10-05-2021 | 00:02 المصدر: النهار


حرب تسريبات الى جانب المواجهات السياسية
تفرّدت صحيفة خليجية قبل ايام بإيراد رواية مفادها ان رئيس مجلس النواب #نبيه بري اتصل اخيرا بقيادة “#حزب الله” عبر قنوات الاتصال والتواصل المعهودة، ناقلاً اليها باسمه وباسم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، واستتباعا تلقائيا باسم “تيار المستقبل” واسم كتلة نيابية مسيحية مستقلة وازنة، ما يشبه التحذير من ان هذا الائتلاف العريض قد صار على جهوزية للانتقال الفوري الى صفوف المعارضة اذا ما أصر الحزب على دعمه للعهد وتياره الحاضن برئاسة النائب جبران باسيل، واذا ما مضى سيد العهد في خيار بديل من الحريري، اي تكليف شخصية اخرى رئاسة الحكومة، وان الحزب ردّ بانه متمسك بالحريري حصراً لهذه المهمة. لن يجد الراصدون والاعلاميون في اوساط الحزب أو في أروقة مقر عين التينة مَن يعقب على هذه الرواية فيثبت صحة ما تضمنته أو يدحض وينفي ما انطوت عليه، ليس لان المصادر المعنية قاصرة عن جلاء الغموض والالتباس، بل لان الرواية تأتي في سياق ذي وظيفة محددة. فمنذ ايام تشهد الكواليس السياسية والاعلامية، وتحديدا منذ ان أماطت باريس اللثام عن نبأ اعتزام وزير خارجيتها جان – ايف لودريان زيارة بيروت بهدف معلَن هو بعث الروح في جسد مبادرتها، “حرب تسريبات” اعلامية ترادف المواجهات السياسية المتوالية منذ 17 تشرين الاول عام 2019، هي في العمق عبارة عن مواجهات بديلة او استكمالية وتمثّل في جانب من جوانبها عجز الاطراف المعنيين عن الحسم والخروج من عنق زجاجة الازمة والمضي نحو فناء الحلول الواعدة والانفراجات. وعليه، فان الرواية الصحافية المذكورة، وبصرف النظر عن دقتها، هي في نظر المتابعين اكثر مظاهر “حرب التسريبات” اثارة في نطاق الحديث الذي اقتحم فجأة دائرة الضوء عن إمكان تخلّي الرئيس الحريري عن تكليفه تأليف الحكومة. اللافت ان بعض المحيطين بـ”بيت الوسط” هم من أوحى بترويج نبأ العزوف عن التأليف، في ما بدا ذلك كأنه ينطوي في هذا التوقيت بالذات على الآتي:- رسالة اعتراض مسبقة الى الجانب الفرنسي بان عليه عدم المضي قدماً في تحميل الحريري المسؤولية الاكبرعن الحيلولة دون تأليف الحكومة العتيدة، والكفّ عن فكرة الجمع بينه وبين رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل. – العمل على ايقاع العهد وفريقه ومَن اختار محالفته في حال من الارباك السياسي، لان الجميع يعلم ان فريق الرئاسة الاولى لا يملك ترف الوقت والقدرة على ايجاد بدائل من الرئيس المكلف تكون مصدر ثقة وإقناع للداخل والخارج على حد سواء. – دفع الفريق السياسي الذي ابدى حماسة منقطعة النظير لاعادة الحريري الى المنصب الذي تخلى عنه بعد اطلاق الحراك الشعبي الى التحرك وابداء المساندة والدعم. ولم يعد خافياً ان اركان هذا الفريق العريض، وفي مقدمهم الرئيس بري، قد بدوا في الاسابيع الأخيرة وكأنهم خارج المشهد، لاسيما بعدما ظهر جنبلاط فجأة في قصر بعبدا داعيا الى “تسوية” وكأنه يعلن انتقاله الى خيار آخر. لذا فان هذا الصمت والسكون من جانب اركان هذا الفريق يترك الميدان لفريق العهد ويظهر الحريري في موقع المستفرد، أو على الاقل جعل المواجهة وكأنها بينه وبين قصر بعبدا حصراً. وواقع الحال هذا لم يكن ليناسب اطلاقا الحريري الذي يتصرف من منطلق انه رأس حربة لمنظومة سياسية اصيلة لها تقاليدها وحساباتها الراسخة في مواجهة منظومة اخرى تسعى لتكريس قواعد لعبة سياسية مختلفة. واللافت ان “حزب الله” تنبَّه منذ البداية الى ماورائيات هذه الحرب البديلة فبادر الى امرين: الاول، تكرار الاعلان انه ليس في وارد التخلي عن خيار تسمية الحريري لهذه المهمة. الثاني، كشف منذ البداية انه غير مقتنع بفرضية وتسريبة ان الحريري في وارد التخلي الطوعي عن تكليفه، معلناً انه (أي الحريري) لن يذهب الى هذا الاحتمال إلا في سياق تسوية كبرى في الاقليم تضمن له بشكل أو بآخر حصة معينة، فالرجل ليس من النوع الذي يستسلم بسهولة، بل أعدّ نفسه لجبه حملة الضغوط الشديدة الوطأة التي شُنت عليه، فضلاً عن ادراكه ان ثمة مسعى جدياً يرمي الى شطبه نهائيا من المعادلة. وعليه، يتوقع الحزب ان تعود المواجهات عقب مغادرة لودريان مطار بيروت بين طرفَي التأليف سيرتها الاولى من الحدة والحماوة، بل ربما أشد وأمرّ، مما يعني ان الازمة الى تصعيد وتعقيد.