى محصنة ومتمكنة على غير ما قد يواجهه لبنان كله في الانهيار المالي والاقتصادي ويشكل التهريب عبر الحدود الى سوريا على رغم الضائقة المأسوية في لبنان وعدم منعه ذلك عبر المعابر التي يسيطرعليها بذرائع امنية خدمة للنظام السوري دليلا بارزا وقويا على استهانته بلبنان ومعاناة شعبه لمصلحة مصالح اقليمية تكتسب اولوية لديه. وفيما يدرك الجميع ذلك ويأخذ العهد وفريقه على عاتقه تغطية الاسباب الحقيقية العميقة الداعمة لعرقلته تأليف الحكومة، فان ثمة خشية كبيرة من استمرار الكباش الاقليمي الدولي وليس المحلي فقط في ظل الضغوط لتأليف حكومة لا يقبل الخارج ان تعيد تكرار النماذج الحكومية السابقة الفاشلة والمعطلة في موازاة عقوبات تستمر في استهداف الحزب على رغم الحوار الاميركي مع ايران والذي سيؤدي الى رفع عقوبات كثيرة عنها على نحو مناقض للمقاربة المعتمدة معها، كما تستهدف حلفاءه الذين يشكلون اداة تغطية لاهدافه ما يساهم في تعطيلهم كذلك. وكانت العقوبات الجديدة التي استهدفت 7 اشخاص على صلة بتحصين الوضع المالي للحزب اجراءً لافتا في مقابل خطوة للنمسا بتصنيفه ارهابيا بشقيه العسكري والسياسي بموازاة الخطوة الاميركية. وهذا على الاقل مؤشر بالنسبة الى المراقبين المعنيين ان ليس من تراجع في المقاربة الخارجية بل على العكس من ذلك لا سيما ان الضرر الكبير لحق بلبنان واللبنانيين بحيث لم يعد في الامكان العودة الى الوراء في ظل هذا المعطى بل الاستمرار في الضغط الى الاقصى اقله في المدى المنظور.
rosana.boumonsef@annahar.com.lb
