غسان حجار
النهار
18122018
نجح رئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطية في إحداث صدمة ايجابية لدى “الأوادم” في لبنان، وولَّد نقزة لدى كل الآخرين، وهم كثر.
والقاضي عطية سيكون أمام خيارين: الأول أن يكتفي بما حقّقه من الصدمة والنقزة وأن يتوقف عن متابعة الطريق الوعرة والمليئة بالأشواك، فيترك للتاريخ الموقف الذي سجَّله، ويرمي لائمة “الفشل” أو التراجع على غيره في دولة ينخرها الفساد منذ القدم وفي كل القطاعات. ويكون كمن أرضى ربَّه بموقف شجاع، وأبعد عنه “تهمة” عدم القيام بالواجب، وعدم تفعيل التفتيش المركزي، ويريح نفسه من عناء مواجهة الفاسدين، وهم أهل السلطة أولاً، وثانياً أتباعهم وأزلامهم الذين يحظون بالغطاء السياسي لإتمام أعمالهم الفاسدة وإفساد مَن حولهم. وما الحركة التي أقدم عليها النائب السابق وليد جنبلاط قبل مدة برفضه معاقبة ضابط درزي في قوى الأمن الداخلي متهم بالفساد، وتوفير الغطاء السياسي الداعم له، إلا أحد الأمثلة على فساد المسؤولين.
وخطوة جنبلاط ليست يتيمة، فقد سبقه إليها معظم مسؤولي الصف الأول، لكن الفارق أن جنبلاط تحدث عنها علناً، أو ربما دُفِع الى الحديث عنها بسبب الحصار السياسي الذي يلفّه من قوى 8 آذار “الحريصة” على التشهير به باستمرار عبر أدوات مختلفة، رغم الإرادة السياسية بالمحافظة عليه لأنه صمام أمان داخل المجتمع الدرزي، وفي التوازنات الوطنية القائمة.
أما الخيار الثاني للقاضي جورج عطية فهو المضي في المواجهة الى الحد الأقصى الممكن مع ما يحمله هذا المسار من مخاطر وحصار وتضييق عليه من القوى المتضررة مجتمعة، أو بالأحرى من القوى المستفيدة من منظومة الفساد. والمخاطر ليست جسدية هنا، إنما هي محاولات الإفشال، وهي قائمة، تارة بالسياسة، كمثل جنبلاط في عدم رفعه الغطاء عن متهم، أو بالإدارة عندما تقفل أمامه أبواب مصادر المعلومات، وتمتنع جهات أمنية وقضائية عن مساعدته في التحقيق والاستقصاء للوصول الى معطيات حقيقية تصدر بموجبها أحكام التبرئة أو الإدانة.
في الواقع، القاضي عطية في وضع لا يُحسد عليه بعد مؤتمره الصحافي، لكنه أيضاً وَضَع كل السياسيين في وضع لا يحسدون عليه، فإما أن يوفّروا له الدعم الحقيقي، او يتأكد فسادهم ما يستوجب نبذهم.
ghassan.hajjar@annahar.com.lb / Twitter: @ghassanhajjar