31-03-2023 | 00:15 المصدر: “النهار”

من أمام قصر بعبدا (تعبيرية).
تقر مصادر على صلة وثيقة ب#الثنائي الشيعي بأن المناهضين لخياره الرئاسي قد نجحوا خلال الساعات والأيام الماضية في بسط سيطرتهم على الفضاء الإعلامي المكتوب والمرئيّ، وملأوا فراغه بفرضية يسعون الى تكريسها وهي أن كل الدروب الداخلية والخارجية مسدودة تماماً أمام وصول مرشحه المعلن زعيم تيار المردة #سليمان فرنجية الى قصر بعبدا.
وفي مقابل رحلة ترسيخ هذا الاعتقاد وتصويره على أنه معطى ثابت لا يقبل التبدّل والتحوّل، يسعى هؤلاء أنفسهم الى ترسيخ اعتقاد آخر عنوانه أن البحث عن المرشح الثالث بديلاً توافقياً قد قطع شوطاً بعيداً الى درجة أنه بلغ نهايته وقد بات محصوراً بين اسمين اثنين هما الوزير السابق جهاد أزعور والوزير السابق زياد بارود، وأن كفة الأول هي الأرجح لكون صاحبه خبيراً اقتصادياً – مالياً تشهد له المحافل الاقتصادية العالمية بإمكانه أن يصير مركز استقطاب وثقة للداخل الباحث عن مرشح من خارج المرحلة الماضية التي شيطنت تماماً، وللخارج الباحث عن اسم غير مجرّب يكون لطرحه صدى ودويّ وعنصر صدمة إيجابية.
وبناءً على ذلك لم يكن مستغرباً لبعض العالمين أن يسارع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى التخلي عن أسماء رشحها سابقاً مثل ناجي البستاني والنائب السابق صلاح حنين وقائد الجيش وآخرهم شبلي الملاط، ويدعو في موقف أصدره أخيراً الى “تسوية ورئيس يعطي أملاً في إصلاح جدي” وهو ما بات يروّج أن أحداً لن يجدها في غير أزعور.
واستكمالاً يلحظ “#حزب الله” أن خصومه يبذلون جهداً استثنائياً لكي يضعوه في موضع الأسر للاستحقاق الرئاسي ومتمّماته الإنقاذية في قفص الترشيح الحصري لفرنجية للرئاسة والامتناع عن الأخذ بأي عروض أخرى. وهذا ما يعني للحزب أن الحملة نفسها عليه ستتصاعد في مقبل الأيام بتهمة عرقلة الاستحقاق الرئاسي لأنه يقف على ضفة فيما كل الآخرين يقفون على الضفة النقيض.
والسؤال المطروح تلقائياً في هذه الحال: ما هي قدرة الحزب على الصمود والمواجهة في وجه هذه الحملة التي تُشنّ عليه؟ واستطراداً كيف سيقنع حلفاءه وجمهوره بأنه ما برح بمقدوره المواجهة أولاً ومن ثم إيصال مرشحه الى سدة الرئاسة الأولى حيث تكاد تنعدم لديه الوقائع الداعمة لهذا الخيار الصعب وفي مقدمها فقدان الدعم المسيحي الوازن الذي يُعتدّ به والذي سيؤمن له شرعية معقولة في طائفته؟
للحزب ردّه على هذه التساؤلات إذ يقول مصدر مقرب منه إنه لا بد ابتداءً من الإشارة الى أن هذا الاتجاه الإعلامي يبدو متهوراً الى درجة أنه يمارس سيناريوهات تنطوي على قدر كبير من قلب الحقائق والوقائع. ويضيف المصدر عينه أن الإعلام عينه أسهب في الساعات الماضية في الحديث عن مؤتمر وشيك في القاهرة يكون على شاكلة مؤتمر الدوحة يفترض أن يضم أيضاً الأطراف الخمسة التي اجتمعت أكثر من مرة في باريس أخيراً بقصد معالجة الملف اللبناني حصراً على أن تنضم إليه طهران. وتكون نتيجته فرض تسوية متكاملة على لبنان ولم يطل الوقت حتى تبيّن بالدليل أن لا أساس لهذا كله فسحب الأمر من التداول سريعاً.
ويستطرد المصدر عينه: لكي نضع الأمور في نصابها من دون زيادة أو نقصان لا بد من الإضاءة على هذه المعطيات وأخذها في الاعتبار:
– من المبكر جداً تقبّل ما يروّج له بعض الإعلام بأن التسوية الرئاسية على وشك أن تُحسم ويماط اللثام عنها، فالمعطيات المتوفرة تشير الى أن الأمور تحتاج لشهرين حداً أدنى لكي يمكن أن يقال إن الأمور قد أخذت طريقها أخيراً الى الحسم.
وهذه المهلة ضرورية لاعتبارين الاول أن اتفاق بكين (المصالحة السعودية – الايرانية) هو نقلة نوعية تحتاج حتماً الى زمن لكي يتم التكيف معها من كلا طرفيها.
وحسب المعطيات المتوفرة عند دوائر في الحزب فإن هذا هو جوهر الرسالة التي نقلها السفير السعودي وليد بخاري الى بعض القيادات ومن أبرزها رئيس حزب القوات اللبنانية وجوهر دعوته الى التعامل بواقعية مع مفاعيل هذا المستجد.
– ثمة وقائع أخرى يسعى خصوم الحزب الى طمسها والقفز فوقها إذ إنهم ينطلقون في تحليلهم ورؤيتهم من فرضية أن باريس قد بدلت مواقفها المعروفة وطوت صفحة تقبل فرنجية رئيساً فيما المعطيات المتوفرة لدى الحزب تشير الى العكس.
– وفي الموازاة فإن الاميركيين لم يبارحوا موقفهم الراصد والمترقب.
– وأكثر من ذلك فإن الحديث عن دور مصري – قطري حاسم سيظهر قريباً يتناغم مع موقف خصوم الحزب هو حديث غير واقعي.
وفيما يتصرف المحيطون بفرنجية على أساس أن الأمر محسوم له في نهاية المطاف وإن طال الوقت وأن المسافة بينه وبين بعبدا تقصر يوماً بعد يوم فإن “حزب الله” يتصرف على أساس أن معركة الاستحقاق ومنازلاتها ما زالت في مطالعها وتحتاج الى رويّة وحكمة في إدارتها لأن الآخرين يمارسون “لعبة استعجال وتهويل” بعد اتفاق بكين لأنه جعلهم في وضع ضبابي أو في حال من اللايقين.
وفي هذا الإطار أتى حديث أدلى به أخيرا نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم وتحدث فيه صراحة عن أن الحزب قطع مرحلتين في مقاربة هذا الاستحقاق وأنه صار في المرحلة الثالثة والأخيرة. أما المرحلة الاولى فهي مرحلة لم يكن الحزب فيها منخرطاً مباشرة في الملف إذ أخذ وقتاً كافياً وهو يطلق خطاباً عاماً فحواه أن تعالوا الى كلمة سواء أي التحاور حول مرشح توافقي ما دمنا كلنا لا نملك أكثرية الحسم والترجيح. وفي المرحلة الثانية انتقل الحزب الى الحديث عن المواصفات التي يرى ضرورة توفرها في الذي سيسكن قصر بعبدا لست سنوات مقبلة ومنها أن يكون توافقياً وأن “لا يطعن الحزب في ظهره”.
أما المرحلة الثالثة والأخيرة فهي الانخراط التام في المعركة على أساس تسمية المرشح الذي يطمئن إليه الحزب ويثق به مستقبلاً وهو فرنجية.
وبناءً على ذلك فإن الاستنتاج النهائي لدى الحزب أنه خلافاً لكل ما أشيع فإن المعركة عند الحزب ما زالت في ذروتها وتحتاج الى وقت لكي يتبيّن فيها الرابح من الخاسر.
الكلمات الدال